شبكة ذي قار
عـاجـل










بدأت منذ عقود حملات التشكيك والتشويه لدور البعث النضالي في التصدي ومواجهة القُوى الاستعمارية والرجعية، هذا التشكيك هو أحد الوسائل الخبيثة التي تعتمدها هذه القُوى لتشويه تاريخ ونضال الحزب المشرف الذي وقف في وجه قوى الاستعمار والرجعية قولاً وفعلاً منذ انطلاقه قبل ما يقارب ثلاثة أرباع قرن، وما استمراره وتماسكه حتى اللحظة إلا نتيجة التزامه وتمسكه بثوابته ومبادئه وصدقه وإصراره على محاربة الاستعمار والرجعية بكل أشكالها وصورها التي تتمثل بها في الوطن العربي.

منذ انطلاقه وحتى اليوم يقف البعث وجهاً لوجه في مواجهة قوى الاستكبار العالمي والاستعمار بشكليه القديم والجديد، ما يؤشر أن البعث يخوض المعركة الكبرى في تاريخه، ويمضي قدماً وبقوة وصلابة ويستند على تاريخ البعث العريق وتاريخ الأمة العربية الحية المتجددة والمنبعثة دوماً التي لا ترضى الخنوع والاستسلام.

ولنكون أكثر وضوحاً في الرد على حملات التشويه والتشكيك، نطرح التساؤل التالي :
ما هو الأساس الفكري الذي ينتهجه البعث في مقاومة الاستعمار؟

ينطلق الفكر القومي عموماً والبعثي خاصة من أن الأمة العربية تواجه منذ قرون الاستعمار، على الرغم أن كثيرً من الأمم ابتليت به، إلا أن استمرارية الحالة الاستعمارية تجاه الأمة العربية صفة تميزت بها، إضافة إلى العدائية المفرطة للأمة العربية وشعوبها وتاريخها وطبيعة القوى التي تقف خلفها، دفع الجماهير العربية والمفكرين القوميين وفي مقدمتهم البعثيين إلى اعتبار مواجهة هذه الحالة قدراً على أبناء الأمة العربية، ومقاومة المستعمر ثابتاً راسخاً من ثوابتها القومية.

ومن هنا، فقد نشأ حزب البعث العربي الاشتراكي فكراً وتنظيماً كرد طبيعي ومباشر على الحالة الاستعمارية، ووضع في صلب أهدافه تحرير الأمة العربية من الاستعمار معتبراً إياه السبب الرئيس المسبب لتخلف الأمة العربية وتجزئتها وحرمانها من تأدية رسالتها الإنسانية، وقد بنى حزب البعث العربي الاشتراكي أغلب بنائه الفكري على مقاومة الاستعمار وتحرير الأرض العربية من براثنه وتوحيدها في إطار سياسي واحد.

ولا بد لنا من أن نلقي الضوء على بعض المقتطفات النظرية والفكرية للحزب وقادته للدلالة على الأساس النظري المتين لمواجهة الحالة الاستعمارية التي ابتُليت به الأمة.

فقد جاء في دستور الحزب لعام ١٩٤٧، المادة ٦ : "يناضل الحزب ضد الاستعمار الأجنبي لتحرير الوطن العربي تحريراً مطلقاً كاملاً، وجمع شمل العرب كلهم في دولة واحدة".

ونصت المادة ٢٣ منه على : " يناضل العرب بكل قواهم لتقويض دعائم الاستعمار والاحتلال وكل نفوذ سياسي أو اقتصادي أجنبي في بلادهم".

كما جاء في مبادئه العامة، في المبدأ الثالث : " إن الاستعمار وكل ما يمت إليه عمل إجرامي يكافحه العرب بجميع الوسائل الممكنة، وهم يسعون ضمن إمكاناتهم المادية والمعنوية إلى مساعدة جميع الشعوب المناضلة في سبيل حريتها".

وفي السياق ذاته فقد نصت كل التوصيات الصادرة عن المؤتمرات القومية على ضرورة مواجهة المخططات الصهيونية والامبريالية والرجعية وإحباطها .. والتصدي بكل حزم لمخططات الأنظمة الرجعية في المنطقة العربية ..

لقد وصَّف الفكر القومي البعثي الحالة الاستعمارية بأدق التوصيفات، وإن كان قد أكد على أهمية العوامل الاقتصادية التي تدفع القوى الغربية وغيرها لنشوء الحالة الاستعمارية، كنهب الثروات وتأمين الطرق التجارية وفتح الأسواق، إلا أنه يرى أن هذه الأهداف تصحُّ في حال الأمم الأخرى، أما فيما يتعلق بالأمة العربية، فإنها تلتقي في إطار هدف نهائي أشمل، وهو منع قيام الدولة العربية الموحدة المستقلة.

في هذا الإطار يقول الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق : "إن هجوم الاستعمار والصهيونية يكاد يتركز على الوحدة العربية"، ولفت إلى أن الاستعمار" هو المحرض على إنشاء الجامعة العربية والمقترح لها لكي يوجد تعاوناً اقتصادياً وعسكرياً بين هذه الأقطار بشرط أن يكون هو حاضراً فيها لكي يستغلها".

وهو ما لمسته جماهير الأمة العربية من كل مواقف الجامعة العربية تجاه القضايا والأحداث المصيرية التي واجهتها الأمة.

وتستمر العملية الفكرية القومية في تأكيد هذا الثابت القومي في فكر ومواقف الرئيس الشهيد الرفيق صدام حسين رحمه الله ، الذي أكد خلال مسيرته النضالية على أن مواجهة الاستعمار وأطماعه في وطننا العربي الكبير هو واجب نضالي مقدس يفرضه الانتماء للعروبة، وأن الموقف الثابت من القضية المركزية للبعث والأمة، فلسطين، هو المعيار الذي يُقيمُ البعث من خلاله علاقاته الداخلية والعربية والدولية.

هذا الموقف المبدئي والثابت للبعث، ترجمه الرفيق الأمين العام للحزب عزة إبراهيم رحمه الله إلى ممارسة عملية بعد غزو العراق مباشرة، وهو ما أضفى مزيداً من الثقة والإصرار والمصداقية لثوابت البعث ونهجه القومي المدافع عن قضايا الأمة.

إن جزءاً كبيراً من الخطاب السياسي أو التنظير الفكري للبعث جاء نتيجة الممارسة العملية للتجارب النضالية التي مر بها الحزب منذ تأسيسه، فمنذ بدايات تأسيسه شارك بفاعلية في الدفاع عن فلسطين، وقدم العديد من الشهداء خلال مشاركته في جيش الإنقاذ عام ١٩٤٨ والعمليات الفدائية في الأراضي المحتلة فيما بعد، كما دعم الشعب العربي في المغرب، خاصة في الجزائر لنيل استقلالها، ووقف مع مصر ضد العدوان الثلاثي ١٩٥٦، واستمر الحزب في مواجهة المؤامرات الاستعمارية خلال فترة الانقلابات وحكومات العمالة حتى تسلمه مسؤولية القيادة في السابع عشر - الثلاثين من تموز عام١٩٦٨، ما أعطاه دوراً رئيساً فعالاً في الدفاع عن الأرض العربية، ومشاركته في كل الحروب التي خاضتها الأمة.

وعلى الرغم من المؤامرات الدولية التي حيكت لحرف الحزب عن هدفه في محاربة الاستعمار الصهيوني والامبريالية العالمية، الذي بقي كرأس حربة للقوى الاستعمارية الغربية، فقد تمكن أن يوحد بين الثنائية، يدٌ تبني ويدٌ تدافع، فاستطاع بناء دولة في القطر العراقي قوية عصرية متقدمة، وفي الجانب الآخر تمكن من الوقوف بقوة وصلابة في وجه الأطماع الفارسية وتمكن من تحقيق النصر المؤزر.

فالبعث خاض معارك الوجود نيابة عن الأمة، وهو يخوض الآن المعركة الكبرى في مواجهة التحديات على امتداد الوطن العربي.






الجمعة ٩ ربيع الاول ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الاول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ناصر الحريري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة