شبكة ذي قار
عـاجـل










الحقيقة التي لا غبار عليها هي ان صراع ( عض الأصابع ) بين امريكا وايران يقوم على منحيين اثنين، الأول : ان ايران تعمل على الأرض مليشياوياً مسلحاً يترافق مع التمدد الطائفي ، والثاني : ان امريكا، وكما قلناها سابقاً وبتكرار، تعمل من السماء مكتفية بتفوق طيرانها من خلال التحالف، أما قواعدها العسكرية فهي لا تستطيع ان تُفَعِلْ عملياتها العسكرية عدا الإنتشار والتموضع، فليس في ذهنها ما يشير الى انها ستحسم شيئاً لصالح ( أمن الدولة العراقية ) ولا لـ ( أمن المجتمع العراقي المهدد بالحرب الأهلية ) .. فهي التي تعرف كل شيء عن حركة اللصوص من شيعة السلطة وسنتها وكردها وتركمانها، كما تعرف كل شيء عن حجم وإتساع التغلغل الإيراني في العراق واهدافه ووسائله، ومع ذلك فهي ماضية إلى تكريس مخطط بايدن في تقسيم العراق الى ثلاث دويلات، رغم انها تدرك ان مثل هذا التقسيم القسري غير ممكن لأنه مرفوض من قبل الشعب العراقي والشعب العربي ومرفوض من تركيا ومرفوض من ايران ومن دول الجوار العربية، ومع ذلك فأمريكا ماضية في ترك الصراعات تتفاقم لحد اليأس والقبول بالأمر الواقع المرسوم على ورق في جعبة بايدن وحاشيته من الصهاينة.

١ - ما تريده امريكا هو المزيد من التخريب لغرض الحصول على الاستثمارات وتشغيل شركاتها في اطار مخططها العام في العراق والمنطقة .. وما تريده ايران، وبتوافقها مع امريكا، إبتلاع العراق كله من جنوبه حتى شماله .. ولكن الرغبات الايراني تصطدم بمحددات صارمة وفي مقدمتها رفض الوجود الايراني جملة وتفصيلاً، وكذلك تصادم المصالح بين الفرقاء الدوليين والاقليميين.

٢ - سبق للعربية السعودية ان اعلنت في اذار الماضي وعلى لسان وزير خارجيتها عن ( مبادرة جديدة للسلام ) تهدف الى انهاء الحرب في اليمن، وتشمل على وقف اطلاق النار تحت اشراف الامم المتحدة .. وقد حضيت هذه المبادرة بتأييد دول العالم والأمم المتحدة ، ورفضها الحوثيون الذي استمروا غي العدوان على السعودية بالصواريخ البالستية والمسيرات المفخخة، كما استمروا في جرائم الحرب ضد الشعب اليمني.

ويبدو ان رفض الحوثيين للمبادرة مرده تكريس الجهد العسكري ( الحوثي - الايراني ) على مأرب للسيطرة على حقول النفط من اجل إدامة زخم العدوان على السعودية وإحكام السيطرة على البحر الأحمر .. فيما يقول معهد واشنطن لسياسة الشرق الاوسط ( إن الحوثيين يريدون من زخمهم ضد السعودية ( استنساخ ) تجربة حزب الله في لبنان ).
٣ - ويبني البعض، في ظل تحرك قوى السلطة في بغداد لترطيب اجواء الانتخابات، على هذه الاشارات ويذكروا ( ان السعودية تتفاوض مع الايرانيين في العراق حول اليمن ) ، فيما تنفي السعودية ذلك .. فما الذي يجري ؟

يتلخص موقف احزاب السلطة الولائية بحركتين، الأولى : جاءت على لسان القاتل واللص الأكبر ( نوري المالكي ) لإثارة موجة من الإقتتال الطائفي بقوله المتلفز ( إذا ارادوا عودة حزب البعث العربي الاشتراكي الى السلطة فسأجعل لحوم .. تأكلها الكلاب ) ، وهو إعتراف صريح لهذا الصفوي المجوسي بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية ويؤكد تكرارها .. والتهديد من هذا النوع سبق ومارسه واستمرت عصاباته بالقتل والخطف والتغييب القسري للآلاف من العراقيين .. يرافق هذا التهديد استخدام صواريخ الكاتيوشا بالضد من منطقة السفارات ومنطقة المطار الدولي ومطار اربيل وقواعد عسكرية تسلمها الجيش العراقي من التحالف الدولي بقيادة امريكا.أما الحركة الثانية لأحزاب السلطة : فقد جاءت من اجل إقامة ( تحالفات جديدة ) على وفق قاعدة جديدة موسمية اسمها الإنفتاح، وهي مهزلة فاضحة تمارسها احزاب السلطة من اجل التشبث بكراسي الحكم على خزينة خاوية وديون خارجية متراكمة وسرقات بالمليارات وتزايد معدلات الفقر نحو ٥٧% والتضخم بلغ مستويات خطيرة ماعادت تكفي رواتب الموظفين والمتقاعدين على العيش حتى بالحد الأدنى نتيجة لقرارات سلطة الاحزاب الجائرة لخدمة إيران واقتصادها المتدهور .. فقد تم الإيعاز الى عمار الحكيم بزيارة المنطقة الغربية من العراق من اجل تلميع وجوه احزاب السلطة ومليشياتها المجرمة بسياسة الانفتاح المخادعة ، فيما أشيع بأن سلطة الكاظمي الفارسية عازمة على مقاضاة الفاسدين واختاروا احد الفاسدين من مكون سني وهو الكربولي، للمساومة عليه، وتركوا كبار الفاسدين كـ ( نوري المالكي ) و ( عمار الحكيم ) و ( الصدر ) و ( عادل عبد المهدي ) و ( حيدر العبادي ) و ( صولاغ ) و ( الجعفري ) و ( الأديب ) و ( الفياض ) و ( العامري ) و ( ابو فدك ) وبقية عملاء ايران وذيولها.

٤ - طلبت ايران رسمياً من الكاظمي ان يحمل رسالة من خامنئي الى السعوديين في اطار ( الإنفتاح ) ، وهي رسالة تنطوي على بعض ( التنازلات الملغومة ) تتناغم مع المبادرة السعودية بشأن وقف إطلاق النار في اليمن ، وتمت الاستجابة بحظور الوفد السعودي الى بغداد ، ولم يتسرب عن هذا اللقاء سوى عدد من التكهنات او الإستنتاجات التي تفيد ١ - بأن مشكلة اليمن في طريقها الى الحل، طالما يعاني الحوثيون من اوضاع مزرية اقتصادياً ٢ - وعدم قدرتهم على تحقيق نتائج تذكر مثل جر السعوديين الى الرد بالمثل ٣ - تكبيد الحوثيين خسائر فادحة، الأمر الذي دفعهم الى تجنيد الأطفال والنساء تحت تهديد السلاح ٤ - شعورالحوثيين بالعزلة الاقليمية والدولية 

٥ - وتراجع الدعم المالي الايراني عنهم.

٦ - الحل في اليمن بموافقة ايران على اساس جلوس الشرعية اليمنية مع الحوثيين على طاولة مفاوضات قد تطول سنين على وفق النفس الإيراني .. ولكن مقابل ماذا ؟ وقبل الحديث عن المقابل ، يعمد الإيرانيون على الفصل بين ( الملف النووي ) و ( ملف الصواريخ البالستية ) والتوسع المليشياوي المسلح والتدخل في شؤون دول المنطقة وزعزعة أمنها.والطلب الإيراني من السعوديين التفاوض في بغداد يعتبر خطوة على طريق الفصل بين الملفين .. والخطورة تكمن في العودة الى الملف النووي الكسيح ورفع العقوبات الذي سينعش الاقتصاد الايراني المشرف على الإنهيار، وإذا ما رفعت العقوبات ستزداد غطرسة ايران ضراوة وجرائمها دون حساب.

فإذا كانت امريكا و اوربا والكيان الصهيوني قد وافقوا على الفصل بين ملفين، وهما في حقيقة الأمر ملف واحد يتعلق بالسلوك السياسي الخارجي الايراني، ويستجيبوا للطلب الايراني بإستبعاد أي من الدول العربية في أية مفاوضات ( أممية ) ، فأن المقابل قد يكون على حساب العراق وليس على حساب أية ساحة عربية اخرى، على الرغم من ان الاوضاع في سوريا ولبنان وصلت مرحلة الإنهيار الاقتصادي والاجتماعي الشامل، وحتى ايران التي وصلها طوق نجاة بايدن في وقت تكون فيه طهران تقدم تنازلات واضحة .. لماذا ؟ لأن مشروع التطبيع الصهيوني لم يكتمل بعد، وحاجة امريكا والكيان الصهيوني لأداة التنفيذ الايرانية وهي الاذرع المليشياوية المسلحة في العراق على وجه الخصوص وخلاياها النائمة في بعض دول المنطقة، وطهران تدرك ذلك فتتغطرس وتتعنت وتفرض شروطا غير واقعية رغم انها تعيش في مستنقع.!!

هل يستمر نظام الملالي يستنسخ العمامات السوداء والبيضاء على طول الخط منذ اكثر من اربعين عاماً ؟ والجواب كلا ، لن يستمر طويلاً يحكم طهران، بحكم الاوضاع الداخلية الايرانية المتفجرة من جهة، والمتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعه التي تفرض شروطها على ان تجعل النظام الايراني امام خيارين : إما تركيبة مدنية ايرانية جديدة متوازنة مع العالم بعد الانتخابات الايرانية وغياب أو تغييب "علي خامنئي" بطريقة من الطرق التي تستولدها حتمية التغيير ، أو الإستمرار في المغامرة الخاسرة المتمثلة بـ ( الملف النووي ) و ( تصدير الثورة عن طريق المليشيات الآيديولوجية المسلحة ).إذ لا بد من تغيير النظام الايراني بما يتماشى مع التطورات الراهنة في الداخل الايراني وخارجه.!!












الاحد ١٣ رمضــان ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / نيســان / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة