شبكة ذي قار
عـاجـل










تُعَدُ عملية صنع القرار في مختلف دول العالم من المسائل المركزية ذات الطابع السري ، كما توصف بأنها في بعض مرافقها أو فواصلها معقدة حين تمر في مترشحات المؤسسات المهمة في الدولة ومنها السياسية والأمنية والإستخباراتية والتشريعية والمالية على سبيل المثال لا الحصر .. أي أنها ( عملية مركزية وسرية وآليتها خاصة ومعقدة ).

وسريتها تكمن في حصرها في دوائر ضيقة وأفراد لا يتعدون عدد اصابع اليد الواحدة لأعتبارات سرية، يتعلق بعضها بالأمن القومي للدولة.فيما يقع عامل المفاجئة في اصدار القرار في مقدمة العوامل التي تحيط بآلية القرار وقنواته حصراً .. ولكن عملية صنع القرار في العراق حاليا تختلف تماماً عن كل المفاهيم والإجراءات التي تخضع لها عمليات صنع القرار في العالم، وذلك لأنعدام المركزية أولاً وتعدد مراكز صنع القرار ثانياً وإنعدام السرية ثالثاً وتداخل الخنادق السياسية والأمنية والعسكرية والمذهبية في صنعه رابعاً ، الأمر الذي يستوجب التوقف عند هذه المؤشرات الأربعة من أجل تقييم الحالة وتشخيص إشكالية صنع القرار في العراق.

أين هي الإشكالية في صنع القرار : ؟
اولاً - إن تعدد مراكز صنع القرار في العراق من جهة، وإنعدام الترابط بينها بسبب إختلافات إجنداتها السياسية والأمنية والآيديولوجية من جهة أخرى، قد وضع الدولة عند حافة اللآقرار، وهي حالة شاذة عطلت نشاطات الدولة وكبلت مؤسساتها وأوقفت مشاريعها وأضرت بمصالح الشعب العراقي وتركت البلاد تسير على طريق الفشل الكامل والشامل.فقد توزعت مراكز صنع القرار بصورة غريبة بين أحزاب وتجمعات سياسية مثل ( حزب الدعوة - نوري المالكي - ومليشياته ) و ( الحزب الإسلامي ومليشياته ) و ( حزب الحكمة - عمار الحكيم - ومليشياته ) و ( منظمة بدر - هادي العامري - ومليشياته ) و ( التيار الصدري - مقتدى الصدر - ومليشياته ) و ( الحشد الشعبي - مليشيات، معظمها ولآئية إيرانية ) و ( المرجعيات - ومليشياتها ).كل هذه الاحزاب ومليشياتها لها تمثيل في ( البرلمان ) وتظهر في شكل كتل نيابية، ولجان أمنية واقتصادية وعسكرية وحقوقية تحتكر القرار لمصلحة احزابها وتشرع القوانين وتعطلها كلما أرادت احزابها ذلك.

ثانياً - ولهذه الاحزاب والكتل البرلمانية توزيع طائفي على الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات المختلفة .. فوزارة الداخلية من حصة منظمة بدر - هادي العامري - والوزارات الخدمية من حصة التيار الصدري - مقتدى الصدر .. اما وزارة النفط والنقل والمواصلات والتربية والتعليم العالي والصحة والتجارة والزراعة ، إلخ ، فهي موزعة طائفياً ومواردها تجبى للأحزاب المسؤولة عنها، وكلها لها حصص من ميزانية النفط السنوية .. فيما يحتكر ( حزب الدعوة - نوري المالكي ) السلطة التنفيذي ويسيطر على البنك المركزي وهيئة القضاء الأعلى المسيس أصلاً، سواء كان رئيساً للوزراء أو نائباً لرئيس الجمهورية أو حتى وهو يقود ما يسمى حكومة الظل.

ثالثاً - قرارات الوزراء لا قيمة لها ـ لأن الوزارات رغم ارتباطها شكلياً برئيس الوزراء، إلا انها تنفذ قرارات احزابها حصراً ومصلحة هذه الأحزاب فوق مصلحة الدولة ومصالح الشعب.
رابعاً - مليشيات الحشد الشعبي تجبي موارد الدولة - وهي بمليارات الدنانير - لحسابها ولحساب احزابها وليس للدولة سلطة في ذلك من المنافذ الحدودية حتى وزارات الدولة ومخازنها ودوائرها ومؤسساتها .. وهي التي تعقد الصفقات التجارية الوهمية وتؤسس المشاريع الوهمية وتنهب تخصيصاتها ومبالغها بمليارات الدولارات، فيما تحصد ملايين الدولارات من رواتب المتقاعدين والموظفين والعسكريين الوهميين الذين يسمونهم بـ ( الفضائيين ).

خامساً - مليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران لها مهمتين مزدوجتين عند تنفيذ قرارات ( إريج مسجدي وأقاني وكوثراني ) ، الأولى : عسكرية بصيغة انتشار ( ألوية وأفواج وفصائل وسرايا ) بوضح النهار والثانية : يتحول المليشياويون إلى لصوص ليليين يسرقون وينهبون المواطنين ويقتلونهم ويغيبون بعضهم، يتم ذلك بلباس مدني، ثم يعلن الحشد الشعبي أنهم ( دواعش ) نفذوا غاراتهم وروعوا المواطنين وسلبوا حلالهم وقتلوا اولادهم .. وحقيقة الأمر، أن عناصر الحشد الشعبي يظهرون في النهار، في الليل يظهرون دواعش .. ويظل مسلسل العلاقة المزدوجة بين الحشد الشعبي والدواعش علاقة تنظيمية وتنفيذية واحدة يديرها الثلاثي ( إريج مسجدي وآقاني وكوثراني ) وأدواتهم قيس الخزعلي وهادي العامري وأكرم الكعبي والولآئي وأوس الخفاجي ونوري المالكي وعمار الحكيم ومقتدى الصدر .. لأن داعش صناعة إيرانية ، خلقتها لتبرير تأسيس الحشد الشعبي بديلا عن الجيش النظامي العراقي وعلى غرار الحرس الإيراني.
خامساً - القضاء العراقي ومركزه وقضاته ومحاكمه ولجان تحقيقاته، كلها موزعة على أحزاب السلطة في العملية السياسية .. فهو قضاء مسيس، كما اسلفنا، ومؤدلج يفتقر الى الحيادية والموضوعية ويفتقد النزاهة والكفاءة والوطنية الجامعة لمصلحة المواطن ومصلحة الوطن .. ومن هذه الزاوية الواقعية فليس هناك فصل بين السلطات .. فالسلطة التنفيذية والسلطة القضائية والسلطة التشريعية ، كلها مرتهنة في قبضة الأحزاب الإسلاموية الموالية لإيران.

سادساً - صيغة العمل الكائنة بين القضاء وبين الأمن والشرطة، هي صيغة مخادعة متفق عليها .. تصدر مذكرة إعتقال مجرم أو لص أو فاسد، وحين يخضع للتحقيق، بعدها يطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة.والحقيقة هي ان احد اصحاب القرار يتدخل لأطلاق سراحه.

سابعاً - الأجهزة الأمنية تجمع المعلومات الميدانية حول الأرهاب والعصابات والقتلة والفاسدين، وهي معلومات عمل مهنية، ترفعها إلى مراجعها العليا في السلم الوظيفي لتلك الأجهزة لأغراض صدور القرار أو الأمر، عندئذٍ تأتي الأوامر من الأعلى بطي الملف وغلق الموضوع .. وحين يتم التساؤل عن السبب ، يأتي الجواب (( إن هذه الجهات هي اكبر من قدرات الأمن والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب، فلا نريد أن نتحارش بها )).طبعاً أن تلك الجهات ممثلة بالأحزاب الإسلاموية والمليشيات الموالية لإيران التي لا تسمح بمعاقبة أو محاسبة الفاسدين واللصوص والقتلة، وتأمر بغلق الملفات.!!

وهكذا، لا حالة تعالج ولا ملف يفتح إلا ليغلق من جديد ولا قرار ينفذ حتى من الكاظمي ومهمته هي لتنفيس حالات الضغط وحالات التوتر .. يتوعد بمحاسبة القتلة، ويشكل لجان التحقيق ( إعلامياً ) فقط ، لأمتصاص النقمة الشعبية، ولا أحد يُعتقلْ ولا احد يُعلنْ عن محاسبته ولا احد يدخل السجن، لا محكمة ولا هم يحزنون، إصدارات المحاكم مجرد أوراق لا قيمة لها .. الحالة الراهنة لا تعالج إلا بمعالجة الرؤوس العفنة الكبرى ، نوري المالكي وهادي العامري والحكيم والخزعلي، كما يكمن في حل الحشد الشعبي وإلا لن تقوم للعراق قائمة .. العراق على حافة الإفلاس ، موارد الدولة تنهبها مليشيات الحشد الشعبي ، وأوامر مركزية من إيران بأن يبقى العراق بدون مشاريع زراعية ولا صناعية وليس مسموح له بإنتاج أي شيء ، لأن إيران تريد تصريف منتجاتها على العراق وتجعل منه سوقاً تابعة لها تمتص منه قيمة أخر برميل من مخزونه الإستراتيجي من النفط والغاز.وفي سبيل ان يستمر النهب والسلب والقتل والتهجير، يدفع بالعراق إلى الإقتراض الخارجي وهو لا يملك مردودات او مشاريع انتاجية تساعده على تسديد ديونه الخارجية، فتتراكم مع فوائدها ليتم جدولتها إلى ان يعلن العراق رسمياً انه قد دخل خانة الإفلاس.

الكاظمي يعد الأيام ليترك العراق، وقد اتم ما اوكلت له من مهمة ( سد الفراغ ) ، فليس لديه منهج للأولويات، وهو يداري عصابات السلطة ويجتمع بهم، وهو يعلم تمام العلم بفسادهم وبجرائمهم ولا يستطيع فعل شيء والواقع الراهن خير برهان .. قتلة ثوار العراق السلميين معروفون ولم يعتقل منهم أحداً ، والسراق واللصوص معروفون بالأسماء ولم يعتقل منهم أحداً.والذي ادخل دواعش المخابرات الإيرانية من سوريا الى العراق لإحتلال الموصل بسلاح خمس فرق عسكرية وبأمر من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وهو موجود ولم يحاسبه احد على خيانته العظمى ومجازرة المتعددة ومنها مجزرة معسكر ( سبايكر ) والحويجة وصلاح الدين وغيرها.وكذلك الذي نهب املاك الدولة واملاك المواطنين في بغداد ( عمار الحكيم ) موجود ولم يحاسبه احد على جرائمه المخلة بالشرف ، وقيادته لمقرات النوادي الليلية ومراقص اللحم الحرام ومباركته مكاتب المتعه الجنسية، فضلا عن نهبه املاك الوقف الخاص باليتاما، واستحواذه على اراضي الدولة الزراعية وبيوت المواطنين المشردين السكنية وتحويلها الى مولات .. والقائمة طويلة وطويلة جداً بأسماء الطغمة الإيرانية الفاسدة التي تحكم العراق.

فهل يمكن رؤية عملية صنع القرار في العراق تأخذ سياقها الطبيعي مثل دول العالم؟ وهل ترتجي حكومات الدول التي تتعامل ثنانياً تمثيلياً في علاقاتها مع العراق ضمانات على مواطنيها وشركاتها وارصدتها والمشاريع التي تنفذها في ظل هذا الإنحطاط الذي يستولده وجود المليشيات المسلحة واحزابها التي ترتبط مع ايران وتنفذ سياساتها .. وهل يمكن الحديث عن استثمارات في ظل انعدام الأمن والإستقرار؟

كل ما تقدم نضعه امام انظار الشعب العراقي اولاً وامام انظار العالم ليدركا حجم الكارثة التي تدفع بالعراق نحو المجهول.!!








الاربعاء ٤ ربيع الاول ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة