شبكة ذي قار
عـاجـل










معادلة طبيعية تخص المخلوق البشري في مسيرته الحياتية الاجتماعية وبما تتضمنه من تفاصيل تنظم وجوده كأحد أفراد المجتمع في مفهوم الحقوق والواجبات التي ينتظم بها الشعب المكون لأمة في دولة معينة.
ولفهم الترابط الوجودي والمصيري بين الأمة والوطن، فمن الطبيعي أن يهب الشعب للدفاع عن وطنه الذي هو الكيان الأعلى الذي يجسد مصلحة الأفراد في العيش بحرية وسيادة وكرامة وأمن وأمان واطمئنان ومستقبل زاهر لكل أبنائه، ووطن مهاب الجانب في المحفل الدولي بين الأمم.

استناداً إلى ما تقدم، سعى حزب البعث عبر ثورة ١٧ - ٣٠ تموز المجيدة أن يترجم مبادئه في أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة انطلاقاً من القطر العراقي وجعله نموذجاً يحتذى وحافزاً للوطنيين والمخلصين من أحزاب وطنية ومثقفين في نشر الوعي بين الجماهير ليثوروا على واقعهم المزري والإطاحة بمنظومة الفساد الحاكمة واسترداد الحرية بعد سلبها من قبل شذاذ آفاق عملاء لا شرف لهم، سطوا على مقدرات الأمة، وتعاونوا مع أعدائها في الإثم والعدوان واغتيال الوطن والمواطن.

ثلاثون عاماً ونيف من الحكم الوطني بقيادة البعث كان العراق فيها عظيماً في كل شيء، وبالرغم أن أكثر من نصف تلك المدة قد توالت فيها على العراق أزمات حادة افتعلها أعداؤه لكبح جماح المد الوطني العروبي فيه، فكانت الحرب المفروضة عليه والحصار الجائر الذي تلاه، وكان يقابلها وفي تلك الفترة حقبة من الازدهار والتطور الذي أدهش الخصوم والأعداء قبل الاشقاء والاصدقاء.

بكل بساطة إن المرحلة التي نعيشها هي ذاتها حقبة سايكس بيكو ووعد بلفور ما زالت ممتدة إلى وقت غير معلوم وكل من يتجرأ على الرفض والتمرد والثورة سوف يعاقب طبعاً حسب مفهومهم بالإعدام، وهذا المفهوم لم يكن غائباً عن بال القيادة بل تحدته لإيمانها بأحقية الأمة في عيش كريم بعيداً عن التبعية والاستعمار، وخاصة بعدما اعتبر البعث أن قضية فلسطين المحتلة هي القضية المركزية للأمة، الى جانب كل شبر محتل من الوطن العربي الكبير.

لهذه الأسباب قادت أمريكا أكبر حملة في التاريخ لغزو العراق مباشرة بعد فشل الوسيط الإيراني بذلك، وتنصيب عملاء وخونة فيما يسمى العملية السياسية التي أقامها بول بريمر مترافقة مع حل الجيش الوطني واجتثاث حزب البعث.

وغزو العراق له أهداف متعددة أبرزها نسف المنظومة العلمية عبر اغتيال كبار العلماء والإجهاز على النفس العروبي واستبداله بالفتنة الطائفية والمذهبية الكفيلة بإعادة العراق إلى عصر أبي جهل ومسيلمة وابن سلول، أما تقسيم العراق إلى أقاليم فهو الهدف الأكبر الذي يطمئن الصهيونية وحليفتها الصفوية الفارسية لجعله فريسة سهلة الهضم والابتلاع عبر التغيير الديموغرافي الجاري على قدم وساق، إن في تغيير هوية الساكنين في المحافظات والمدن وتفريغها من هويتها التاريخية عبر استقدام أقوام من باكستان وأفغانستان وغيرهم ومنحهم الجنسية العراقية، ويشرف على تنفيذ الأجندة الصفوية عملاؤها عبدة الشياطين من معممين وأحزاب مذهبية تدين بولائها لفكر ظلامي صفوي، وهو في حقيقته ليس سوى منتج استخباراتي أمريكي غربي يحقق فائدة مزدوجة للتمدد الفارسي الحالم بعودة كسرى الهالك وتمكين الصهيونية من اغتصابها لفلسطين، في ظل جوار عربي متناحر ومفكك لا حول له ولا قوة.

خاب فأل هؤلاء، لم يدركوا أن الغفوة مدتها وجيزة وأن الوعي بدأ يسترد عافيته والحافز هو الوضع المزري والغير طبيعي الذي وصل إليه العراق من وعد بحرية ورفاهية ودولة ديمقراطية إلى عراق يتحكم به المرجع والسيد والفلتان الأخلاقي والكوارث الاجتماعية وعجز في تأمين المستلزمات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، ناهيك عن انتفاء سيادة القانون واستبدالها بالأحزاب والميليشيات التابعة لإيران فعاثت الفساد والخراب والدمار والاغتيالات والخطف والاعتقالات على أسس مذهبية، وكل ما لا يخطر في بال من تصرفات يندى لها جبين الإنسانية، فكل مغريات ( العيش الكريم الموعود ) رفضها الشعب المهدور حقه ودمه وقال لا لتلك الفئة الباغية، فإن العراق كان عظيماً وسيبقى عظيماً وما هذه المرحلة سوى عقبة في طريق التقدم والازدهار الذي بدأ به الحكم الوطني بقيادة البعث ورجالاته القادة العظام، وفي مقدمتهم شهيد الحج الأكبر الرئيس القائد صدام حسين والشهيد المعتز بالله عزة إبراهيم رحمه الله، وغيرهم من القادة التاريخيين، والذين سيخلفهم حتماً قادة من هذا الطراز، ولأن كل بعثي هو في الحقيقة مشروع قائد.

إن ثورة تشرين في العراق ليست سوى القطار الذي سوف يعيد العراق إلى سكته الوطنية العروبية كما عهده الشعب العراقي والأمة العربية، ومحاولاتهم الفاشلة في إجهاضها دليل على كمية الخوف التي تملأ قلوبهم مهما حاولوا فإن إرادة الشعب أقوى، فحتماً إن الحق منتصر، والشعب سينتصر والعراق سينتصر، والله أكبر، والله المستعان.





الاحد ٢٠ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو محمد عبد الرحمن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة