شبكة ذي قار
عـاجـل










انقضى على نكسة حزيران ثلاثة وخمسون سنة، وما زالت آثارها السلبية تتفاقم وتتهدد القضية الفلسطينية بالتصفية والشعب الفلسطيني بفقدان الهوية خاصة وأن المشهد الفلسطيني في أسوأ حالاته، وخطر الضم يتهدد مرحلياً ما بعد القدس والأقصى، الأغوار وما تبقى من مناطق ( سي ) ومحافظة الخليل.والمشهد العربي تعبث به العواصف الصهيو أمريكية روسية، حيث لم تعد القضية الفلسطينية من الأولويات على أرض الواقع، كقضية عربية إسلامية مركزية، بل تكاد تنحصر لتكون قضية فلسطينية أردنية، فأصبح لزاماً على الشعب العربي في فلسطين والأردن رص الصفوف وتوحيد الكلمة، خاصة وأن عشرات بل مئات القرارات الدولية التي صدرت لصالح فلسطين وقضايا شعبها كان ينقصها المتابعة من رجال قانون وسياسة واقتصاد من ذوي الاختصاص والكفاءة والدهاء والولاء لمصالح الوطن وصولاً لتنفيذها.

فالذكريات التي مرت على شعبنا العربي الفلسطيني وما زالت، تشكل مفاصل مأساوية في تاريخه بل وتاريخ تدجين المنطقة لصالح أعداء الأمة، فما تكاد تمر ذكرى منها حتى تحل ذكرى أخرى وقعها أشد وطأة على هذا الشعب العربي من سابقتها، والمتتبع لكل ذكرى فإنها تمثلت أولاً بوعد بلفور عام ١٩١٧، أعقبه بعد٣٠ سنةً قرار التقسيم ومن ثم بعد شهور عديدة النكبة، التي ترتب عليها تشريد غالبية الشعب الفلسطيني من ديارهم، تلتها النكسة بعد ٢٠ سنةً، تبعتها تفاهمات أوسلو التي تم التنازل بموجبها عن٧٨% من الأرض الفلسطينية لدولة اليهود، أضيف لها ٦٢% من مساحة الضفة الغربية منطقة ( سي ) بعد ٢٦ سنةً من النكسة، والتي جاءت صفقة ترامب المهزلة بعد ٢٦ سنةً من أوسلو، والتي حسمت الأمور فيها بالنسبة لقضايا الحل النهائي لصالح اليهود، والخاصة بالقدس والعودة والمستوطنات وباقي مناطق ( سي ) ومحافظة الخليل.

نكبات تتوالى، لم يتبق منها سوى إما حرب إبادة جماعية أو فرض الوطن البديل والذي رتب له أن يكون خارج حدود النيل والفرات وبعيداً عن يثرب وخيبر، ولهذا فإنه وبالرغم من عشرات القرارات الدولية والإقليمية التي صدرت لصالح القضية الفلسطينية والشعب العربي الفلسطيني فإن الأمور سارت بعكس المواقف الدولية لانحياز الولايات المتحدة للعدو الصهيوني منذ البدايات، لدرجة وصلت أن البعض أعطى الصهاينة صك البراءة والغفران بموجب الصفقة المهزلة عن ممارساتهم الوحشية ضد الفلسطينيين والعرب، متساوين في ذلك مع رأي الآيباك الصهيوني المهيمن على سياسة البيت الأبيض الأمريكي الشرق أوسطي.

وعودة إلى بدء، فإن الدولة العبرية احتلت القدس الشرقية عام ١٩٦٧ وأعلنتها عاصمة لها عام ١٩٨٠ بقرار من الكنيست، رغم عدم الاعتراف الدولي بهذا الإجراء، وقد أجرت منذ احتلالها للمدينة المقدسة تغييرات كثيرة في طبيعة المدينة وتركيبتها السكانية، فصادرت أكثر من ١٨ ألف دونم، وأقامت تسع عشرة مستوطنة تزيد مساحاتها على ١٣ ألف دونم، تضم حوالي ٥٧ ألف وحدة سكنية، ويقيم فيها أكثر من ٢٢٨ ألف مستوطن.

كما سيطرت على ٥١.٦% من مساحة الضفة الغربية بشكل مباشر منها ٩.٣% مستوطنات مشيدة، ٢.٣ % شبكة طرق، ٢٠ % مناطق عسكرية مغلقة، ٢٠ % أراض تابعة للدولة، يوجد بالضفة ١٥٠ مستوطنة و١٢٨ بؤرة استيطانية، ٩٤ قاعدة عسكرية، ٢٥ منطقة صناعية، عدد المستوطنين الكلي فيها يزيد عن ٦٧٠.٠٠٠، في الوقت الذي قدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، عدد سكان الضفة الغربية، بنحو ٣ ملايين نسمة.

وفي حال استمرار الدعم الأمريكي لنتنياهو في ضم الأغوار وشمال البحر الميت والمستوطنات والإصرار على أن القدس بشطريها عاصمة الدولة العبرية فإن المنطقة مرشحة للانفجار، وفيها إشعال فتيل أزمات تتهدد الاستقرار والسلم العالمي.
 





الخميس ٢٠ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الحميد الهمشري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة