شبكة ذي قار
عـاجـل










هذا المقال للذكرى، أن نفعت الذكرى،

وللأجيال اللبنانية التي رأت النور تحديداً في العقد الأخير من القرن الماضي وما تلاه من عقود سنين متتالية،

وللوقوف على حقيقة الانهيار الاقتصادي في لبنان والكيدية السياسية والتبعية للخارج التي غرزت الخنجر بل الخناجر المسمومة في الجسد اللبناني لتعطيله وشله وعدم قدرته على الصمود في وجه الأعاصير والتقلبات والمصالح،

فالجيل الجديد ومن هم في الثلاثينات في العمر تحديد أو ما دون، لا يعرفون ولم يطلعوا على ما قدمه العراق الوطني التقدمي إلى لبنان من عروض مالية واقتصادية سخية كانت كفيلة لو تم الأخذ بها مذاك، أن لا يكون هذا البلد قد رزح تحت طائلة المئة مليار دولار من الديون وحسب، وإنما قد يكون دخل الخزينة العامة اليوم فائض من المال يضاهي المئة مليار أيضاً، خاصة وأن ما تقدم به العراق آنذاك كان يشمل سلة كبيرة من التسهيلات الاقتصادية للبنان فيها من الفائدة المرجوة الهائلة للقطرين الشقيقين، سيما وأن العراق الذي وقع تحت خط الحظر الاقتصادي الأممي عليه عقب حرب الخليج الأولى والعقوبات الظالمة التي لحقت به،

كان قد تمكن بموجب اتفاقية النفط مقابل الغذاء أولاً، والبند المتعلق بالسماح للدول الأكثر تضرراً أن تستفيد من تلك الاتفاقية ثانياً،

أن يعقد سلسلة اتفاقيات مع الأردن وسوريا حققت المزيد من الدعم والنمو الإنتاجي الاقتصادي والوفر المالي للبلدين،

وقد رغبت القيادة العراقية آنذاك أن يكون للبنان الشقيق نصيب كبير من كل ما تقدم فعرضت على الحكومة اللبنانية آنذاك ما يلي :

١ - إعادة احياء خط النقل لأنابيب النفط التي تصل كركوك العراقية بالشمال اللبناني عبر مصفاة طرابلس وتزويد لبنان كل ما يحتاجه من طاقة.

٢ - إعادة تأهيل منشآت النفط ( مصفاتي البداوي والزهراني ) بهدف إعادة تشغيلهما كمصفاتي تكرير تكفي حاجة لبنان من كل ما يحتاجه من محروقات ودون اللجوء إلى شرائها من الخارج وبالعملة الصعبة، فضلاً عن الاستعداد لبناء أربعة مصاف جديدة أخرى.

٣ - تجهيز وتطوير مرفأ طرابلس بالشكل الذي يمكنه أن يستوعب أكثر من ثلث ما يستورده العراق من الخارج من مواد غذائية وغيرها واعتماد هذا المرفأ كأحد المرافئ الأساسية التي تتولى التصدير للعراق، أولاً عن طريق البحر إلى المرفأ مباشرة، وثانياً عن طريق النقل الخارجي بالشاحنات من طرابلس إلى العراق مباشرة، وهذا ما سوف يحقق نقلة اقتصادية غير مسبوقة لقطاع النقل اللبناني ولحركة الانتقال الداخلي والخارجي بشكل عام.

٤ - استعداد العراق لشراء ما أمكن شراءه من منتوجات غذائية وصادرات صناعية لبنانية وتشمل كل قطاعي الزراعة والصناعة بشكل عام، ولعل كبار اقتصاديي لبنان المخضرمين يذكرون تلك المبادرة بكل خير وكيف شمروا عن سواعدهم وبذلوا أقصى ما استطاعوا من جهود مع الحكومة اللبنانية آنذاك، لتطبيقها ونخص بالذكر في هذه العجالة الوزير الراحل والاقتصادي الكبير جورج أفرام، غير أن كل جهودهم ذهبت سدى.

٥ - استعداد العراق ومن خلال المردود المالي الذي سيحصل عليه، أن يضع ما بين النصف مليار إلى المليار دولار وديعة في مصرف لبنان دون أي مقابل.

أخيراً ما أشبه الليلة بالبارحة مع تغير الأشخاص والظروف والزمان، غير أن المكان ما زال حاضراً، ليشهد إلى أي مدى تحولت منشآت المصافي في البداوي والزهراني إلى خردة وكيف تحول لبنان إلى دولة فاشلة تستجدي الخارج لإعانتها فلا تجد صديقاً ولا شقيقاً ولا عزيزاً يمد لها يد العون لتستمر حلقات الانهيار والقتل البطيء في الجسد اللبناني بينما الكل ينظر إلى البلد وهو يحترق، والى الشعب وهو يجوع، فيرمي الواحد بالمسؤولية على الآخر ولسان حال الجميع : ما خلَّونا

وهم وبهذه الطريقة وبعد أن نحروا الوطن يرمون المسؤولية على الجميع، وجميع من تولى السلطة بعد اتفاق الطائف حتى اليوم، متواطئ أو متآمر أو مدان!





الجمعة ٢٦ ذو القعــدة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تمــوز / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة