شبكة ذي قار
عـاجـل










كان العراق إبان حقبة الحكم الوطني ( ١٩٦٨ - ٢٠٠٣ ) يقيم علاقات مع مختلف دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية، والكيان الصهيوني هو الاستثناء الوحيد، كان العراق يتاجر بيعاً وشراء ويحافظ على الحد الأدنى المتاح من العلاقة مع أميركا وكان العامل الامبريالي والعامل الصهيوني هما العائقين أمام إطلاق علاقات واسعة سياسية واقتصادية وغيرها بين البلدين.

كان العراق حريصاً على عدم المساس بمصالح دول العالم، ويتعامل بحكمة وعقلانية لدرء الخطر الامبريالي الصهيوني عن نفسه، وكان يحاول بطرائق خاصة أن يحيد ولو بعض العداء الأمريكي الغربي الامبريالي الناتج عن تبني الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً للكيان الصهيوني.

لا يستطيع إنسان في الكون أن يعزل الغزو الأمريكي المؤلف مع عشرات الدول للعراق عام ٢٠٠٣ عن :

١ - مصالح وأمن واستقرار الدولة الصهيونية المغتصبة لفلسطين.

٢ - تأميم النفط العراقي الذي أنجزه العراق عام ١٩٧٢، وصار بعده سيد نفسه في إنتاج وتصدير وتصنيع النفط، الذي أوقف الاستغلال البشع لثروات العراق من قبل الشركات الأمريكية والغربية، ووظفه لصالح تنمية العراق وازدهار شعبه.

فالولايات المتحدة شنت غزوها على العراق واحتلته لإزاحة البعث من السلطة، ولإزاحة تأثيرات سلطة البعث على الدويلة الصهيونية من خلال الثقل العظيم الذي حققته سلطة البعث للعراق في علاقاته الإقليمية والدولية، وكل ما طرحناه إلى اللحظة مكرر وصار بديهة من بديهيات المعرفة الإنسانية والواقع المنظور ولا يناكف فيه إلا جاهل أو صاحب أغراض مشبوهة خبيثة أو صاحب عداء تقليدي مع البعث والنظام الوطني.

سمعنا الكثير بعد الكوارث والزلازل التي حلت بالعراق وبالأمة العربية بعد غزو العراق، عن علاقات ومؤتمرات وندوات واجتماعات بين البعث وبين الأمريكان رغم أن كل من يطلق كلمة أو عبارة في هذا الموضوع يعلم أن الأمريكان قد هدموا العراق عبر إجراءات ميدانية من بينها :

١ - اصدار قوانين اجتثاث البعث.
٢ - حظر الحزب في الدستور الذي سنه الاحتلال.
٣ - استهداف الحزب قواعداً وقيادات بالتصفيات الجسدية والاعتقالات، واضطر ملايين البعثيين للنزوح داخل العراق بلا لقمة عيش ولا مأوى آمن، وملايين أخرى هاجرت خارج العراق.
٤ - حل الجيش العراقي وقوى الأمن المختلفة.

ولا أحد يعرف على وجه التحديد كيف ولماذا ينظم الأمريكان لقاءات مع البعث ضمن ماكينة اللغط التي لم تتوقف منذ ٢٠٠٣، لا أحد يعرف فيما إذا كان الأمريكان قد غيروا مواقفهم وآراءهم التي من أجلها قاموا بغزو العراق ودمروه ليكون البعث جزءاً من مسارات المراجعة، ولا أحد يعرف فيما إذا كان البعث قد راجع موقفه من تأميم ثروات العراق ولا من أمن الكيان الصهيوني وغيرها من مناهجه السياسية الميدانية المؤمنة بالاستقلال التام الناجز ورفض الذيلية والتبعية لكي يقدم عروض مراجعة للأمريكان.

ليس عيباً ولا نقيصة ولا خطأ أن يتفاوض البعث كحركة تحرر وكحزب قومي وحدوي معروف وله قواعد شعبية هي الأعظم في كل أقطار الأمة، وليس عيباً أن يسعى البعث لرفع الحيف والظلم المتوحش الذي وقع عليه منذ سنة ٢٠٠٣، وليس عيباً أن تتراجع الولايات المتحدة الأمريكية وتعتذر وتعوض العراق وشعبه عن الأضرار الكارثية التي سببها الغزو والاحتلال والعملية السياسية المخابراتية، ورغم ظهور تصريحات من هنا وهناك من مسؤولين أمريكان سابقين وفي السلطة يعترفون بها بالآثام والخطايا التي سببها الغزو الأمريكي ولكن السائد على هذه الاعترافات هو الإقرار بخسائر أمريكا الفادحة البشرية والمادية والاقتصادية وبضياعها السياسي الذي نتج عنه تسليم العراق إلى الاحتلال الإيراني الذي مهما كانت طبيعة علاقاته الاستراتيجية مع الصهيونية ومع الامبريالية الأمريكية إلا إنه يبقى احتلالًا له أهدافاً فارسية خاصة به، قد يتماهى بعضها مع المسارات الأمريكية الصهيونية، وقد يشذ بعضها ليمثل تطلعات امبراطورية تاريخية كهنوتية فارسية إجرامية ضد العراق وضد الأمة العربية.

لم يقدم لنا القائلون بتراجع أمريكا ولو نسبياً عن مواقفها العدائية للبعث دليلاً واحداً يثبتُ صحة هذا التراجع، لا من جهة إلغاء قوانين الاجتثاث، ولا من جهة رفع الحظر الدستوري على البعث في العراق، ولا من جهة تقديم أية تسهيلات حياتية للعراقيين النازحين والمهجرين الذين يعيشون حياة فاقة وبؤس وقلق واستهداف في كل مكان يضيق عليهم أبسط حقوق الإنسان.

إن الحديث عن إعلان بايدن في تسريب ملأ الميديا بكل قنواتها مؤخراً عن ضرورة عودة البعث للسلطة ليعود الاستقرار للعراق وللمنطقة يصطدم بـ :

أولاً : البعث ليس تنظيماً ذيلياً تابعاً لأي دولة ولا للولايات المتحدة الأمريكية لتقرر متى تشاءُ عودته للسلطة من عدمها، فالبعث حزب قومي تقدمي اشتراكي وحدوي، ينتمي له ملايين العراقيين العرب في مختلف أقطارنا العربية، والبعثيون يرفضون رفضاً قاطعاً، نظرياً وعملياً، أن يستلم الحزب السلطة بقرار أمريكي.

ثانياً : لنفترض لأغراض الجدل فقط لا غير أن بايدن ومعه الإدارة الأمريكية وأوروبا كلها قد قرروا إعادة البعث إلى السلطة فما هي آلية عودته؟
هل سيكون جزءاً من العملية السياسية الاحتلالية؟

الجواب هنا قطعاً لا، ولن يجد العالم كله بعثياً حقيقياً واحداً يقبل بالانضواء تحت حراب هذه العملية المخابراتية الاحتلالية التي دمرت ولا زالت تدمر وطننا وشعبنا.

غير هذا .. من يستطيع أن يرسم لنا لوحة العلاقة بين البعث وأحزاب وميليشيات سلطة الاحتلال إذا نلنا بركات بايدن؟

نتمنى على من يتحدث أن يتوخى الدقة، ويستخدم العقل، ويستحضر الواقع والوقائع لكي يكون للكلام قيمة ومعنى.

نحن البعث حزب الشعب، وسلطتنا الحقيقية والأهم هي أن نقود شعبنا نحو أهدافه التاريخية تحت راية رسالتنا الخالدة.





الاحد ٢٠ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة