شبكة ذي قار
عـاجـل










يتحكم العقل في سلوك وممارسة البشر لحياتهم اليومية ، منها الممارسة التلقائية ، ومنها ممارسة التفكير قبل التصرف ، ولانتحدث عن التلقائية التي تخضع للتحكم الفسلجي والعصبي للجسم وانما عن تحكم العقل بالفعل التلقائي مبنيا على الفعل وردة الفعل السلوكي ، وتختلف بين شخص وآخر، وحسب القدرات الحسية العصبية في اغلب الاحيان اوعلاقتها بالبناء الثقافي الخاص والبناء الثقافي المجتمعي ، وترتقي ممارسات التفكير العقلي على ما تقدم وتخضع ايضا للفعل وردة الفعل حسب الادراك الحسي وفق ذلك ، فلذا تأخذ الاولوية في الممارسة الانسانية لان التفكر لديه فسحة من الوقت لاتخاذ القرار المبني على درجة وعي الفرد وثقافته وتجربته.

فالتلقائية هي ( كل ما يجيء نتيجة استجابة مباشرة وبشكل عفويّ بدون إلزام وإكراه ، فهو عمل تلقائيّ ) ، وان ( سلوك الإنسان على مستوى الأفراد والمجتمعات والثقافات هو نتاجُ القيم والتصورات والحاجات والرغبات والطموحات والأحلام والآمال والمعتقدات وكلها تُحرِّك الإنسان تلقائيا ) فالإنسان لا تحركه معلوماته ومهاراته فحسب ، بل تحركه قيمه ومعتقداته فالمعلومات والمهارات هي من جملة الوسائل التي يستخدمها لتحقيق الأهداف التي تتفق مع ما يؤمن به، فالقيم العميقة والتصورات الراسخة تكون ممتزجة في كيان الفرد ينبض بها جسمه وتنفعل بها عواطفه ويفكر بها عقله فهي التي تحركه فإذا حَزَ بَه أمرٌ هَبَّ للبحث عن كل الوسائل المعرفية والمادية التي تساعده على إنجاز المهام وبلوغ الأهداف التي تشغل ذهنه وتستغرق اهتمامه، فالإنسان كائنٌ تلقائي.

وتقترب بعض الممارسات الحياتية من التلقائية في الفعل وردة الفعل تأسيسا على ماتقدم ، فلذا تجدها تختلف بين الافراد بقوة الممارسة ، على سبيل المثال ، حين يخير الانسان بين وطنه واي شيء آخر سيختار الوطن بتلقائية اذا كان عقلة مؤسس على هذا الايمان والانتماء بالتفكير، او حين يخير بين أسرته واي شيء يتعلق بحياته ورغباته الانسانية سيختار عائلته بتلقائية حسب بنائة الثقافي والمجتمعي ، وحين يرغب ان يمارس الترفيه عن نفسه ويجد ذلك مضرا بالمجتمع يبتعد عن رغباته الذاتية تحسبا من الاضرار بالمجتمع.

ويجد الانسان سعادته الحقيِقية والكبيرة في ان يكون سببا في اسعاد الاخرين ، واجمل سعادة يلمسها بزهو وبفرح غامرين تلك المساعدة التي يقدمها قبل ان تطلب منه ممن يحتاجها ، لان عقله نبهه قبل ذلك وهذا متأتي من بنائه المجتمعي ، وهذا هو الزهو الواعي الذي يعيشه الفرد في سعادته الحقيقية ، ويرتبط ذلك ايضا بالممارسات الوطنية التي تقدم فيها العطاء للوطن دون ان يطلبها احد منك ويقع تأثيرها بشكل يخدم الوطن ، فيرتقي ذلك الى الحس والتفكير التلقائي ، وبذلك يرتبط الفعل التلقائي والفعل بعد تفكير بالبناء الثقافي والاجتماعي لان عقل الانسان واحاسيسه ابن بيئته الشرعي.

ومايحدث في العراق منذ الاحتلال الامريكي في نيسان ٢٠٠٣ حتى اليوم من تهديم لكل البنى الأخلاقية والدينية والتقاليد وبكل اشكالها للوصول الى التجهيل المجتمعي من خلال تعميم الطائفية والعشائرية والكسب غير الشرعي ، وتأسست لذلك اكثر من سبعون قناة فضائية طائفية واكثر من اربعمائة حزب وتكتل اسلامي طائفي وعرقي ولديانات اخرى وعلمانية ، وكذلك اكثر من مائة فصيل مسلح يرتبط باحزاب سنية ، شيعية ، مسيحية ، ازيدية ، تركمانية ، وقومية ، وحتى عشائرية ، واكثر من مائتان منظمة مجتمع مدني وعشرات الصحف المحلية والدولية وتواجد فاعل لعشرات الدول كبرى وصغرى وبفعالية من خلال تلك التجمعات والتكتلات ، وقيام كل من هب ودب بالتأليف وطباعة الكتب السياسية والتاريخية دون رقيب لتشويه الحقائق خاصة في تاريخها الحديث لترسيخ نهج قادم ، والتعمد لخلق حالة الفقر والعطالة المجتمعية لتكريس اهتمامات الافراد والجماعات للبحث عن مصدر للعيش ومن ثم احتواء ولائهم لمصدر العيش ، وكلها تسهم في بناء قيم اجتماعية سلبية لتبعد الفرد عن سلوكه وانتمائه الوطني لتدجينه للانتماء للعشيرة والطائفة ويبتعد عن الانتماء والاحساس الوطني وتأسيس ثقافته المجتمعية وبالنتيجة الشخصية وفق ذلك ، لتجعل الفعل الفردي والمجتمعي التفكيري والتلقائي بمستوى هذا البناء في التجهيل المجتمعي .. فكان رد الفعل للرافضين لهذا النمط خروجهم للشارع رافعين شعار ..

نــــــريد وطـــــــــن.

لهذا سيستمر الصراع وينتصر بالنهاية الطبع على التطبع !!!!!






السبت ٢٦ ذو الحجــة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / أب / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. بدر العنزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة