شبكة ذي قار
عـاجـل










تستغل طهران وذيولها أية مناسبة لتطرح افكاراً من شأنها التشويش وخلط الاوراق من جهة، وربما تأمل أن تستسيغ قوى اخرى هذه الافكار ليتم قبولها أو ترويجها كأساس يخدم الأستراتيجية الايرانية.

والدولة التي يقولون عنها انها ستملأ فراغ الإنسحاب الأمريكي من العراق، وهو مجرد إفتراض تطلقه هذه الافكار وكإنه حقيقة مؤكدة مقترنة بـ ( الكاتيوشا ) ، هي فرنسا .. والتضليل في ذلك ليس تكهناً ، إنما تضخيم زيارة الرئيس الفرنسي " إمانويل ماكرون" للعراق، فحسبوا فرنسا ستملأ الفراغ، وزعموا ان فرنسا صديقة لنظام طهران وتختلف عن شقيقاتها في الأتحاد الأوربي، ولها مصالح مع ايران، ويمكن التفاهم معها لتهدئة الصراع في العراق، وبناء استثمارات اوربية مشتركة وبالتالي ان لفرنسا حصة من كعكة العراق.بهذا السرد القائم على التكهنات غير الواقعية .. ولكن حقيقة الأمر :

اولاً - إن فرنسا الدولة الثانية المهمة في الأتحاد الأوربي بعد المانيا التي اعلنت حربها على حزب الله اللبناني على وفق قانون تشريعي، وإنها قد حذرت طهران من مغبة التمادي في التنصل عن إلتزاماتها في الأتفاق النووي الذي خرقته طهران بتجاربها الصاروخية اولاً وبتخصيب معدلات عالية من اليورانيوم ثانياً وإشاعة الارهاب في المنطقة والعالم.

ثانياً - إن فرنسا موكولة في تحركها نحو العراق من قبل الاتحاد الأوربي ومن لدن الولايات المتحدة الأميركية ، وذلك من خلال ما اعلنه " ماكرون " من انه يحمل (( مبادرة أممية لحماية السيادة )) .. ماذا تعني هذه المفردات التي تم ( التغليس ) عليها، وكأنها مبادرة فرنسية هدفها الاستثمار في العراق والحصول على مكاسب اقتصادية في ظل مليشيات لا تعرف أي شيء سوى الاستحواذ على المشاريع والصفقات والاستثمارات غير المشروعة، فضلاً عن التهديد بالقتل والتدمير والتملص بسهولة من الالتزامات والتحلل منها ولا من يضمن نصوص العقود لغياب القانون وغياب القضاء وغياب السلطة التنفيذية .. ففي مثل هذه الأجواء كيف يمكن ان تبدأ مشاريع الاستثمار ما لم يصار الى تعزيز بيئة سلمية ومستقرة تحت حكم القانون والقضاء العادل خالية من المليشيات المسلحة التي تأمرها ايران متى ما ارادت ان ترجح مصالح الدولة الفارسية .. ثم من يضمن الأمن والاستقرار في العراق في ظل المليشيات التابعة لطهران؟

المبادرة هذه، كما اسلفنا، جاءت بتوكيل من اوربا والولايات المتحدة الأميركية لنقل رسالة، دون الخوض في تفاصيلها، وهي ( نحن الفرقاء الأوربيين معنيون بحماية سيادة العراق ، وإن السيادة وحدة واحدة لا تتجزأ ، وإن التدخل الأجنبي مهما يكن لونه وشكله ومقاصده يُعَدُ إخلالاً بسيادة العراق ).فلا يجوز لأيران أن تستثني إخلالها بسيادة العراق ووجودها المليشياوي المسلح العلني، الذي ينفذ أوامر القيادة الأيرانية، وإن الإدعاء بأن سيادة العراق تخرقها الولايات المتحدة الأميركية فقط هو إدعاء ملتوي وفاضح يرفضه المنطق ويرفضه الشعب العراقي وترفضه دول العالم .. فالمعنى المعلن للمبادرة واضح ( مبادرة أممية ) .. ومن المضحك ان تثار حول الزيارة الفرنسية الكثير من التكهنات الغرضية .. صحيح ان لفرنسا مصالح في العراق، ولكن لن ترق الى مستوى المصالح الأمريكية والبريطانية والأوربية عامة، وصحيح ايضاً ان الدولة الفرنسية تحاول ان تعزز مصالحها في العراق ولكنها غير مؤهلة لكي تملء الفراغ السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي الأميركي وفقاً لدعاوى لا تصمد كثيراً امام حقائق الواقع الذي يرزح بالملفات الصعبة والشائكة .. ولكن أية مصالح إعمارية أو استثمارية يمكن ان تتأسس في وكر الدبابير؟

ثالثاً - العراق والخليج العربي منطقة نفوذ بريطانية أزاحت بعضها اميركا نتيجة للتنافس على مناطق النفوذ، ولكن بريطانيا ظلت تلعب دور المستشار للمغامر الأميركي، فهي موجودة في الخليج بإتفاقيات وموجودة في العراق من خلال الشركات، ولكن الوجود العسكري الأمريكي في شكل قواعد عسكرية في اطار واقع إستراتيجي يحدده إطار الاتفاق الأستراتيجي والأمني الموقع رسمياً بين العراق والولايات المتحدة الأميركية يعطي ثقلاً سياسيا وعسكرياً واقتصادياً من الصعب ان تبلغه فرنسا لكي تملأ الفراغ المزعوم .. فالاستفزازات المليشياوية الولآئية الفارسية هي محاولات إزعاج لا تدفع الى عمليات حربية ولكن من المؤكد أنها تنتهي بما تسميه المصطلحات العسكرية الأميركية ( إصطياد البط ) على غرار تصفية قاسم سليماني والمهندس.

رابعاً - ما المغزى من مطلب ايران الإنسحاب الأميركي من العراق؟ ألم يكن تدخلاً ايرانياً بشأن العراق؟ ثم ، ألم يكن يرمي الى ابتلاع العراق؟ في الوقت الذي اعلن فيه الشعب العراقي من خلال ثورته العارمة انه يرفض الوجود الإيراني بأية صيغة كانت - فحرق القنصلية الايرانية وحرق مقرات المليشيات الولآئية الايرانية التي يسمونها الحشد الشعبي، ثم هدم بالشفلات مقرات هذه المليشيات وبيوت المسؤولين عنها - والقواعد العسكرية الأميركية يمكن الإتفاق حولها ما دامت تحمي من الأرهاب الداعشي ، وهو إرهاب فارسي، وتقدم المساعدات الأمنية .. ومثل هذه الاتفاقيات معمول بها في العديد من دول العالم .. إيجار قواعد عسكرية في تركيا وفي اسبانيا واليونان وجنوب شرقي أسيا وغيرها، ولا يشكل وجودها إنتقاصاً لسيادة تلك الدول.

خامساً - رسالة أوربا مصحوبة برسالة أميركا التي حملها " إمانويل ماكرون " الى العراق تحمل موقفاً يؤكد على ضرورة إنهاء النفوذ الايراني وحل المليشيات ونزع سلاحها وإبعاد القوى السياسية في العملية السياسية الفاسدة والفاشلة عن مسرح العمل السياسي لكي يتمكن العراق من إشاعة مناخ الأمن والأستقرار الذي من دونه يتعذر الحديث عن الإعمار والإستثمار.!!








الاحد ٢٥ محرم ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أيلول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة