شبكة ذي قار
عـاجـل











لقد آمن البعث منذ ميلاده مطلع أربعينيات القرن الماضي بأنه كحزب شعبي لا يمكن لكفاحه أن يثمر بدون العمل مع القوى السياسية الأخرى لتحقيق أهداف الشعب والأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية.

ويحسب للبعث في العراق أنه لم يتخلف عن معارك الشعب النضالية ضد الاستعمار والاستبداد، وقد تجلى ذلك بوضوح في مشاركته ( رغم أنه ما زال في بداية كفاحه السياسي ) في انتفاضتي كانون الثاني عام ١٩٤٨ وتشرين الثاني عام ١٩٥٢، وقد أشادت الجماهير بالحزب لكونه كان مندمجاً مع الجماهير ولم يحاول حرف الحراك الشعبي أو السيطرة عليه برفع شعارت متطرفة لا تنتمي لمطالب الشعب مثلما فعلت بعض القوى السياسية الأخرى.

وقد بدأ البعث في عمله الجبهوي قبل عام ونصف من عقد مؤتمره القطري الأول نهاية عام ١٩٥٥ حيث أعلن البعث دعمه للجبهة الوطنية المتحدة التي صدر بيانها التأسيسي في الثاني عشر من أيار عام ١٩٥٤ إلا أنه لم ينضم إليها لرفضه ترشيح كوادره للمنافسة في انتخابات اعتادت السلطة على تزويرها، وبالتالي فهي لا تمثل إرادة الشعب كما أن لديه ملاحظات بالغة الأهمية حول بعض مرشحي الجبهة للانتخابات، ولكن لم يرغب البعث في الخروج على الاجماع الوطني، فطلبت القيادة من كوادر الحزب دعم مرشحي الجبهة للانتخابات النيابية المشهود لهم بالوطنية والنزاهة والامتناع عن دعم من تحوم حوله الشبهات.

وكان للبعث حضور لافت في الانتفاضة التشرينية عام ١٩٥٦ وهو من بادر لإقناع القوى السياسية للائتلاف في جبهة واحدة، عرفت باسم جبهة الاتحاد الوطني، والتي صدر بيانها الأول في التاسع من آذار عام ١٩٥٧، وكان للبعث الدور الريادي في التنسيق مع تنظيم الضباط الأحرار بحكم تواجده في التنظيم وقد أدى هذا التعاون ما بين الجبهة والتنظيم في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز عام ١٩٥٨ التي أطاحت بالنظام الملكي وأعلنت الجمهورية في العراق.

ولكن لم تمضِ سوى بضعة أشهر حتى انفرط عقد جبهة الاتحاد الوطني بسبب دعم القوى الشعوبية لسياسات عبد الكريم قاسم المعادية للشعب وقواه الوطنية والقومية الوحدوية، وكان البعث السباق لجمع القوى القومية في ائتلاف سياسي، عرف باسم التجمع القومي الذي انفرط عقده بعد مجازر الموصل التي ارتكبها النظام القاسمي الشعوبي بعد فشل ثورة الثامن من آذار عام ١٩٥٩.

وفي عام ١٩٦٠ دعا البعث لقيام الجبهة القومية كإطار جامع للقوى القومية الفاعلة على أرض الواقع للنضال ضد الحكم القاسمي الشعوبي والاستفادة من أخطاء المرحلة السابقة، وقد نجح البعث بتفجير ثورة الثامن من شباط عام ١٩٦٣ التي أطاحت بنظام عبد الكريم قاسم، وقد حاول البعث رغم العراقيل والتجاذبات السياسية الحفاظ على وحدة الجبهة القومية التي استمرت حتى وقوع ردة الثامن عشر من تشرين الثاني عام ١٩٦٣ حيث انفرط عقد الجبهة.

ورغم أن البعث قام لوحده بتفجير ثورة السابع عشر - الثلاثين من تموز عام ١٩٦٨ التي قوضت النظام العارفي التشريني إلا أنه منذ اليوم الأول أشرك عدداً من الشخصيات التي تمثل القوميين التقدميين والديمقراطيين المستقلين والحركة الكردية في الحكومة والسلطة السياسية.

إلا أن طموح البعث كان أكبر من مجرد تمثيل القوى السياسية في الدولة، حيث أعلنت القيادة مراراً وتكراراً رغبتها الصادقة والجدية بقيام الجبهة الوطنية والقومية التقدمية التي انبثقت عشية الذكرى الخامسة لثورة السابع عشر من تموز عام ١٩٧٣ بعد أن مهد لقيامها ميثاق العمل الوطني الذي أصدره مجلس قيادة الثورة في الخامس عشر من تشرين الثاني عام ١٩٧١ واستمرت الجبهة قائمة حتى الاحتلال الأمريكي للعراق في نيسان عام ٢٠٠٣.

وقد حاولت سلطة البعث زيادة المشاركة الشعبية بإصدارها قانون الأحزاب السياسية عام ١٩٩١ كما فتحت الباب للقوى المناهضة للعدوان والحصار لتناضل من الداخل.

وبعد الاحتلال كان البعث من المساهمين في قيام الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية في بغداد مطلع عام ٢٠٠٥ والتي اتخذت بعد مؤتمرها الحادي عشر في الثامن عشر من نيسان عام ٢٠١٧ تسمية الجبهة الوطنية العراقية تماشياً مع المستجدات الطارئة في المشهد السياسي العراقي.

وما تزال القوى الوطنية وفي طليعتها البعث تناضل لتحرير العراق من الاحتلال الإيراني وعملائه، مسنودةً بالتفاف جماهير الشعب الثائرة ضد حكم الفساد والتبعية حولها.

وما ضاع حق وراءه مطالب.





السبت ٨ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب فهد الهزاع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة