شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتح المرحوم القائد المؤسس مرحلة جديدة من النضال القومي يتجاوز فيها النظرة الحزبية الضيقة إلى مستوى البعث كمشروع لكل الأمة لأنه كان علي يقين بأن الوحدة الحقيقية - هي التي تولد من التنوع ومن التعدد ومن الرأي الحر ومن الجواب الجدي هذه الوحدة الراسخة ، هي الوحدة الحية التي يكتب لها البقاء والثورة العربية ليس أمامها إلا هذا الطريق - وكما يقول (( بعد أن رسخت هويتها واستقلاليتها واكتشفت طريقها الخاص بين ثورات العصر ، لذلك لم يعد من خوف عليها أن تنفتح وتتحاور وتغتني بالرأي المخالف وبالإرادات الحرة ويضيف هذا هو مستقبلنا الآن هذه هي المرحلة الجديدة )) - في سبيل البعث ج ٥ ص ٢١١ - ، وتعقيبا" على رؤية البعض بتجارب الوحدة فيقول رحمه الله (( من الطبيعي في أوضاع التجزئة الراهنة أن تتعدد التجارب الثورية في المجتمع العربي وتتنوع ننظر اليها كأنها تجربة واحدة متعددة الجوانب متكاملة الأجزاء ، وأنها مكملة لتجربة الحزب لا منافسة له ، ومن واجبها أن تتكامل وتتفاعل في سبيل تعزيز وحدة النضال ونضال الوحدة )) - في سبيل البعث ج ٣ ص ١٢٤ - ، المرحوم القائد المؤسس كان يدرك أن القضية القومية أصعب وأكثر تعقيدا من أن يستطيع تيار واحد أو حزب واحد أن يفي بحاجاتها وأن يقوم بحلها أو يستوعبها ، إذاً هي بحاجة الى جهود الجميع ، والى آراء ووجهات نظر مختلفة تتكامل ويصحح بعضها بعضا كما أنه كان يدرك أن كل خلاف بين الأحزاب يجب أن يقف أو ينتهي إذا تعرضت سلامة الوطن للخطر ، هذا إذا لم تكن سلامة الوطن نفسها هي سبب الخلاف ، ومنازلة ام المعارك نجدها كتبة أفكار القائد المؤسس رحمه الله من جديد - العودة إلى خط البداية - أي افق صياغة مشروع البعث الحضاري والعمل على بناء الحزب كأداة لهذا المشروع إلا أنه لم يجعل من هذا الحزب معادلا موضوعيا للواقع العربي ، أو الأداة الوحيدة لتحقيق نهضة الأمة وإنما خص له مكان الطليعة ووضع له شـروطاً قاسـية حتى يكون ( حزب البعث ) مجسدا لمشروع الأمة ومحركا لجماهيرها وقواها وميدانا لخلق وتربية الانسان العربي الجديد المتكامل الشخصية غير المستلب الواثق من نفسه وأمته وحضارتها ، يقول الشـهيد الحي المرحوم القائد صدام حسين (( صحيح أن دور المؤسسين هو بصورة عامة دور متميز في الحركات الوطنية والقومية والتقدمية ولكن الذي ميز دور الأستاذ ميشيل عفلق كونه قد حافظ في جميع مراحل حياته النضالية على هذا المستوى التاريخي الذي صمم على أساسه مشروعه القومي الحضاري ، فالحزب لم يكن بالنسبة إليه مجرد تنظيم مهما اتسع إطاره القومي وأحكم بناؤه ولا مدرسة فكرية تبشر بالثورة والنضال فحسب ، وإنما هو جسد وروح وكائن حي في المجتمع ، والقومية في مفهومه هي عروبة وإسلام أي رسالة إنسانية ، والاشتراكية هي علم وروح ، والحرية هي ثورة روحية قبل كل شيء لذلك تقدم الثقل الروحي في شخصية أستاذنا الراحل على ما عداه )) - حزب البعث العربي الاشتراكي في وداع فقيد البعث - دار الحرية - بغداد ١٩٨٩ ج ١ص ٢٤ إذاً لقد كان البعث أولا ثم جاء الحزب كما يقول المرحوم القائد صدام حسين في عام ١٩٩٣ (( وبقيا حالتين تردف إحداهما الأخرى وقد يتراجع الحزب عن البعث مرة ، ويلحق به مرات ، فإن لم يكن الحزب بمستوى البعث ، فإن البعث يبقى حاله ويبقى الحزب شيئا آخر مختلفا ، ولكن لكي نحقق - حزب البعث - لا بد أن يكون الحزب في سلوكه وفي نماذجه وفي استعداده وفي روح التضحية والايثار بين منتسبيه بمستوى البعث العظيم )) ، (( وعلى هذا الأساس دخل قبل العراق بقيادة الشهيد الحي القائد صدام حسين المنازلة الكبرى - أم المعارك الخالدة - بمنطق البعث أي المشروع النهضوي الحضاري لكل الأمة وليس بمنطق الحزب لذلك نجح في توحيد قوى الأمة الحية بمختلف أحزابها وتياراتها وجماهيرها حول شـعارات ومشـروع البعث في أم المعارك )) بهذا خاطب الشـهيد الحي القائد صدام حسين الرفاق أعضاء المؤتمر القطري العاشـر ( مؤتمر الجهاد والبناء ) في عام ١٩٩١ وقال أيها الرفاق (( لقد ثبتم على الموقف وتحملتم ما تحملتم أنتم وشعبكم العظيم من اجل هذه الرسالة ومعانيها وأهدافها وشعاراتها ، ولم تركعوا عند أول تهديد جدي ، ثم تطووا رسالتكم وترحلوا عن ميدانها ، كما يفعل المدعون غير الصادقين ، وغير الأمناء في دعواهم وهذا ما كان يريده أن يحصل ، بل ويتمناه خصومكم وأعداؤكم لتنتهي دعوتكم ورسالتكم ويتحول البعث من بعث رسالة ، أو رسالة للبعث الى مجرد حزب سياسي ، حتى بعد السقوط الذي كانوا يمنون النفس به خاسئين ويتصورونه ممكنا ، خسئوا وخاب فألهم السيىء )) - د.الياس فرح ندوة القاهرة حول فكر المؤسس ١٩٩٠ - هكذا تجسد المشروع الذي صممه وصاغه المرحوم القائد المؤسس بعد رحيله مطمئنا فكانت أم المعارك الخالدة بمستوى البعث العظيم تعبيرا صادقا عن طموح القائد المؤسس ومنظوره الحضاري التاريخي لتفتح صفحة جديدة اكثر نضجا وتقدما وتضع الحزب أمام مسؤولية كبيرة للرقي الى هذا المستوى الجديد مستوى البعث والرسالة التي كرس القائد المؤسس رحمه الله حياته وفكره من اجلها وظلت باقية لتبقى ذكراه خالدة مع خلود الرسالة ، وعلية يمكننا ان نلخص كل ما كتب خلال ٧٤ عاما عن السجل الحافل للبعث نضالا وبناءا" وصمودا" امام اعتى وأشد هجمة من تحالف الشر نصارى يهود وصفوية جديد فنقول كانت المرحلة التي سبقت تأسيس الحزب تتركز على خلق الجيل العربي الجديد الذي سيتحمل لاحقا المسؤولية التاريخية في إطار الحزب وكان التركيز في بناء هذا الجيل يقوم على الجانب العقائدي والأخلاقي وليس السياسي ، فهو جيل لا يفهم ما كانوا يسمونه سياسة ، لأن الحق لا يحتاج الى براقع ، ولأن القضية العادلة لا تقبل التكتم ، لذلك اتسم أسلوب عمل الجيل وحركته بالعمق والحوار والاقناع والتثقيف ولذلك رفض االقائد المؤسس رحمه الله الأسلوب السياسي التقليدي والعمل الدعائي العاطفي الذي يختار الخطابة والشعور السطحي فلجأ الى أسلوب الكتابة والحوار الموضوعي ، ومنذ بداية الأربعينات وتأسيس حركة نصرة العراق كان المؤسس رحمه الله ينفي عن حركته صفة الحزبية بالقول (( لسنا حزبيين ولا سياسيين محترفين )) ويؤكد أن مهمتنا هي التمهيد لنوع جديد من العمل السياسي (( شق الطريق لا زرع الرياحين ، غرس البذور الخالدة لا قطف الثمار اليانعة )) وتأتي فكرة الانقلابية بمعنى الثورة على الذات كشرط ضروري للانقلاب على الواقع وتغييره تغييرا ثوريا ، والانقلاب في نظره (( أوسع من البرنامج أو الخطة السياسية الاجتماعية ، فهو النضال على طريق طويلة تخلق الشخصية العربية من جديد )) وبعد الإعلان عن تأسيس الحزب عام ١٩٤٧ شرع يتحدث عن ( النظرة الحية للحزب ) عام ١٩٥٥ ، ويحذر من أن يتحول الحزب الى ( صنم ) ويؤكد التجديد والنقد الذاتي والحرية المسؤولة وهكذا بقيت النظرة الى الحزب حتى نهاية الخمسينات تركز على العلاقة العضوية بين التنظيم والفكرة ، وبين الطليعة والشعب ، وبين الوسيلة والغاية وبين الفكرة ومنابعها الروحية وفي ضوء هذه المقاييس كانت النظرة الى المشكلات التي بدأ يعانيها الحزب كلما ازداد عددا واتسع نشاطا وبرز سياسيا وتصدى القائد المؤسس رحمه الله بجسارة يدافع عن هوية الحزب الاصيلة بعد الانحرافات التي حصلت في سوريا والتمرد على القيادة الشرعية التي علقت به في عقد الستينات ، والأزمة التي عاشها بعد الانفصال ووصول الحزب الى السلطة في سورية والعراق قبل نضج العوامل الذاتية في بنائه الداخلي .. وبعد قيام ثورة ١٧ – ٣٠ من تموز ١٩٦٨ في العراق وضع القائد المؤسس رحمه الله ثقله الفكري والسياسي معها بعد أن تأكد من سلامة خطها التاريخي وانسجامها مع مشروعه الحضاري الذي صاغه المؤتمر القومي التاسع في شباط ١٩٦٨ الذي قام بتلخيص تجارب الحزب وتحليل الواقع العربي ، وطرح فكرة التعددية والعمل الجبهوي الاستراتيجي القومي وتخلى عن صيغة الحزب الواحد والحزب القائد وبلور الصيغ المتوازنة للعلاقة بين النضال السياسي والنضال القومي ، هكذا وضع القائد المؤسس رحمه الله ثقته في تجربة الحزب في العراق وربط مصيره ومصير الأمة بها وأسهم عمليا مع الشهيد الحي صدام حسين رحمه الله في رسم خطاها ، فكانت خطبه وأحاديثه منذ النصف الثاني من السبعينات وحتى رحيله الى الدار الآخرة في العام ١٩٨٩ تركز على الأبعاد التي تمكن الجماهير العربية وقوى الامة الامينة والمخلصة المتحالفة مع البعث الخالد على خوض غمار التصدي لكل محاولات العدوانيين والمستسلمين بروح الامة واصالتها لتنتصر ويتحقق الغد الأفضل لجماهيرها

العزة والمجد للفكر القومي الانبعاثي الذي بين الحق اليقين لتحيا الامة العربية رغم كل أنواع التأمر الذي تعرضت وتتعرض له اليوم من ثالوث الشر الامبريالية والصهيونية وحليفهم الفرس المجوس

المجد والخلود لرائد المشروع القومي النهضوي والفاعلين لتطبيقه من خلال تجربة البعث الخالد في العراق بثورة ١٧ - ٣٠ تموز ١٩٦٨


تنبيه : استكمالا لما كتبت بالحلقات السابقة تحت عنوان - افضل من أعظم نظرية في بطون الكتب والاذهان حركة الاحياء العربي وحزب البعث – اتناول اهم ميزة فكرية تحليلية للواقع العربي طرحها البعث الخالد - البعث ونظرته للعروبة والدين والعلمانية - للبرهنة على انه القوة العربية التي تمتلك مفاتيح الخلاص والانتقال الى الغد الأفضل الملبي لكل حاجات الجماهير العربية





السبت ١٦ ذو القعــدة ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / حـزيران / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة