شبكة ذي قار
عـاجـل










توطئة
تتنافس الأمم والشعوب على تثبيت الدالات الفارقة في انجازات البناء والتنمية وفي تأمين مستلزمات الدفاع عن النفس وتحقيق الأمن القومي كضرورة من ضرورات ادامة الكينونة الوطنية والقومية من جهة وادامة الصيرورة التي تسعى لها الشعوب التي تستشعر بوطأة ما يطوق امكاناتها الحقيقية ويحجبها عن الظهور لتأخذ مداها الكامل في تنمية الحياة وسعادة الوطن والانسان.ويوم الثامن من اب ١٩٨٨ م هو واحد من العلامات الفارقة في حياة الامة العربية المعاصرة حيث حقق العراق بعد كفاح وقتال بطولي دام ثمان سنوات أول محركات الطاقة الكامنه في أمتنا من جهة القرار ومن ثم من جهة تهيئة مستلزمات جعل القرار يأخذ صيغته التاريخيه وكل انعكاسات التاريخ السياسية والاجتماعية والاقتصاديه فانجزت الامة دفعة واحدة مهمة عبور الانكسارات والهزائم والعجز وقصورالقيادة وأجتازت بكفاءة صعوبات تمكين الشعب من لعب
دوره الحاسم في صناعة هذا المحرك وتوظيفه لنقل الأمة الى واقع قادر على تحقيق نهضتها واهدافها.

ورغم ادراكنا العميق لما نتج من هجوم ضد الامة بعد النصر العراقي الحاسم غير اننا نرى اشعاع يوم النصر العظيم في الشخصية العربية الفردية والجمعية وفي سلوك الانظمة العربية و التي بثها الانتصار العراقي الجبار في سلوكها وعلاقاتها وتوجهاتها التنموية واستراتيجياتها الدفاعية والاحترازية.

٨ / ٨ نِتَاجُ عَقْل ومَنْهَجُ تَفْكِير وعَمَلٌ عَرَبِي مَيْدَانِي مُخْتَلِف
حين نبحث في سايكولوجية القيادة العراقية ومعطيات ثورة ١٧ تموز الوطنية القومية ونحدد سماتها وخواصها المتفردة فنحن لا نقوم بعمل دعائي بل نثبت مسارات جديدة في حياة العرب شهدها العراق وعاشها وخبرها العرب كلهم بل والانسانية في كل مكان.فانتصار العراق لم يكن وليد صدفة ولا هو ابن تفرد قيادي في الشجاعة والبسالة ولا هو نتاج رحم تفاعلت فيه عوامل الصبر والمطاولة واستثمار النخوة والغيرة الوطنية والقومية وانجب سعة أفق لم يعتدها النظام العربي وعبقرية في استخدام موارد البلاد استخداماً علمياً تحرسه الامانة والعفة وشرف الموقف بل هو ناتج تفاعل لكل هذه العوامل والمثابات ويضاف لها حضور حق الامة وشرفها وكرامتها التي هدرها زمن الانحطاط وعوامل التردي.حضورها المتكامل في عقل القيادة العراقية والعقل الجمعي الشعبي العراقي في أول مباهلة ومقاربة يحق لنا وصفها بالانصهار الحياتي في أزمنة العرب التي تلت خبو مجد الدولة العباسية.

لقد صنع نصر العراق العظيم صناعةً ونُحت نحتاً كما يُنحت على الصخر بأدوات نحات ماهر.وصناعة نصر العراق الوطني – القومي تطلبتاستحضار التاريخ وتفعيل روح الامة التي حملت الرسالات والاعتماد التام المؤمن بطاقات الشعب في العراق وفي امتداداته السوقية في كل جغرافية الامة العربية المجيدة.

نحن حين نقول بالتميز في التعامل العقلي والقيادي ودور المهارات في صناعة نصر العراق فلأننا عاصرنا تكتيكات الحرب التي ضمنت تحقيق تفوق الاستراتيج ليس في عمليات الكر الموجع للعدو، والتراجع خطوة الى الخلف لكي يقفز الاسد العراقي خطوات كبرى في لحظة لاحقة وفي بقعة أخرى.وكيف وُظِف الاقتصاد في خدمة المعركة واستثمرت العلاقات العربية والدولية وسجل الزمن في سفر البطولة العراقية فلسفة ومناهج تنويع السلاح ومصادره وتحديثاته في محطات مقننة عبر سنوات الحرب واتضحت مهارات ومسارات التعامل المجتهد والمبني على التفكير المتقد والاسس العلمية في توجيه ضربات قاصمة لاضعاف العدو وانهاكه لكي يصبح هدفه العدواني خارج افق نظره بل وينأى يوما بعد اخر.

٨ / ٨ وَحَّدَ الأُمَّةَ وعَرَّى الخِيَانَة
لم يكن العراق يقترض ولا يستلف ولا يطلب عند ما تقتضي متطلبات المعركة دعما خارج قدراته المتاحة وخاصة بعد انتهاء معارك كبيره في الحرب يتوجب تعويض تضحياتها وسد الثغرات في جبهة المواجهة الطويله بل كان يأتي المدد تلقائياً من أقطار الامة.لقد كان يوم الثامن من آب عراقياً في روحه وفي مفردات صناعته الاعجازية غير انه كان ايضا قوميا عربيا بمسارين :

الاول / هو انتماء قيادة العراق والجهد المقاتل منه وهو جل شعب العراق فكريا - وعقائديا - وعمليا الى الامة.كان العراق يتحدث ويقاتل وينتصر كبقعة محررة من جغرافية العرب الواحدة وزهو تاريخه في أكثر حلقاته ومحطاته وصفحاته اشراقا.

الثاني / التصرف العراقي المحكم في اشراك الامة في صناعة النصر وتجنيبها أية عثرة أو تراجع تكتيكي تفرضه الحرب الطويلة فغرد الشعراء والفنانون وكتب الكتاب وتفاخر السياسيون والاحزاب والمنظمات والنقابات وهتفت المدارس والجامعات العربية بما يحققه العراق من صمود لا وصف بديل له الا بالمعجزة لذاته الوطنية وللامة كلها.

ومع هذا البناء والنسج المحكم لقومية المعركة كانت قادسية العرب أيضا تفرز الشوائب من جسدها وتقزم حجومها وتعري نفاقها وتحصرها في زوايا خانقة.لقد كان بعض نصر العراق مذ بدأت المعارك التي فرضت على العراق يتحول عفويا وتلقائيا الى صفعات قومية تهز وترعش حراك أطراف من سقطوا في شراك الوهم والخيانة فذابت خيانتهم على وقع صفعات شعبنا العربي لهم من المحيط الى الخليج.

لقد شارك العرب ماديا وبشريا في صناعة نصر العراق.والمشاركة القومية العربية التي فتحت قيادة العراق لها ابوابها وممكناتها برزت في جانب اخر استراتيجي هو سد النقص في العمالة ودوائر الدولة العراقية نتيجة مشاركة كل العراقيين في جبهات القتال.فعمل ملايين المصريون والسودانيون والاردنيون واللبنانيون والفلسطينيون واليمنيون والمغاربة وغيرهم من العرب في الزراعة واعمال البناء والوظائف المختلفه لكي يديم العراق نهضته السائرة بموازات الحرب وكان فيجيش العراق ضباط عرب كبار وفي جامعاته ومراكز بحوثه طلاب علم وعلماء عرب أيضا.

يَوْمُ النَّصْرِ العَظِيم تَأْثِيثٌ لِعَهْدٍ عَرَبِي جَدِيد
سيظل العرب يدرسون سير معارك القادسية الثانية سراً وعلناً ، حكاما وشعب ، لقرون قادمه.سيبحث العرب في ( أسرار ) الانتصار العراقي وسيصلون الى نتائج حيوية من بين أبرزها : ان قيادة العراق قد قاتلت بطاقات شعب العراق وباعتماد الامة كلها كظهير ساند قوي.ان قيادة العراق قد انصهرت مع شعب العراق وخلقت قنوات نفاذ عظيمة الى البيئة العربية كلها ونجحت نجاحا ساحقا في تكريس الابعاد الوطنية والقومية للمعارك وللحرب برمتها.هذا الانصهار شكل قوة كامنة وظاهرة خارقة جعلت العراق يتفوق على نفسه قبل ان يسحق عوامل التفوق الايراني المادية والبشرية الضخمة الهائلة.وسيصل الباحثون العرب الى نتائج بسيطة غير معقدة مفادها :

ان تشغيل محركات الطاقة الكامنة في شعبنا وأمتنا كفيلة بتحقيق المعجزات عسكريا وتنمويا.سيصل العرب ولو بعد حين الى الاحتكام الى الحقيقة التي ارتكز عليها الرد العراقي على عدوان خميني الا وهي ان العراق صاحب حق هو حق الدفاع عن النفس وانطلاقا من هذا الحق تم بناء نوع وحجم الرد العراقي الصاعق على عدوان خميني وهو رد صعق خميني وصعق العالم كله لان خميني والعالم قد أسسوا خلفيات تفكيرهم على عرب يطئطئون الرؤوس ويخنعون ويستسلمون بل يمدون رقبتهم للجزار.وسيصل العرب أيضا الى ان الاقتدار العراقي الممهور بالتضحيات الجسيمه كانت أساساته الايمان بالحق وشجاعة التعبير عن هذا الايمان ونتيجة طبيعة لثقة الشعب بالقيادة.سيصل العرب السائلونوالباحثون الى دور أنوطة الشجاعة في رفع نسب الشجعان واوسمة التكريم العليا في خلق القيادات العسكرية المبادرة والمنصهرة مع أقدار المعركة التي ترسم باذن الله في بغداد.

مَنْ بَدَأ الحَرْبَ ومَنْ خَسِرَها أَخْلاقِياً ومَادِيّاً
لن نكرر المكرر هنا رغم ان تكراره ضرورة تبقى قائمة وحيوية ما دام التبشيع والكذب والشيطنه تتكرر على لسان الامبريالية بغربها وشرقها وعلى لسان أدواتها عربا وعجم.ايران خميني هي من بدأت الحرب ولدينا الاف الوثائق تثبت ذلك بما فيها اعترافات مسؤولون ايرانيون كبار ومرتزقتها وعملائها.ومع ما يعبرعنه واقع ونتائج غزو العراق سنة ٢٠٠٣ وتفرد الاحتلال الايراني على العراق بعد تراجع وهروب أميركا المشين سنة ٢٠١١.ونقول هنا : ان لايران خميني مشروع استعماري احتلالي للعراق ارضيته المزعومة المعلنه مذهبية وحقيقته قومية فارسية بحته في الوقت الذي لم يعرف العالم لا من قبل ولا من بعد عن أطماع توسعية احتلالية للعراق بل ان العرب عموما قد كبلتهم التجزئة والتقسيم وانكفأت أنظمتهم المحلية على الحفاظ على السلطة والمنافع وتتنكر لوحدة الامة ولم يعد بوسعهم حتى حماية ارضهم وأمنهم.

ان الركون الى المنطق البحثي العلمي والواقع يقدم اجابات حاسمه ان الفرس هم من ظلوا يتطلعون الى بلاد الرافدين منذ أن خسف الله ايوان كسرى ومذ رسم ابن الخطاب رضوان الله عنه ملامح جبل الناربين أمة العرب وبينهم.

يَوْمُ الأَيَّام نِتَاجُ الاِحتِوَاءِ العَبْقَرِي
لأول مرة في تاريخ العرب الحديث تقف دولة عربية على قدرات احتواء فريدة ، سياسية ودبلوماسية واقتصادية.احتواء نابع من ايمان عميق بالله وبعدالة الموقف العراقي ويمتزج بتفاعلات صبر ومطاولة شعبية وقدرات اجتياز للعقبات والحواجز والعثرات وتوظيف العطاء بما يعزز ادامة المدد الشعبي ليبث العافية في جسد العراق ويديم نسغ صناعة طاقة الوعد القادم ،وعد يوم النصر العظيم.

تمكن العراق بكفاءة أيضاً من احتواء الاعلام المعادي وتهميش المواقف المعادية التي حاولت توظيف الحرب لاسقاط الدولة العراقية.وأحتوى غدر الغادرين وغلاسة المتخفين خلف وجوه صفراء.احتوى العراق ملامة اللائمين وتقريع المتصيدين لخلق الاحباط وبث روح اليأس مع تقادم زمن العدوان.احتوى العراق أصوات النواقيس القارعة في كثير من العواصم تراهن على عجز العرب عن غلبة العقيدة الفارسية المؤمنة بالموت والتي تستخدم الانسان دون وازع ليقدم الاف الالاف أرواحهم لفتح حقل الغام صغير أو لتحقيق موطئ قدم في شبر من الارض يبني عليه جبال من الاوهام الطالعة من كبرياء فارغ هو تعجرف أهوج.لقد كان عنصر الاحتواء عند شعب العراق وقيادته كمثل شلال لا يخف هديره للحظات حتى يعود وكأنه طاقة الكون برمته في صورة شعب قرر أن ينتصر على الطاغوت ويغلب نياب الثعبان الفارسي الذي يأبى الا أن يغرسها في جسد العراق ليلغي وجوده ويسحق شعبه ويدوس كرامته.

خاتمة
لقد صنع العراق نصراً تاريخياً له ولأمته، وانتزعه من بين أدوات العدوان الايرانية ومن ساند ايران من قوى ودول كبرى وعظمى تابعه للقرار الصهيوني.صنع العراق النصر وثبت أركانه بقوة تفاعل غير مسبوق بين الشعب والقوات المسلحة والقيادة وحزب البعث العربي الاشتراكي الذي ترسخت عقيدته ومبادئه وقيمه في كل بيت وفي ضمير كل عائلة.وصنعه باقتدار المؤمن الصلب الثابت على توفير متطلباته من الموارد البشرية وموارد السلاح وادارة العمليات وتجديد القدرات وبعث الطاقات والحوافز الوطنية والقومية.كان يوم الثامن من آب ١٩٨٨ بداية انتقال أعداء العراق والامة الى استراتيجيات مختلفة لقهر الثورة والانسان في العراق وتوالت المحاولات وتوالى الانتصار العراقي عليها حتى أرغموا على تجييش الجيوش لغزو العراق واحتلاله سنة ٢٠٠٣ ظنا منهم ان الغزو والاحتلال سيوقف محركات طاقات النصر الذي صنعه العراق وبثت في كل جسد الامة فخاب ظنهم وخسئوا وها هي مقاومة العراق الباسلة تحرمهم من غفوة عين هانئة ومن لحظة أمان هادئة، فظلوا يدورون في نواعير الفشل لسبعة عشر سنه وسيظلون كذلك حتى يعود المارد العراقي الابي الوطني القومي التحرري الوحدوي ليصدر بيانا اخر جديد يكلل هام البيانات ويصنع يوما اخر يعانق يوم الايام في نصر سيكون له وقع الزلازل على طريق تحرير فلسطين وتوحيد الامة، ويعيد حلم صدر الرسالة ويؤكد والى الأبد أن لا كسرى بعد كسرى الأول ولا إيوان بعد أن انشق ذاك الإيوان وولى غابراً لا يذكر إلا باللعنات.

مكتب الثقافة والاعلام القومي
٨ / ٨ / ٢٠٢٠






السبت ١٩ ذو الحجــة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / أب / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والاعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة