شبكة ذي قار
عـاجـل











الاول من حزبران لثمانية واربعين سنة خلت ،كان العراق ومعه امته العربية على موعد مع حدث تاريخي ، فاجأ كثيرين وخاصة الكارتلات النفطية الكبرى ،التي راهنت على استحضار تجربة مصدق في ايران ،لتقدير منها ان القرار الوطني بتأميم النفط العراقي لن تتوفر له شروط ومقومات الحماية ، وبالتالي فان النظام سوف يسقط قبل ان يصل وفد الشركة البريطانية الذي كان يفاوض في بغداد الى لندن.لان قرار العراق بتأميم نفطه هو بنظرها تجاوز لما كانت تعتبره خطوطاً حمراء.لكن مالم تدركه الكارتلات النفطية ،ان القيادة السياسية في العراق التي اتخذت قرارها في الاول من حزيران اتخذت كل الاحتياطات اللازمة لحماية قرار التأميم شعبياً وسياسيا ولجهة الانتاج او لجهة التسويق.لقد نجح العراق في خطوته الجبارة التي ترجمت الشعار القومي "نفط العرب للعرب "،الى واقع حسي ملموس.واهمية القرار التاريخي بتأميم النفط انطوت على ثلاثة ابعاد استراتيجية.

البعد الاول ، انه حرر ثروة العراق من هيمنة وسيطرة القوى الاستعمارية.

البعد الثاني ، انه وظف مردود هذه الثروة في خدمة اهداف الثورة ،لاطلاق المشروع النهضوي الشامل والذي انعكس في كل مجالات الحياة.البعد الثالث ، انه قدم تجربة رائدة للدول المنتجة للنفط ولا تمارس سيادتها على ثروتها النفطية ،لان تحذو حذو العراق في امتلاكه لثرواته الطبيعية وتوظيف مردودها في خدمة مشاريع الانماء البشري والاقتصادي.ان قرار تأميم نفط العراق ،هو قرار اتخذته ثورة كانت ماتزال طرية العود ،لكن ماوفر معطى نجاح القرار هو الارادة الثورية الصلبة التي فاوضت وادارت المعركة بكفاءة واقتدار كما كل المعارك التي خاضتها مع اعداء الامة المتعددي المشارب والمواقع وابرزها هزيمة العدوانية الايرانية في القادسية الثانية والصمود في مواجهة العدوان الثلاثيني ومقاومة الحصار الظالم ومواجهة الغزو والاحتلال واطلاق المقاومة الوطنية التي خطت صفحتها الاولى بطرد المحتل الاميركي وتخط الصفحة الثانية لطرد اامحتل الايراني وكل ماافرزه الاحتلال من عملية سياسية تديرها منظومة مغرقة في فسادها وترتهن لنظام الملالي في طهران.

ان القوى الاستعمارية التي لم تستطع ان تجهض قرار التأميم في حينه ولم تستطع ان تسقط تجربة مصدق على واقع العراق بعد تأميم نفطه ،لم توفر وسيلة الا ولجأت اليها للرد على قرار التأميم.ولذا كان العدوان الثلاثيني ومن بعده الحصار والغزو والاحتلال ثأراً متأخراً من العراق على ما اقدم عليه في الاول من حزيران عام ١٩٧٢.

هذا مايجب ان يكون واضحاً تمام الوضوح ،فالعدوان المتعدد الاشكال الذي تعرض له العراق بعد تأميم نفطه ،كان يهدف الى اسقاط النظام الوطني الذي اتخذ قراره ووفر له سبل الحماية ، وتدمير دولة العراق الوطنية ،وتفكيك نسيجه الاجتماعي واطلاق الغرائزية الطائفية وتسليم مقاليد الامور لمرتزقة وفاسدين وناهبين للمال العام.لكن العراق الذي انتصر في معركة التأميم سينتصر في معركة التحرير والتوحيد وحماية الهوية القومية للعراق ، وما حققته مقاومته البطلة وانتفاضة شعبه المتواصلة فصولاً هي من سيكتب تاريخ العراق الجديد اامتحرر من كل اشكال الاحتلال والهيمنة واللصوصية، وله في ايامه المجيدة ومنها يوم التأميم خير معين يعود اليه ليستمد من دلالاته ومعطياته زخماً نضالياً يستند اليه وهو يعيد العراق الى سابق عهده الوطني ،عهد الثورة الوطنية بكل مضامين مشروعها النهضوي وبكل ابعادها القومية.





الاربعاء ١٢ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر السياسي - طليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة