شبكة ذي قار
عـاجـل










هنا لابد من التأكيد منذ نشأتها الأولى كانت حركة الإخوان المسلمين تحمل أحكام التصادم مع الأفكار والمشاريع السياسية الأخرى ووصلت درجة التصادم إلى حدود تكفيرها وكان الفكر القومي عدوها الرئيسي من جانب ، والدول ذات الإيديولوجيات العلمانية كانت عدواً آخر من جانب آخر ولذلك تصادمت مع حزب البعث العربي الاشتراكي والقوميين العرب والحركة الناصرية فلوحقت في كل من سورية ومصر ، ولم يرتفع الحظر عن جماعة الاخوان إلاَّ على أيدي نظام أنور السادات لأن نظامه يعرف أنه لن يقف في مواجهة القوميين الذين عارضوا توقيع اتفاقات كامب ديفيد سوى الإسلاميين وبالتنسيق بين أميركا والسعودية ، تمَّ وضع الإسلاميين في مواجهة الحركة الشيوعية العالمية ، وقد دشَّنوا تلك المرحلة ابتداءً من بوابة أفغانستان - العرب الأفغان بقيادة اسامه بن لادن - ، وأما نظام ولاية الفقيه في إيران فقد جاء ليحمل عوامل العداء للقومية وهو لا يختلف في موقفه هذا عن موقف حركة الإخوان المسلمين فمنذ وصول الخميني للسلطة في العام ١٩٧٩ أعلن حالة العداء ضد حزب البعث العربي الاشتراكي والنظام الوطني في العراق وقام بتكفير المذاهب الإسلامية الأخرى وترجم استراتيجيته بالنسبة للعراق وحزب البعث العربي الاشتراكي تحت عنوان ( تصدير الثورة ) ، وبالنتيجة إن الحركتين معاً هما دعوتان دينيتان سياسيتان ترفضان أي نظام حكم آخر ، وخاصة الأنظمة العلمانية وكان هذا الرفض مبنياً على مبدأ ( لا حكم إلاَّ لله ) ، وإن الأنظمة المدنية أنظمة كفر يجب إسقاطها ومع أن الحركتين اتفقتا على مبدأ إعادة نظام الخلافة إلاَّ أنهما اختلفتا على مضمون تطبيقه فجماعة الاخوان تدعو إلى استعادة نظام ما تسميه ( الخلافة الراشدة ) ، ولاية الفقيه تدعو إلى حكم ( الولي الفقيه ) في ظل غيبة ( الإمام المهدي المنتظر ) ولأن نقد الفكر الديني يُعتبر خطاً أحمر عند الحركات الإسلامية ، ولأنه لا يمكن اقتحامه من دون اتهام القائمين به بالكفر والإلحاد ، تحاشى معظم المفكرين القوميين سلوك هذا الطريق ، وهم إذا مارسوا النقد فمنهجهم لا يتجاوز حدود التوفيق بين القومية والدين بشكل سطحي الأمر الذي أحدث التباساً بين حدود الفكر القومي وحدود الفكر الديني ، وهي بدلاً من أن تحل الإشكاليات فقد ظلت الحدود غامضة بينهما مع أرجحية التشبع بالفكر الديني على حساب التعمق بالفكر القومي ، وقد بين الراحل المرحوم القائد المؤسس احمد ميشـيل عفلق موقف البعث العربي في خطابه بذكرى المولد النبوي الشـريف عام ١٩٤٣ حيث قال بالحرف الواحد {{ الإسـلام في جوهره وحقيقته حركة عربية ويعني تجدد العروبة وتكاملها ولأنه نزل في أرضهم ولـغتهم ولأن الرســول عربي والأبطال الأوائل الذين نـاضلوا من أجل الإسـلام هم من العرب }} وينتهي ألخطاب إلى تقرير الحقيقة التالية {{ إن قوة الإسلام في هذه المرحلة قد بُعثت وظهرت بمظهر جديد هو القومية العربية }} ويقول الشهيد الحي المرحوم صدام حسين في اجتماع مكتب الاعلام بتاريخ ١١ / ٨ / ١٩٧٧ م نظرة في الدين التراث {{ أن حزبنا ليس حيادياً بين الالحاد وبين الايمان .. وانما هو مع الايمان ، دائماً .. ولكنه ليس حزباً دينياً ، ولا ينبغي أن يكون كذلك }} ويقول في ذات الحديث {{ فأي الاساليب تطبق على مسألة التعصب الديني والمذهبي في هذه المرحلة ؟ هل المطلوب أن نتحول نحن الى مواقع الناس الذين يطرحون المسألة الدينية وطقوسها طرحاً منحرفاً او خاطئاً عن طريق التداخل معهم الالتقاء « المؤقت » مع مفاهيمهم وأساليبهم لكي نؤثر فيهم ونغير من قناعاتهم وبالتالي نقودهم على الطريق الصحيح ؟ ام أن المطلوب هو التميز عنهم عن طريق طرح كامل تصوراتنا لمبدئية الصميمة في المنطلقات والاهداف والأساليب ؟ إن التحول الى مواقعهم وخلط المفاهيم او قبول عدم الوضوح يخسرنا المعركة ويهزمنا هزيمة ساحقة ويضعنا أمام ازمة فكرية في نفس الوقت الذي نخسر فيه سياسياً ، وبذلك نخسر من موقعين - نخسر الارضية الفكرية التي نرتكز عليها والتي هي مصدر قوتنا الاساس ، ونخسر سياستنا كذلك وبذلك نفقد التماسك الفكري ونفقد التميز ونخسر جمهورنا }} وان مواد دستور الحزب { ١٣ ، ١٥ ، ١٧ } تناولت ذلك بوضوح تام ومن اجل منع أي انتهاك لوحدة الامة والشعب العربي ، وهنا يطرح سؤال هل التاريخ بقديمه وحديثه يحمل في جنباته المؤامرة ؟ على الامة ، فقد بين الكاتب والسياسي محمد حسنين هيكل ذلك بمقوله {{ ليس كل التاريخ مؤامرة ولكن المؤامرة موجودة في التاريخ وأقول أن من لايرى مؤامرة في كل ما فعله الغرب في المنطقة منذ بدايات القرن الماضي ، من وعد بلفور ، وسايكس - بيكو وإقامة (( اسرائيل )) ، وما فعله منذ بدايات هذا القرن فمن لا يجد في ذلك مؤامرة ، فإنه لايفرق بين التمرة والجمرة }}

يتبع بالحلقة الثالثة





الاثنين ٧ رمضــان ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / نيســان / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة