شبكة ذي قار
عـاجـل










يقال في دارج الأقوال إن الحاجة هي أم الاختراع، واللجوء إلى الثورة السلمية حاجة فرضتها ظروف عراقية خاصة نتجت بجملتها عن غزو البلاد واحتلالها احتلالاً مركباً تشاركت في صدارته وتناوبت عليه ولما تزل إيران والولايات المتحدة الأمريكية وتليهما بريطانيا واستراليا وبإسناد مختلف المهام من قبل الكيان الصهيوني، بعضه منظور وجله غاطس لأغراض التعمية.

سلمية الثورة فرضتها معطيات الواقع التالية :
أولاً : انطلقت الثورة من بغداد وجنوبها، أي، في جزء العراق المحتل احتلالاً استيطانياً من قبل إيران وتحكمه قبضة المليشيات والأحزاب التابعة للاحتلال الإيراني بصيغة أذرع أو ذيول أو سكوت مرعوب برعب الإرهاب الفارسي، حمل السلاح هنا في هذه البقعة سيعني حرباً أهلية سنصفها اضطراراً وليس إيماناً بأنها حرب أهلية ( شيعية - شيعية ) ، وفي هذا المسار أو الخيار كارثة مضافة لكوارث العراق تنذر بإنهائه كدولة أو تنهي ما هو عليه الآن في كونه شبه دولة.
ثانياً : الأحزاب والمليشيات التابعة لإيران تمتلك السلطة والمال والسلاح، وهي من تريد جر البلاد إلى دمار يحرق العراق ككيان وطني اجتماعي سياسي، لأن إيران لا تريد سوى أرض العراق وثرواتها، والثورة المسلحة قد تتيح فرص تحقق هذا الطموح الميليشياوي الخامنئي.
ثالثاً : المواجهة المسلحة مع أذرع إيران وذيولها مفيدة حتماً في تلقينهم الدروس وإبلاغهم رسالة عراقية مفادها إن الاحتلال الاستيطاني في العراق مستحيل، غير إن المواجهة السلمية كمرحلة أولى أكثر أهمية لفضح الاحتلال الإيراني وتجريد الأحزاب والمليشيات من نقابها وحجابها وسواتر حجاباتها الطائفية وتفتيت قواعدها الشعبية الوهمية والحقيقة على حد سواء، وقد فجرت الثورة هنا ينابيع عراقية صافية عذبة، أوصلت المطلوب بلغة فصحى بليغة أوجعت الطائفية وأثارت هوس وجنون الغزو الإيراني وأدواته بما فاجأتهم به خارج توقعاتهم وحساباتهم الخطلة.
رابعاً : الثورة السلمية أقل كلفة بشرية ومادية في مرحلة تقويض المنطلقات النظرية والميدانية للاحتلال الإيراني، والكلفة الأقل تفيد أيضاً في تحجيم الإعلام المعادي الذي تمسك به قوى ودول الاحتلال.
سلمية الثورة ابتكار شعبي شبابي عراقي عبقري، وأهدافه المرسومة سلفاً أو التي تجددت مع تواصل أحداث الثورة عبر عام كامل من عمرها المنتصر بإذن الله تعبر هي الأخرى عن حيوية العقل العراقي ووحدة منتجاته النبيلة السامية، وهي ابتكار أيضاً في ثباتها الأسطوري واستعدادها لإثبات نظرية ( هيهات منا الذلة ) بجوهرها الحسيني الأصيل العميق الصادق، ولإثبات أن الدم الطاهر ينتصر على القوة الغاشمة إن كانت سيفاً أو بنادق صيد أو بنادق آلية أو سموم ومتفجرات وألغام وفرق اغتيالات ومداهمات ارهابية.
إن انتصار مبادئ وأهداف الثورة السلمية يمكن أن ترسم نهاياته التحررية الاستقلالية بثورة مسلحة لأن من يعطي الدم بصدور عارية لا يخشى حمل السلاح، ولكن بعد أن تأخذ السلمية كامل مدياتها وتنفذ إلى جغرافية العراق كلها ويلتحق بها كل شباب العراق ورجاله ونسائه من أم قصر إلى الموصل.




الاثنين ١٨ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة