شبكة ذي قار
عـاجـل










بداية لا بد من الإجابة على مجموعة من الأسئلة، أبدأها بسؤال :
هل عزة إبراهيم حي أم إنه من زمان انتقل إلى الرفيق الأعلى؟

هل عزة إبراهيم ما زال مهماً وهناك من يستمع له ويهتم لما يقول، أم إنه يقول كلاماً مرسلاً لا يهتم به أحد؟
هل ما يقوله عزة إبراهيم مهم، وبه رسائل، أم مجرد حكي؟
هل الرجل يقول أم يقال له؟
هل ما زال البعث ورقة مهمة ولاعباً أساسياً، أم مجرد اسم ويافطة من الماضي؟
لماذا كل هذه الملاحقة للبعث والبعثيين إذا كان لا يمثل على أرض الواقع شيئاً؟
لماذا لا تجد إيران وعملاؤها في العراق غير البعث لتكيل له الاتهامات وتحمله مسؤولية ما يجري، وإن كل هذه الانتفاضة، أو الهبة، أو الثورة، يقف خلفها البعث أو يحركها؟
لماذا لم تجد العصابة الحاكمة في الخضراء من الحزب من يتعاون معها أو يعطيها شرعية أو يكون جزءاً من عمليتها السياسية؟
على ضوء هذه الأسئلة سأناقش خطاب الرفيق عزة إبراهيم، وصولاً إلى استخلاص رؤية مما جاء في الخطاب، وما الذي يرمي إليه؟

بداية أدعوا بطول العمر والصحة والعافية للرفيق عزة شيخ المجاهدين والأمين العام للحزب، رفيق الشهيد البطل صدام حسين وأخيه ونائبه ومحط ثقته واحترامه، قائد المقاومة باقتدار رغم كل ما يحيط به من صعوبات ومشاق وعقبات ومخاطر.

وأوجه له كل التحية والتقدير وأشكر له رده على رسالتي المرسلة له، ولا أذيع سراً بأنها تؤكد بأن الرفيق أبو أحمد على قيد الحياة، بخير ومتابع بدقة لأدق التفاصيل، فقد أجاب في رسالته التي لن تُنشر، على كل ما جاء فيها حرفاً بحرف بكل صدقية وشفافية وموضوعية وثقة القائد البعثي، وأسجل اعتزازي وتقديري لما جاء فيها من معان سامية وكلمات طيبة وروح رفاقية عالية، أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية.

وبهذه المقدمة أكون قد أجبت على السؤال الأول بتأكيد لا يقبل الشك.

السؤال الثاني وبدون مواربة، وبكل ثقة أقول نعم، ما زال عزة إبراهيم مهماً، ويمثل رقماً صعباً ويَسمع ويُستمع له، ويحسب له ألف حساب، وجانبه مهاب، ويخافه الصديق قبل العدو، وترتعد فرائس البعض ممن يجلسون على كرسي الحكم في بلدان مجاورة لو سمعوا باسمه يتردد فجأة، ولو صرخ أحدٌ في مجلسهم فجأة باسم عزة إبراهيم لبالَ بعضهم في ثيابه أو هرول تاركاً نعاله.

الخوف من عودة البعث وعلى رأسه عزة إبراهيم هو ما يؤرق العديد من العرب والعراقيين والعالم، لذلك لا يجد البعث نصيراً ولا داعماً ولا سنداً، وسيبقي البعث يدق مضاجعهم حتى يعود حاملاً مشعل الحرية والتحرير بعون الله.

عزة إبراهيم ما زال يقول كلمة البعث مؤمناً بمبادئه مخلصاً لها، لم يغير ولم يبدل، لم يساوم ولم يتنازل، لذلك لا يطلق كلاماً مرسلاً أو على عواهنه، فكل كلمة تحتل موقعها، وما يغيظ الأعداء إنه ما زال يؤكد على ثوابت البعث، ولم يحيد عنها، لذلك يتابعونه باهتمام لمعرفة هل من تغيير في المواقف أو ليونة يمكن الاعتماد عليها.

عزة إبراهيم يقول ولا يقال له، وله بصمة واضحة ولغة معروفة، يستطيع من يتابعه معرفة إن كان هذا الخطاب بيده أو مكتوباً له.

لماذا يبتعدون عنه ويطاردونه، لأنه شريف حر، ولأنهم أدوات لا يملكون إرادتهم ولا قرارهم، لو زمر لهم ترامب، أو أشار لهم بإشارة استدارة نحو عزة إبراهيم لهرعوا حفايا، لكنهم لا يملكون من أمرهم شيئاً.

يعلمون مدى قوة الحزب معنوياً، وأثره وطموحه وبرنامجه، لذلك يهابونه ويخافونه، ولا يريدون دعمه للعودة رغم معرفتهم بأنه سيكون سنداً ودعماً لهم، لكن عندهم العبودية للفارسي ولا الحرية في ظل البعث العربي الحر.

بعد سبعة عشر سنة من الاحتلال ما زال البعث حاضراً بقوة رغم الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والمشردين والمجتثين، ما زال البعث الكلمة الأكثر تداولاً، والشعار الأكثر رفعة والأمنية التي يتمناها الكثيرون، لذلك تتم كل هذه المطاردة!

لم تنجح كل المحاولات لشق عصا البعث، أو انسلاخ جماعة مهمة من صفوفه لتعطي الشرعية لعصابة الخضراء، وإن تساقطت بعض الأوراق الصفراء، فقد ازدانت شجرة البعث بالآلاف من الأوراق الخضراء، واشتدت أعواد أغصانها، وأثمرت، واستعاد الحزب حضوره ومكانته ولياقته، ولا يمكن الإفصاح أكثر بما قد يضر بسلامة الحزب على أرض الواقع.

للاختصار وعدم الإطالة، سأنتقي ٣ محاور أكتب فيها عن الخطاب :
المحور الأول : لماذا استهدف العراق؟
المحور الثاني : غياب البعد الفلسطيني عن الخطاب؟
المحور الثالث والأخير : ماذا بعد؟

في المحور الأول جاء في الخطاب : لم نستهدف بسبب أخطائنا، بل بسبب انجازاتنا ..
مهم هذا القول، أن هناك أخطاء ارتكبت، ومنها أخطاء استراتيجية، ومنها انفعالية ومنها عفوية وتحدث في كل الأنظمة.
البعض لا يريد الاعتراف بالخطأ، والبعض الآخر لا يريد وضع الخطأ في مكانه وظرفه الموضوعي والزماني، أي يقاس الخطأ بما له وما عليه، وهل كان بالإمكان أفضل مما كان؟

والبعض يضخم الأخطاء ويلبسها ثوباً آخر وهو ما لا يستحق القراءة.
يقول الرفيق عزة : أخطأت القيادة، بمعنى أن الخطأ مسؤولية جماعية، وليس قرار فردي كما يحلوا للبعض أن يصور طبيعة القرارات التي كانت تؤخذ أيام الحكم الوطني في العراق، وبأن الرفيق صدام حسين رحمه الله كان يتفرد بالقرارات صغيرها وكبيرها، وهذا غير صحيح، فالقرارات جماعية، ومن حول صدام كانوا كباراً كذلك ولهم مواقفهم المشهودة.

ستحتاج المرحلة إلى نقاش لأخذ العبر والاستفادة من الدروس، وكم كانت دروساً صعبة وقاسية دفع ثمنها العراق والأمة ..
لماذا استهدف العراق؟

ل بسبب أخطائه أم بسبب إنجازاته، وقفزاته أم بسبب مواقفه وطموحه وبرنامجه ومشروعه القومي؟

حمل العراق بعد ثورة السابع عشر - الثلاثين من تموز الراية وبدأ مشوار البناء والتنمية والنهضة على كل الصعد، وعلى أساس نظرته للأمة مجتمعة، وأن العراق قاعدتها الصلبة، ويجب أن يمتلك من أدوات القوة والمنعة ما يمكنه من تحقيق أهداف الحزب المعلنة إضافة إلى وقوفه في مقدمة الصفوف لتحرير فلسطين ومقارعته للاستعمار والاحتكار، والعمل على الاستفادة من الثروات القومية كالنفط وغيره من المعادن الاستراتيجية.

كل ذلك لفت انتباه العالم وفتح عيونه على هذا البلد، وقرأ تاريخ هذه القيادة، وحاول معها في الاحتواء والشراء والضغط ومصادرة القرارات ولم يفلح، مما أدى إلى اتخاذ قرار أمريكي بضرورة احتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني، وقد عززت إنجازات العراق وقفزاته العلمية والتكنولوجية هذا القرار، وبدأ زج العراق في قضايا ومعارك جانبية، كان أولها أن جاؤوا بالخميني وأعلن عداءه المبيت للعراق، واستفزه على أكثر من صعيد، أمني وحدودي وإعلامي وتحريضي حتى وصلت إلى حد الاشتباك المباشر والاندفاع نحو الحرب دفاعاً عن السيادة الوطنية وكرامة الأمة وبوابتها الشرقية.

وخرج العراق بعد حرب الـ ٨ سنوات قوة إقليمية وعربية يشار لها بالبنان، رغم تدمير الكيان الصهيوني لمفاعله النووي خلال فترة انشغاله بالحرب، وكان لا بد من اشغاله بحرب من نوع آخر وكانت اقتصادية لحرمانه من ثرواته ووقف عملية إعادة البناء التي شنها عليه الأشقاء الذين طالبوا كذلك بسداد الديون التي كانت هبات ودفع العراق مقابلها من دماء شعبه ومقدراته.

لقد تم نصب فخ الكويت بجدارة، ووقع العراق في الفخ، ووجدت كل قوى العدوان مبررها للانقضاض عليه، وما زالت حربهم على العراق مستمرة حتى اليوم ..

هل كان يمكن تجاوز المخطط؟ نعم، ولكن الثمن يساوي ثمن المواجهة، بل قد يزيد، لكن اليوم هناك من يزايد لأنه لم يتم تجريب الشق الآخر وهو الاستسلام، ويتهمون العراق وقيادته بالتهور وعدم الخبرة والغرور.

كان رأس العراق مطلوباً لهذه الأسباب وليس بسبب الأخطاء، بل كانت الأخطاء جزءاً من مخطط العدوان لتبريره ..
لكل مرحله ظروفها ورجالها، رحم الله الرجال الرجال، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبارك فيمن ينتظر وما بدلوا تبديلا ..





الاربعاء ٢٦ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حسن النويهي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة