شبكة ذي قار
عـاجـل










من سنن الله تعالى في الكون أن يعاقب بين الأيام والمناسبات، فها نحن على مشارف أن نودع شهر رمضان، ونستقبل في الوقت ذاته أيام العيد، الأيام التي جعل الإسلام فيها فسحة عريضة للمسلم أن يعبّر فيها عن فرحته.

فأهلاً بالعيد وأيامه آملين أن يكون عيداً مباركاً على الأمتين العربية والإسلامية في شتى بقاع الأرض، غير أن هناك ثمة وقفات مهمة :

* أن هذا هو عيد أمة الإسلام في أقطار الدنيا، وهو اليوم الذي تعبّر فيه الأمة عن فرحتها، وسر هذه الفرحة هو تحقيق العبودية لله تعالى بامتثال أمره في صيام هذا الشهر الكريم، وليس عند أمة الإسلام عيداً للأم، ولا عيداً للطفل، ولا عيداً للميلاد، بل ليس في قاموس الإسلام غير عيدان اثنان، الفطر والأضحى، وحين تلقاها الأمة لها أن تعبّر فيها عن هذه الفرحة بما شاءت شريطة ألا تخالف أمراً، أو ترتكب نهياً لمن تتعبّد له، وإلا صارت هذه الأعياد شؤماً في حياة من شهدها.

* للإنسان أن يتجمّل في يوم العيد، وليخرج في أبهى حُلة لأداء الصلاة ، ويلبس للعيد أجمل ثيابه.

* للإنسان أن يبادل أخاه بالتهنئة في يوم العيد كأن يقول الإنسان تقبل الله منا ومنكم، وأعاده الله علينا وعليكم، أو أي لفظ آخر رآه الإنسان مناسباً في المقامـ فإن الأمر واسع في ذلك كما أشار إلى ذلك غير واحد من أهل العلم رحمهم الله تعالى.

* أن هذه الفرحة التي يشهدها المسلم يوم عيده إنما هي تعبير صادق على الانتماء لهذا المنهج العظيم، فكما أن الإنسان صام رمضان امتثالاً لأمر الله تعالى فها هو حين يشهد العيد إنما يشهده تلبية لأمر الله، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا أعظم دلالة على صدق المسلم واتباعه منهج هذا الدين، وحين تجد المعايد في ذلك اليوم يعبّر عن هذه الفرحة تعبيراً يخرج عن نطاق هذا العيد إنما يتجاوز بذلك هذا السياج العظيم من الشرع الحنيف، وحينئذ لا يعيش الفرحة الحقيقية التي أذن الله تعالى بها وإنما يشطح بعواطفه إلى هناك بعيداً عن الحياة الروحية الجميلة التي يعيشها المسلم وهو يتلذذ بطاعة الله تعالى.

* العيد بمعناه الحقيقي هو الاجتماع والألفة والمحبة وإشباع العاطفة في نطاقها الصحيح، ولن يجمل العيد في نفوسنا الجمال الحقيقي حتى نتجاوز كل خلافاتنا، ونصافح كل من نلقاه على ظهر هذه الأرض ممن تربطنا رابطة الإيمان غير آبهين بأي خلاف مهما كان، آن لنا اليوم أن نرمي بكل خلافاتنا مهما كانت خلف ظهورنا، ولنتعانق من جديد، ولنعيد البسمة التي غابت من زمن طويل، وحينئذ سيكون هذا العيد حين ما تحقق هذه المعاني من أجمل الأعياد في تاريخ الواحد منا.

وأخيراً في العيد، تتجلى كل معاني المحبة والصفاء والنقاء، في العيد تعبّر النفس عن عواطفها تعبيراً صادقاً يضمن لها حياة السعداء بهذا الدين، وبين لحظات كتابة هذه السطور ويوم غد سينطلق التكبير في الأفنية الواسعة من بيوتنا، وفي الأسواق وتجمعات الناس، وتدوي طرقاتنا بالتكبير من كل مكان، فيا الله ما أعظم أمة الإسلام حينما ترتبط بمنهجها راضية به، واثقة منه، مطمئنّة به.
وكل عام وأنتم بخير.





الجمعة ٢٥ رمضــان ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / أيــار / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ناصر الحريري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة