شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد سويعات قليلة على احراق بلدية طرابلس ومحكمتها الشرعية ، ليل ٢٨ / ١ / ٢٠٢١،
وردتني رسالة نصيًة وانا خارج لبنان ،من صديق ٍ عزيز تجمعني به ( طرابلسيتنا ) وثقافته الواسعة واهتمامنا المشترك بالقضايا العامة ،واننا ابناء منطقة نعتزُ بها هي
( باب التبانة ) ،
فوجئت به يسألني :

اظنك تتمنى ان تكون في طرابلس هذه الايام !

لم انتظر لأجيب عليه كتابةً وانما اتصلت به على الفور مصبّحاً أيّاه ولُأُفاجأ بكم الاسى والقلق الذي يعتريه وهو يبلغني انه لم يستطع النوم وطرابلس الحزينة تقضٌ مضجعه ويكرر علي اكثر من سؤال منطقي ومشروع :

- من تعتقد له المصلحة في احراق المدينة ،
- ومن يريد كسر ارادة اهلها والصاق تهم التطرٌف والهمجية بهم،

- من استغل تحرُك الجياع وهم يطالبون برغيف الخبز وحليب الاطفال والنظر السريع في اوضاعهم المادية ،والغالبية فيهم غير موظفين او يتلقون رواتب دائمة وانما يحصلون على قوت يومهم بعرق الجبين ،كل يو م بيومه ،الى ان جاءت اجراءات اغلاق البلد الجبرية دون ان تلحظ السلطة اللبنانية اي تعويض لهؤلاء،

- هل برأيك الدولة الاقليمية هذه وتلك الاخرى ،هما وراء هذه الاعمال التخريبية لانهم لا يريدون الخير لهذا البلد ،

- وهل تعتقد ان الحزب الفلاني او التيار العلّاني يريدان تدفيع طرابلس ثمن وقوفها الى جانب انتفاضة اللبنانيين ضد هذه الطغمة الفاسدة الحاكمة،

- ولأنني لا املك اجابات سريعة وارتجالية على كل ما تقدم ،بانتظار ما سوف تسفر عنه التحقيقات الامنية،

ومع انه من المتوحب على كل تلك الجهات ان تحدد مسؤولياتها تجاه ما حدث، فتقدم الاجابات المنطقية والمقنعة حول ما تريد ان تقوله للرأي العام اللبناني والاقليمي،

فإن المسؤولية ،ومن الناحية الواقعية والقراءة الاولية لما حدث،
يجب ان تتحملها السلطة اللبنانية راعية هذا النظام الطائفي اولاً بأول ،

هذه السلطة المشغولة هذه الايام بصراعاتها البينية وبياناتها الاستفزازية التي يرددها على مسامعنا صباحاً مساء ، هذا المسؤول وذاك في المواقع المتقدمة فيها،الرئاسية منها والحكومية والنيابية واحزابهم المهيمنة على مرافق البلاد والعباد ،وكلها تنحو باتجاه الشحن الطائفي والمذهبي وادعاءات الحرص على المكاسب الضيقة والخاصة دون اي اعتبار لواقع اللبنانيين المذري والمتردي ،والاصرار على التعامل معهم كرعايا في مزرعة ورثوها عن ابائهم وجدودهم وقد جعلوا من مقدرات الوطن بقرةً حلوباً يصرُون على تجفيف ( ضرعها ) كل يومٍ وليلةٍ ،

ولما نفذ هذا الضرع ،يلجإون اليوم الى تقطيع البقرة وتوزيع لحمها وجلدها وحتى عظامها فيما بينهم دون ان يرّف لهم جفن حياء او ترى منهم ذرًة خجل وقد اداروا ظهورهم لكل مصالح الشعب ومعاناته وصولاً الى التآمر فيما بينهم ،بالتكافل والتضامن ، لزهق كل ارادة شعبية تصبو للتغيير والتمرد على الواقع الفاسد وهذا ما يجري العمل عليه الآن على كل قدمٍ وساق.
- شاركني محدّثي في نقاشٍ طويل لا يُمَل منه الكلام الموضوعي الغيور على المدينة واهلها ليقطع ذلك انتباهته انه على موعد مع طبيبه المعالج في البلد الاوروبي بعد قليل ،فسألته :
الا تستطيع تغيير هذا الموعد !

اجاب : رغم انني مقيم دائم في هذا البلد ولم ارغب في الحصول على جنسيته مكتفياً بلبنانيتي هويًةً،فإنني اتمتع بضمان صحي شامل ومجاني يوجب عليّ اجراء الكشف الطبي بشكل دوري خاصة انني صرت فوق الستين من العمر وهذا النظام الصحي والاجتماعي يوفر لامثالي استقراراً وطُمأنينةً غير متوفرة في لبنان ومن الخطأ الجسيم ان انقطع عن هذا الموعد ، ليضيف : ان نظام التأمين الصحي والاجتماعي هذا والمعروف بقانون CMUلا يشمل المقيمين فحسب وانما يغطي كل حالات الطوارئ حتى لمن ليس لديهم اقامات من المخالفين ،الى الطلاب والزائرين والفقراء وكل محتاج للعناية بغض النظر عن جنسه وهويته والتغطية تشمل مئة بالمئة من التكاليف المطلوبة.

امام هذه اللحظة بالذات سألته قبل ان يغادرني :
برأيك لو كان للبنانيين هذا الاهتمام الذي تلقاه انت والآخرون الغرباء في بلد المهجر ، هل كانوا ليثورون على حكامهم ويلجأون الى كل انواع العنف عندما يفقدون كل حيلة في اي تغيير حقيقي بحثاً عن حياةٍ كريمة كما تعيشونها انتم؟

الا ترى يا صديقي ان الوجع والجوع في بلدنا توأمان وهذه الحقيقة تقطع الشك باليقين عن المسؤول الاول والاخير عن معاناتنا كلبنانيين ولتأخذ التحقيقات الجدية بعد ذلك مجراها حول من خرّب في طرابلس ومن هو المخرًب الحقيقي في نهاية المطاف الذي افسد دولةً عن بكرة ابيها ويدفع بشعبه الى الشوارع والساحات واصفاً اياهم بالغوغاء والمخرّبين وهنا لعمري الاجابة الشافية التي تبحث عنها وفيها بيت القصيد والى اللقاء على امل ان لا يُقَيّد ما حصل ، ضد مجهول غداً.





الاحد ٢٣ رجــب ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / أذار / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة