شبكة ذي قار
عـاجـل










الوفاء وبر القسم والثبات على المواقف والمبادئ من صفات الرجولة والشجاعة، وأن تكون صلداً متقبلاً لأقسى المواقف تلك والله صفة البطولة وصفة القيادة العظيمة، وأن تقود الجمع نحو الطريق السليم ووفق المبادئ والرسالة العظيمة التي تربيت عليها وتوحيدهم واحتضانهم، هي ليست هينة ولكنها ستكون علماً وراية للآخرين من أجل اتباع القيادة وبنفس الأهداف والطريق السليم.
استهان الكثير بأداء القسم وتنصلوا عنه ناسين أو غافلين أو متعمدين، وليعلموا أن اليمين الغموس والقسم على كتاب الله سيغمس صاحبه إلى الدرك الأسفل من النار إن نكثه أو خانه.

لنا في رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وصحابته الكرام أفضل قدوة لنا في سيرتهم العطرة .. ولعل وفاة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لعبرة لكل المسلمين في الأرض لما فيها من عبر ودروس.

جاء في صحيح البخاري، أن اضطرب الصحابة رضوان الله عليهم اضطراباً شديداً لموت النبي صلى الله عليه وسلم، وظل الصحابة رضوان الله عليهم على هذه الحالة من الاضطراب والحيرة يتمنون صحة كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله ( بين عينيه ) ، قال : بأبي أنت وأمي طبتَ حياً وميتاً.

ثم خرج فقال : أيها الحالف على رِسْلِك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد اللهَ أبو بكر وأثنى عليه وقال : ألا مَنْ كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقال : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } ( الزمر : ٣٠ ) ، وقال : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } ( آل عمران : ١٤٤ ) ، فنشج الناس يبكون.

والمتأمل في واقع أمتنا في هذا العصر، يرى أنها تتقاذفها الأمواج، وتميل بها الرياح، وهي تبحث عن منقذ لها، يتآمر عليها شراذم البشر وشرار الخليقة.

ورأينا كيف أصبحت بلداننا العربية تعيش في الأزمات والمحن، الواحدة تلو الأخرى وبات شعبنا العربي لا يأمن على حياته، فلم يعد الإنسان يطمئن إلى عهد ولا إلى ميثاق، توقّع العهود في الصباح وتنقض في المساء.

لم ينفع معها تأسيس الهيئات والمنظمات الدولية، ولكنها أصبحت كلاَّ على الضعفاء وسلاحًا فتّاكاً بيد الأقوياء، وسادت شريعة الغاب، القوي يأكل الضعيف، والكبير يقضي على الصغير بل حتى على مستوى الأفراد والجماعات لم يعد للعهود مكان، ولا للمواثيق احترام، ولذلك اختلت الموازين والقيم، وضعفت الأمة وامتلأت المحاكم والسجون، وما خفي كان أعظم.

كل هذه الأمور الظلامية وغيرها ومركب النجاة ما زال بين يدي أبناء الأمة، فالعودة إلى ثوابت الأمة العربية من الوحدة والتوحد والنظرة القومية العميقة المتطورة التي تحفظ للأمة هيبتها والالتفاف نحو القيادة الواعية المناضلة واستثمار الطاقات النضالية ومفكري الأمة ومناضليها واستثمار الشباب المنضبط هو الطريق والهدف لعودة الأمة العربية من جديد إلى جادة الصواب وإلى رفعتها وقوتها وهيبتها بين الأمم وترك الاتكالية واتباع الغرب والاستعمار والاتفاق على الحدود الدنيا على الأقل من المواضيع المختلف عليها، والابتعاد عن الأحقاد والضغائن والمؤامرات التي يسيرها الاستعمار الذي لا يريد خيراً بأمتنا، بل هو يسعى بكل قوته بواسطة الترهيب والترغيب لبقاء الأمة في القاع ليكون هو متسلطاً على رقابها ناهباً خيراتها ..

وختاماً فإن الوفاء بالعهد شرفٌ يحمله كل إنسان على عاتقه وهو قيمة إنسانية وأخلاقية عظمى، بها تُدعم الثقة بين الأفراد، وهو أصل الصدق وعنوان الاستقامة، لأنه أساس كرامة الإنسان في دنياه.





الثلاثاء ١٣ ربيع الاول ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تشرين الاول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو محمود العراقي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة