شبكة ذي قار
عـاجـل










لقد رفع البعثيون الأوائل فور تشكيل النواة الأولى للبعث نهاية عام ١٩٤٠ أهدافهم الخالدة وهي : الوحدة والحرية والاشتراكية، لأن مصائب الوطن العربي الكبرى وأزماته جميعاً ما هي إلا نتائج غياب هذه الأهداف الثلاثة.

فالاشتراكية حتى لو تم تطبيقها في قطر عربي واحد لن تحقق العدالة الاجتماعية المنشودة للشعب بغياب الحرية، ولا يمكن أن ينال الشعب تحرره التام وهو معزول عن الأمة ويفتقد الوحدة.

اذا كان اندماج الأقطار العربية في كيان سياسي واحد هو أعلى درجات الوحدة المنشودة، فإن أدنى درجاتها أن يؤمن المواطن العربي بأنه ينتمي لأمة واحدة، وأن القطر الذي يحمل جنسيته هو جزء من وطن كبير هو الوطن العربي الواحد؛ وبالتالي فإن ما يقع على أخوته في الأقطار الأخرى من ضرر يؤثر عليه بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن انعزاله عن قضايا الأمة لا يحميه من دائرة الخطر بل يقربها منه.

وعلى هذا الأساس اعتبر البعث الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والاسباني عدواً للعرب جميعاً، وأن مطلب جماهير الأمة الأساسي هو تحررها التام من نفوذ المستعمرين.

لقد أدرك البعث مبكراً خصوصية الوضع في فلسطين، لأن المشكلة ليست أن هناك احتلال أجنبي فحسب؛ بل أن المحتل الصهيوني يمارس عملية التغيير الديمغرافي باسم الدين، وذلك بتهجير الفلسطينيين من أرضهم واحلال اليهود من شتى بقاع العالم مكانهم بذريعة أنها أرض اليهود الموعودة على حد زعمه.

ومن هذا المنطلق كان البعث أول من اعتبر القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة، واستحق على ذلك تسميته بحزب فلسطين من قبل أحرار الأمة؛ لأن قيادة الحزب وكوادره كانوا أول من التحق بصفوف المقاومة ضد العدو الصهيوني، كما بذلت سلطته التقدمية في العراق بعد ثورة السابع عشر - الثلاثين من تموز عام ١٩٦٨ ولغاية احتلال بغداد في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ الغالي والنفيس لدعم ثوار فلسطين وقضيتهم العادلة.

إن صحوة الأمة التي أدت إلى انحسار القوى الرجعية؛ والمنجزات التي حققتها سلطة البعث الثورية في العراق ودعمها لحركة الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني أرعب الامبريالية الغربية، فقررت تشتيت جهود الأمة واحداث الانقسامات في صفوفها بتسهيلها وصول الدجال خميني لحكم إيران عام ١٩٧٩ بشعارات المقاومة والممانعة المزيفة ودعمه في عدوانه على العراق.

جن جنون الغرب الاستعماري لانتصار العراق في قادسية صدام وأم المعارك، وصموده في وجه الحصار الدولي الجائر، فأقدمت الإدارة الأمريكية على غزو العراق واحتلاله واسقاط نظامه الوطني عام ٢٠٠٣ وتسليمه لقمةً سائغةً لإيران التي هيمنت عليه وحولته إلى مركز للتآمر على الأمة العربية بعد أن نهبت ثرواته وفتكت بشعبه بمعونة ميليشياتها العميلة.

لقد حقق النظام الإيراني بسيطرته على الأحواز والعراق وسوريا ولبنان واليمن وجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى الإماراتية وتهديده للأمن القومي العربي أهداف الامبريالية الدولية، ووفر الأمان للكيان الصهيوني لأول مرة منذ عام ١٩٤٨.

إن الاحتلال الإيراني لم يكتفِ بتهجير العرب واحلال الفرس مكانهم في الأحواز والعراق كما فعل الصهاينة في فلسطين، بل غلف أطماعه القومية الفارسية بشعارات دينية وطائفية؛ فأصبح لإيران طوابير من الفدائيين الذين هم على استعداد للقتال في أي مكان من أجل تحقيق أهداف إيران ظناً منهم أنهم بذلك ينصرون الدين والمذهب، مما يجعل النظام الإيراني العدو الأول للأمة العربية.

لقد فتح النظام الإيراني الباب لكل طامع بأرض العرب؛ فاحتل النظام التركي الشمال السوري وتدخل عسكرياً لنصرة عملائه في ليبيا، كما عبث النظام الاثيوبي بسيادة الصومال وهدد أمن منطقة وادي النيل بالصميم.

ولكي يتفرغ النظام الإيراني لقمع ثورة العراق الباسلة فإن أبواقه العربية تطلب من الجماهير الاهتمام بفلسطين بذريعة أنها القضية المركزية للأمة، ولكن الحقيقة أن القضية الفلسطينية والعراقية والأحوازية والسورية واللبنانية واليمنية والليبية والصومالية كلها مجتمعة قضايا مركزية للأمة؛ لأن قضية التحرر الوطني باتت هي القضية المركزية للأمة، بعد فقدان بعض الأقطار العربية لسيادتها وتعرضها للاحتلال الأجنبي.

إن معركة الأمة التحررية تتطلب اعتبار الأقطار المحتلة ساحة قتالية واحدة ورص الصفوف في جبهة كفاحية واحدة ضد أعداء الأمة، كما أن الواجب يحتم على النظم السياسية في الأقطار العربية دعم نضال جماهير الأمة التحرري بشتى الوسائل وترفعها عن الخلافات البينية.

وتواصل جماهير الأمة وفي طليعتها صناديد البعث بقيادة الرفيق المجاهد عزة إبراهيم كفاحها الملحمي للتحرر من الاحتلال الأجنبي.
إن شمس الحرية ستشرق على وطننا العربي بهمة الثوار والمناضلين.
وما ضاع حق وراءه مطالب.





الاحد ١٦ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب فهد الهزاع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة