شبكة ذي قار
عـاجـل










استكمالا لما كتبت بالحلقات السابقة تحت عنوان - افضل من أعظم نظرية في بطون الكتب والاذهان حركة الاحياء العربي وحزب البعث – اتناول اهم ميزة فكرية تحليلية للواقع العربي طرحها البعث الخالد للبرهنة على انه القوة العربية التي تمتلك مفاتيح الخلاص والانتقال الى الغد الأفضل الملبي لكل حاجات الجماهير العربية ، و في البدء ان ولادة البعث الخالد من رحم الامة العربية كمولود اصيل جاء استجابة ايمانية لحاجات الامة العربية التي اريد لها ان تتجزأ أرضا" وشعبا" وان تستغل كل مواردها وثرواتها وان يستثمر موقعها الاستراتيجي على حساب حاجات وتطلعات الانسان العربي المتطلع الى الغد الأفضل والتحرر من كل القيود التي قيد بها والتشافي من العلل والامراض التي أحاطت به وجعلته معلولا" يقول المرحوم القائد المؤسس {{ لقد ظهر البعث في حياة العرب الحديثة ، وفي وسط الجمود والجحود والانحلال ، حركة ايمان عميق تستقطب النفوس النقية السليمة .. فنشوء البعث العربي انما هو دليل ساطع على الايمان ، وتوكيد للقيم الروحية التي ينبع منها الدين وقد دعا البعث العربي الى مفهوم جديد للحياة القومية ، والحياة بصورة عامة ، قوامه الايمان بالقيم الروحية الانسانية ، وبقيمة الروح العربية الاصيلة ، ومظهره الانفصال الحاسم عن مفاسد الواقع ومكافحتها في طريق صاعدة شاقة تسير فيها الامة ببطيء وجهد نحو الاتصال بروحها من خلال الصراع الدامي بينها وبين واقعها لذلك لم يبق في مفهوم البعث العربي مجال لأي تدين لا يحمل هذا الايمان المثالي والبعث العربي ، الذي هو حركة روحية إيجابية ، لا يمكن أن يفترق عن الدين او يصدم معه ، ولكنه يفترق عن الجمود والنفعية والنفاق .. فصفة الايمان هي التي فرضت عليه الاصطدام بجميع الحركات التي تنكر الايمان ، أو تتستر بأيمان سطحي زائف }} في سبيل البعث الجزء الأول ( العرب بين ماضيهم ومستقبلهم ) ، ومن هنا فان العروبة والدين والعلمانية معادلة تترابط عناصرها الثلاث ترابطاً وثيقاً ، لا يمكن فهم أحدها من دون ربطها مع الآخر ولن تكون مفهومة بشكل علمي إلاَّ انطلاقاً من نقد الفكر الديني السياسي والنقد هنا يعني تشخيصاً لأسباب مرض ألمَّ بالأمة العربية منذ ١٤ قرناً - أي منذ وفاة الرسول العربي الامي الهاشمي المضري محمد بن عبد الله صل الله علية واله - والذي اوغل الشعوبيين فيه من خلال كتاباتهم التي ادعوها توثيق للتأريخ والاحداث من اجل تحقيق غاياتهم والاجندة التي يحملونها في أفكارهم منذ دخولهم الإسلام تسترا وتطلعا" لشق صف المسلمين وتعميق الفتنة وشرورها وما يزال ينخر بها تفتيتاً وتقطيعاً ، ولأن العلاج السليم يستند إلى تشخيص دقيق للمرض ، كان لا بدَّ من أن تربط هذه الثلاثية اي { العروبة والدين والعلمانية } بنقد لحركات الإسلام السياسي التي زرعتها في الوطن العربي قوى لها أطماع ولا ترغب ان يعيد العرب دورهم الرسالي ، فالعروبة تستند إلى المفهوم القومي النظري الحديث ، ولا يمكن أن تتحول إلى نظام سياسي من دون مفهوم العلمانية كمفهوم سياسي نظري حديث أيضاً فالكلام عن العروبة منفصلاً عن إطار تطبيقها السياسي أي العلمانية يشكل إطاراً نظرياً خال من المضمون ، فترابط العلاقة بين العروبة والعلمانية كاطار معرفي جديد ، جاء في أعقاب حركة نقدية طويلة للإطار المعرفي السابق أي جاء رداً على فشل الإطار المعرفي السياسي القديم وهو المتمثل بالإطار المعرفي الديني بشكل عام ، وتشكل المعرفة الإسلامية والمسيحية مضمونه الواقعي فالحركة النقدية للدولة الدينية المسيحية في أوروبا مثلا" أنتجت مفاهيم القومية والعلمانية وتلك المفاهيم بدورها أنتجت نظاماً سياسيا" جديدا" حلّ مكان النظام السياسي الكنسي في الغرب وبهما وجدت المجتمعات الغربية طريق خلاصها الذي شقته منذ عدة قرون ، وهي الان تعيش من دون حروب دينية أو طائفية ، ولما كان الواقع في الشرق قد عانى من ويلات الدولة الدينية ، وما يزال يعاني منها حتى الآن ولما كانت الحركة النقدية للدولة الدينية الإسلامية خجولة وخائفة ، ما تزال مجتمعاتنا تعاني ما تعانيه من مخاطر الحركات الدينية السياسية ، وازدادت مخاطرها في هذه المرحلة الراهنة – أي ما بعد المتغير المعد مسبقا مخابراتي" من قبل أمريكا وبريطانيا وفرنسيا في ايران باستبدال الشاه بعمامة تتظاهر بالراديكالية وحقيقتها العمل لانبعاث المجد الكسروي المجوسي الصفوي - لكل ذلك أرى أن منطلقنا في فهم مسألة { العروبة والدين ، والعروبة والعلمانية } سيكون بدءاً من نقد قواعد المعرفة الدينية ، ليشكل مدخلاً أساسياً لتحديد مفهومنا للعروبة وسيكون ذلك مبنياً على المنهج التاريخي القائل بأنه لا يمكن فهم أهمية المعرفة الجديدة من دون البرهان على قصور أسس المعرفة القديمة عن توفير حلول لما تعانيه مجتمعنا العربي من مشاكل ويرى البعض ان التحليل ان يقتصر على مفهوم حركات الإسلام السياسي انطلاقا من الاستفادة من تجربة الفكر الغربي المسيحي بتأصيل للحركة النقدية الأوروبية للفكر الديني السياسي في المسيحية ، وان المتغيرات التي حصلت في اوربا انتجت النظرية القومية التي تعد ثورة ضد سلطة الكنيسة الأممية ، وإن كانت الحركة النقدية في أوروبا قد بدأت بواسطة حركة الإصلاح الديني في الكنيسة فقد جاءت الدعوة للقومية في تلك الحركة من أجل إلغاء المفهوم الأممي الذي مثَّلته سلطة الكنيسة في الغرب ، وكان من أهم أسبابها الدعوة لإلغائها هو مدى الاستغلال المادي الذي كانت تمارسه تلك السلطة مع شتى القوميات في أوروبا ، لذلك ابتدأت الدعوة للقومية كردة فعل ضد إشكاليات سيطرة الدولة الدينية في أوروبا تحديدا" وضد الدولة الدينية المسيحية حصراً وتثبت وقائع تطور الفكر السياسي في أوروبا حقيقتين ، وهما {{ نشأة الفكرة القومية من داخل الحركة الإصلاحية للكنيسة ذاتها ، واستعانة الحركة النقدية المسيحية بنتائج الفكر العربي الذي خاض مواجهة دامية مع العقل الديني الإسلامي }} ، ابتدأ الفكر الغربي بحركته الإصلاحية من حيث انتهى الفكر العربي ففي النتائج النهائية ، نستطيع القول إن الفكر النقدي الذي غزا أوروبا المسيحية قد ابتدأ حيث انتهت حركة الفكر العربي الفلسفي وهنا نؤكد على عروبة تلك الحركة ، وليس على إسلاميتها وأما السبب فيعود إلى أن الفقهاء المسلمين وقفوا بشراسة ضد الحركة العقلية العربية لقد ابتدأ الصراع منذ قرار المأمون باحتضان فكر المعتزلة في العام ( ٨٣٢ م ) ، وانتهى في العام ١٠١٤ ، بانتصار حركة النقل التي مثَّلها الفقهاء المسلمون ، بعد القرار القادري الذي أصدره الخليفة العباسي القادر بالله في العام ١٠١٤م ، وحيثما انتهى الصراع بينهما في الشرق ابتدأ صراع بين العقل الأوروبي والكنيسة المسيحية ومن أجل هذا استعان المفكرون الأوروبيون بنتائج الفكر الآخر من ترجمات الحضارة الفكرية للشعوب الأخرى ، إذ بلغت ذروة الحركة الإصلاحية مع القديس توماس الأكويني ( ١٢٢٥ - ١٢٧٤م ) ، بعد أن بدأ الغرب يتعرف على ابن سينا وابن الهيثم والكندي والفارابي والغزالي ، أما الترجمات التي لعبت الدور الأهم في الفكر الأوروبي فهي شروحات ابن رشد لكتب أرسطو ، وقد شق بيير ديبوا طريق النقد ، في النصف الأول من القرن الرابع عشر إذ دعا إلى تجريد البابوية من كل أملاكها الدنيوية وسلطانها الزمني ، ودعا حكام أوروبا إلى رفض الخضوع لسلطان البابا ، وقال مارسيل يوس البادوي في العام ( ١٣٢٤ م ) إن النزاع الدائم بين الدولة والكنيسة يقوِّض السلام في أوروبا وإنه يمكن استعادة السلام إذا وُضِعَت الكنيسة - بكل ممتلكاتها والعاملين فيها - تحت السلطة الإمبراطورية ، أو الملكية مثل باقي الجماعات وأخيراً ، بدأ تفتيت الكنيسة على يد مارتن لوثر الألماني ( ١٥٢٠ م ) الذي دعا إلى رفض دفع الجزية إلى بابا روما ودعا رجال الدين لأن يتخلصوا من تبعيتهم له ، وأن ينشؤا كنيسة قومية تحت زعامة كبير أساقفتهم ، ومع ذلك وبعد انتصار العقل في الغرب ، وبعد إلغاء نظام الكنيسة والانتقال لأنظمة الدول القومية ، لم تتعرض الدول الجديدة لحرية الاعتقاد الديني ، وإنما قنته

يتبع بالحلقة الثانية





الخميس ٢١ ذو القعــدة ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تمــوز / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة