شبكة ذي قار
عـاجـل














ثمة من يتوفاه الله في نهاية طبيعية لسفر حياتي مادي غير أن سفره الروحي يستمر عصوراً لاحقة ويولد مجدداً مع ولادة أجيال لاحقة، وللسفر الروحي استطالات وامتدادات وحيثيات تفرض حضورها على الواقع المادي بطرائق مختلفة ومتعددة فتصوغ العلاقة الجدلية العضوية بين الروح كمصدر إلهام وبين الماديات كمكونات منظورة، فالفكر الذي يخلفه الشخص بعد أن يتوفاه الله سبحانه والبصمات الإيجابية والإرث من الأولاد والأحفاد والإنجازات الوظيفية والسياسية والمؤلفات والخطب والرسائل والأحاديث والسيرة القيادية البارزة وغير ذلك من الآثار التي التهمتها وانغرست بملايين العقول تجعل الناس والأحداث والعقائد والحركات السياسية والإصلاحية والمقاومة وصفحات الجهاد والكفاح والنضال وكل من كانت لهم تفاعلات متبادلة مع الشخص المنتقل إلى ذمة الله تديم صلة الوصل بصاحب الذكر حتى يتضاءل الهامش بين مجريات وقائع الحياة المادية التي كانت وبين مجرياتها بعد أن يمضي المعني إلى ربه في دار البقاء.

الباحث والكاتب المؤلف يبقى متداولاً كمصدر أو مرجع للدارسين وللباحثين وللقراء.

والبطل القومي يظل نبراساً لكل دعاة القومية الإنسانية والمنافحين والمكافحين من أجل الحقوق القومية والازدهار والكينونة القومية.

والقائد السياسي لحزب عريق ثابت البقاء في بيئته يبقى منهلاً بخصاله وسيرته وإنجازاته القيادية التي رفعت من شأن الحزب ووسعت قواعده وجعلته يفوز برضى الشعب ويكون منقذاً في الظروف الحالكة ومبهجاً في ظروف البناء.

الرفيق القائد الشهيد عزة إبراهيم رحمة الله تغشاه تجتمع فيه كل عوامل بقاء الذكر والتأثير.

أولاً : الرفيق عزة إبراهيم أحد قادة ثورة العراق التي فجرها حزب البعث العربي الاشتراكي عام ١٩٦٨، ورجل من رجال نهضة العراق العملاقة التي أنجزتها الثورة على كافة صعد التنمية ومساراتها التربوية والاقتصادية والعلمية والعمرانية والزراعية والخدمية التي أفضت إلى رفع مستوى معيشة وتعلم وصحة الإنسان إلى ما يضاهي دول العالم المتقدم وكما لم يحصل في كل تاريخ العراق والأمة العربية.

ثانياً : كان الرفيق عزة إبراهيم حاضراً فاعلاً في كل التحولات والانجازات التاريخية من تأميم النفط إلى ترسيخ الوحدة الوطنية بإعلان الحكم الذاتي وإقرار الحقوق المشروعة لشعبنا الكردي وفي رسم خطط التنمية الانفجارية وتنفيذها، وكان حاضراً في كل معارك الدفاع عن ثورة العراق وإنجازات شعبه وفي معارك الدفاع عن الوحدة الوطنية ومعارك حماية سيادة العراق واستقلاله في قادسية العرب الثانية، قادسية صدام المجيدة.

ثالثاً : قاد الرفيق عزة إبراهيم إلى جانب رفاقه الأبرار أحمد حسن البكر وصدام حسين وطه ياسين رمضان وصالح مهدي عماش وسعدون حمادي وطارق عزيز وغيرهم من قادة الحزب والدولة عمل ونضال حزب البعث العربي الاشتراكي في ساحة القطر العراقي وعلى الساحة القومية بالتفاعل مع قيادة الحزب القومية وفروعه في مختلف أقطار الوطن العربي مما أدى إلى وصول مد التيار القومي العروبي الوحدوي التقدمي إلى أعلى مستوياته في العصرين الحديث والمعاصر.

رابعاً : جمع الرفيق القائد عزة إبراهيم باقتدار نادر وبانصهار متفرد بين أدب وأدبيات وفكر وعقيدة الأمة القومية وبين عوامل الانتماء للإسلام الحنيف وكل معاني ومعايير وقيم الإيمان الربانية، وقد انعكس هذا الترابط العضوي الشامخ في شخصيته التاريخية وقاد إلى المساهمة المقتدرة في إسقاط وتسفيه تهم التكفير عن البعث، وعبر عنها بوضوح لا لبس فيه في خطبه ورسائله وسلوكه الشخصي والعائلي والتنظيمي والجهادي قبل غزو العراق وبعده التي صارت مرجعاً فيما يمكن أن نسميه الفكر القومي الوحدوي الاشتراكي الإيماني.

خامساً : قاد الرفيق عزة إبراهيم مقاومة العراق الباسلة بعد غزو العراق حيث انتقل مع رفاقه الأبرار من موقع المسؤولية في الدولة والحزب مباشرة إلى موقع قيادة مقاومة شعبنا الباسلة ضد الغزو والاحتلال الغاشم المجرم سنة ٢٠٠٣ وحتى توفاه الله رحمة الله عليه وقد رسمت هذه المقاومة الجسورة مستقبل العراق الحقيقي الذي يعني بالنسبة لنا حتمية عودة العراق إلى عزه ومجده ودوره وثقله الوطني والقومي والإنساني.

سادساً : يسجل للقائد الشهيد عزة إبراهيم قيادة الحزب في العراق وفي عموم جغرافية الأمة العربية في أحلك وأصعب ظروف تعرض لها على الإطلاق بعد غزو العراق.

سابعاً : في تفاصيل علاقة الرفيق عزة إبراهيم مع واقع العراق ومخاض المقاومة الشرسة الأسطورية التي قادها ما يملأ صفحات مجلدات من الإرث العظيم، ومنه علاقاته مع رفاقه وإدارته للعمل التنظيمي الشائك والمعقد وابتكاره لوسائل تواصل واتصال وإدامة صلة، وفي تعويض القيادات التي كانت تستشهد أو تعتقل، وفي صبره العجيب وقدرات تحمله المتفردة.

ثامناً : تمكنت قيادة الرفيق عزة من الحفاظ على وحدة البعث الفكرية والتنظيمية، وتقزيم الردات الفردية والتساقطات العنيفة التي نتجت عن الغزو والاحتلال والاجتثاث والإقصاء والملاحقات الشرسة لأعداء لم يواجه حزب من قبل كثرتهم ولا قوتهم ولا وحشيتهم.

هذه بعض مرتكزات اطلالتنا على قانون البقاء وديمومة التأثير للرفيق الشهيد عزة إبراهيم، وبعض براهيننا على أن هذا الرجل الاستثنائي والقائد العقائدي الرسالي يولد كل يوم وإلى أن يرى العراق اشراق يوم جديد تنصب فيه النصب والجداريات وتؤلف الكتب والأطروحات، وتشرق صفحات للتاريخ بقلم العراق وليس بمزاج شخص ولا حزب من أحزاب ركبت على أكتاف الغزاة لتصل إلى العراق وتحكم رقاب شعبه بالهلاك والفناء والفساد، فيخلد عزة إبراهيم ورفاقه وذلك هو قدر الأبطال .. الأبطال لا يموتون.




الثلاثاء ٢٢ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة