شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد رجوع الكاظمي من واشنطن، والحملة الاعلامية المفبركة التي تقودها القوى السياسية الحاكمة ضده والتهديدات الفارغة التي اطلقتها المليشيات الولائية وبعض سياسييها وإعلامييها وأبواقها وذبابها الألكتروني تتزايد وتتصاعد ، في الوقت الذي يتساوق مع هذا التهريج المبرمج تهريج آخر يلمح الى التخويف من عودة حزب البعث العربي الأشتراكي الى السلطة لقيادة العراق بعد الفراغ الذي دام سبعة عشر عاماً من التدمير والنهب والتهجير، والإيحاء بأن من سيرجع السلطة الى البعث هم الأميركان بشخصية مصطفى الكاظمي .. والتخويف هذا ليس جديداً من عودة الحزب لبناء العراق وحماية العراق وتاسيس نظام يتولى حماية الدولة وتكريس هيبتها عند التعامل الإقليمي ودولي ومتعدد الأطراف ، إنما هو ملف يعاد تفعيله كلما تأزم الوضع في العراق، وكلما تفككت قوى العملية السياسية الفاشلة والفاسدة والمأزومة، وكلما بات الوضع قريباً من الإنفجار الجماهيري .. فموضوع الإرشيف الذي تحدثت عنه صحيفة ( وول ستريت جورنال ) الأميركية مؤخراً ، وارفقتها بصورة اكداس ملفات الدولة العراقية مرصوفة على الأرض مع صورة لـ"مصطفى الكاظمي" الذي شارك العميل الأميركي الصهيوني ( كنعان مكيه ) في نقل هذه الأكداس من الوثائق الحكومية الى اميركا عام ٢٠٠٣ - خوفاً من الجماهير التي تعتزم حرقها حسبما قيل -.هذا الموضوع تثيره اميركا اليوم وخاصة بعد رجوع الكاظمي من واشنطن لعدد من الأسباب والدوافع يمكن تلخيصها كما يلي :

أولاً - على الرغم من ان مجيئ الكاظمي الى رأس السلطة كان نتيجة لضغط الجماهير العراقية الممتدة من الجنوب الى الوسط فالشمال، هذا الضغط الهائل كان قد اسقط حكومة عادل عبد المهدي ومنع ذيول العملية السياسية من الترشح الى منصب رئيس الوزراء ، إلا ان اختيار الكاظمي كان خيار اميركي قبلت به ايران على مضض، من اجل لملمة اوضاع العملية السياسية المتهتكة، وملء فراغ السلطة الذي ينذر بالخطر ومنع تدهور الاوضاع المتسارعة والخشية من تدفق الجماهير العراقي بعصيان مدني، وبالتالي وهو المهم الدخول في حلقة مفرغة من الوعود التي لن تتحقق.

ثانياً - الكاظمي كانت له ارتباطات اميركية وعلاقات مع عدد من العناصر العميلة التي اعتمدتها المخابرات الأميركية وخاصة "كنعان مكية"، لتكريس واقع الاحتلال في العراق منهم ( كنعان مكيه و نبيل الموسوي وآراس حبيب و محمد علي محمد و رند ابراهيم و سعد البزاز و غسان العطيه و طارق علي صالح و نبيل الصالحي و صالح عبد الجبار و عبد الحسين وادي العطيه و خالد عيسى طه و منذر الفضل و حسين سنجاري و لؤي لطيف و بختيار محمد امين و صفيه السهيل ) ، وهؤلاء معروفون بعناوينهم ولا داعي لذكر التفاصيل .. فيما كانت لأحمد الجلبي مهمات خاصة لنقل كنوز ارشيف العراق القديم وآثاره التاريخية والحضارية وسبائك الذهب في البنك المركزي العراقي بالتعاون مع جنرالات اميركيين إلى كل من واشنطن وتل أبيب، وكان قادة الكيان الصهيوني يتفاخرون بوصول مخطوطات ارشيف اليهود إضافة الى عدد لا يحصى من آثار الحضارات العراقية القديمة.

ثالثاً - ظهرت دعوات ذيول النظام الفارسي في العراق لمحاصرة الكاظمي ، والضغط عليه لإسقاطه ( برلمانياً ) ، بحجب الثقة عنه وارغامه على عدم التحرش بقتلة المتظاهرين وعدم المساس بملفات الفاسدين وعدم الأقتراب من المليشيات وسلاحها المنفلت، والتركيز فقط على سحب القوات الأميركية من العراق وعدم الأعتراض على ( كاتيوشا المقاومة ) لأنها تتعلق بسيادة العراق .. وكأن السيادة يُخِلُ بها الأميركيون وحدهم وليس الإيرانيون وبقية المتدخلين من دول الجوار ومخابرات العالم.!!

رابعاً - وبهدف إظهار الكاظمي مع الأميركيين في تكريس مبدأ السيادة تلميحاً قد يمهد الطريق لوصول حزب البعث العربي الأشتراكي الذي ليس بحاجة لمثل هذه الأساليب القذرة للوصول الى السلطة أولاً ، ولأن البعث ليس من طلاب السلطة إطلاقاً ، عرض الأميركيون الآن ارشيف الدولة العراقية اضافة الى ارشيف الحزب وهو ارشيف متنوع يتضمن نشاطات الحزب الثقافية والتعبوية والتنظيمية وفعالياته السياسية، والتلميح بأن الكاظمي لا يرغب ويمنع وصول الحزب الى السلطة إرضاءً لذيول ايران الولآئيين من جهة، والانتقال الى مرحلة التصفيات وتفعيل الاجتثاث الظالم والجائر بحق جماهير الشعب الثائرة والعمل على إخماد شعلة الثورة، التي اندلعت في تشرين الماضي وقدمت اكثر من ( ٧٠٠ ) شهيد واكثر من ( ٣٠٠٠٠ ) جريح ومعاق وتشريد مئات الآلاف من العوائل العراقية الفقيرة .. فإذا كان الأمر ليس كذلك، فما هو هدف إخراج مسرحية إرشيف الدولة الحكومي والاعلان بأنه ارشيف البعث في هذه الظروف العصيبة وبعد عودة الكاظمي من واشنطن.؟!هل هو إرضاءً لـ ( لكاتيوشا ) وتهدئة لها أم إظهاراً مسرحياً لنغم تكريس السيادة، سيادة الدولة العراقية المحتلة احتلالاً مزدوجاً إيرانياً وأميركيا؟

رابعاً - الارشيف الحكومي هو فايلات انشطة الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية بصورة عامة بما فيها المؤسسات الأمنية، وجزء منه ارشيفكات الحزب الذي لا يخرج عن نشاطات الحزب الثقافية والتعبوية والتنظيمية والسياسية واسماء كوادره الذين تعرضوا ، منذ عام ٢٠٠٣ الى الآن لأبشع حملات التصفيات والنتهاكات والتشريد .. ومعظم هذه الكوادر إما توفاه الله أو اغتيل غدراً او ما يزال محتجزاً من دون محاكمة ومن دون ذنب اقترفه أو مشرداً تحت سقف اللجوء الإنساني خارج العراق .. فإرشيف التنظيم لم يعد له ما يجعل منه مفيداً لتفعيل قانون اجتثاث البعث الذي لم يعد له قيمة أمام المد الجماهيري الثوري الذي يطالب بتغيير النظام الطائفي الفاسد والفاشل والمأزوم.

خامساً - ثم جاء الزخم الفرنسي بوصول وزبر الخارجية ووزيرة الجيوش الفرنسية والرئيس الفرنسي ( إيمانويل ماكرون ) الى العراق، يحمل مبادرة سميت ( المبادرة الأممية لحماية السيادة ) ، إذاً ، هي مبادرة أممية وليست فرنسية فحسب، وهدفها حماية سيادة العراق من التدخل الأقليمي والدولي.والزخم الدبلوماسي الفرنسي هذا ليس عفوياً ، إنما توكيلاً أوربياً اميركياً يؤكد على ان السيادة لا يمكن تجزئتها ،إما سيادة كاملة بإنهاء النفوذ الإيراني في العراق سياسياً وعسكرياً مليشياوياً وأية احزاب موالية ترتبط بالنظام الايراني ، وسيادة كاملة بجلاء بقايا الاحتلال الأميريكي وتحديد مهام قواعده ، كما هو شأن باقي القواعد الأميركية المنتشرة على اراضي العديد من دول العالم بتحالفات أو بإتفاقيات معينة أو بعقود إيجار.السيادة وحدة واحدة لا تتجزأ ، لا وجود أو نفوذ ايراني محتل للعراق، ولا وجود اميركي محتل أو أية تدخلات اقليمية ودولية.

سادساً - الرسالة واضاحة للنظام الايراني حملها عن الاتحاد الاوربي وأميركا الرئيس الفرنسي " مانؤيل ماكرون " كما حملتها وزيرة الجيوش الفرنسية " فلورنس بارلي " وقبلها وزير الخارجية الفرنسي " جان إيف لودريان" .. فأمام النظام الإيراني خياران لا ثالث لهما : إما التراجع وترك الساحة لأهل العراق الذين يرفضون النفوذ والوجود المليشياوي الايراني المسلح على ارض العراق ومستعدون على تقديم المزيد من التضحيات في سبيل الحرية والسيادة ، وإما خسارة الحلفاء الأوربيين وقبل فوات الاوان، لأن واقع العراق وشعب العراق بلغا مرحلة متقدمة من التآكل والتصدع والتدهور ولا سبيل غير الأعتراف بالأمر الواقع الذي يريده شعب العراق وشعوب المنطقة ومختلف شعوب العالم ودوله.






الثلاثاء ٢٠ محرم ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / أيلول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة