شبكة ذي قار
عـاجـل










مدخل :
تنحني صفحات ومسارات التاريخ الإنساني لرجال من جنوب أفريقيا وفيتنام وكوريا والسلفادور والجزائر وفلسطين وغيرها من دول العالم التي خاضت حروب تحرير شعبية ضد الاحتلال أو ناهضت العنصرية والشوفينية والشعوبية والاستلاب والتخلف.
وتفتخر شعوب تلكم البلاد برجالها وأحزابها وتياراتها التي قاتلت وسجنت وهجرت من أجل حقوقها وكرامتها وسيادتها واستقلالها، فالتاريخ يسجل للباذلين المضحين الشجعان الأباة في سجل النور ويسجل للخائنين البائعين العملاء في صفحات العار.
البشر ينهلون ويقتدون من السجلات الربانية المقدسة التي زخرت بحملة الرسالات من الأنبياء والرسل وحفظت للمجرمين سجلات إجرامهم وما ألحقه بهم الله سبحانه من عقاب ظل على مدى التاريخ شاخصاً ليرتدع الطغاة وبائعو الذمم والضمائر والغادرون بأهلهم وأوطانهم.
وتاريخ العراق يشرق ببطولات تنتمي إلى أنوار التاريخ الرباني وأخرى تنتمي إلى سجل وضعي صاغته دماء الشهداء وبطولات الأبطال، وواحد من رجال العراق الذين حفظ لهم التاريخ حيزاً مهماً في الإنجاز والشجاعة والبسالة والإقدام والصبر والفوز المبين بإذن الله هو القائد التاريخي المجاهد المؤمن الصابر العاشق لأمته بعدَ عشقه لربه ودينه المقاتل الجسور الصنديد الفريد عزة إبراهيم رحمه الله رحمة الأبرار.
فالقائد عزة إبراهيم هو أسطورة عراقية عربية أنصفه أعداؤه من أعداء العراق والأمة العربية والإسلام والبعث بما سلطوه عليه من عدوان وظلم وينصفه أحرار الأمتين ويشرق باسمه وفعله تاريخ الأمتين.

سمة الإيمان :
إيمان المناضل المجاهد عزة إبراهيم مركب، فهو مؤمن كإيمان الأنبياء والرسل والخلفاء والأئمة والصالحين بربه ورسالاته وبالإسلام الحنيف، حافظ لقرآنه المجيد وسنته وحديث نبيه من جهة، ومؤمن بعقيدة أمته، عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي الوحدوية القومية التحررية الاشتراكية من الجهة الأخرى دون فصل قط، وعبر الرفيق الراحل عزة إبراهيم عن كلا الإيمانين بفكر منصهر متحد متفاعل مكمل لبعضه فحاز التفرد في الربط البديع بين رسالة الإسلام الحنيف ورسالة العرب الوحدوية التحررية الاشتراكية.
وبهذا الإطار والمعنى فالرفيق عزة إبراهيم مفكر قومي مؤمن من طراز خاص لم ينأى عن أصول البعث الفكرية لكنه لم يحصر نفسه في قوالب جاهزة بل بعث روحاً مبهرة في عقيدة البعث دون أن يمس ولا يبتعد قيد أنملة عن جوهرها وذاتها المبهرة بالحق والاستحقاقات الوطنية والقومية.
ثم عبر الرجل التاريخي عن إيمانه بالجهاد البطولي الباسل دفاعاً عن وطنه وأمته وشعبه وحزبه حاملاً السلاح متحدياً جيوش الغزو والاحتلال وساخراً من مطاردتها الظالمة له وهو ينتقل بين شعاب العراق واثق الخطوة حاملاً روحه على كفه باثاً الشجاعة والإقدام والمعنويات وروح الفداء بين رفاقه من البعثيين والمقاومين الشجعان يتقدمهم في الوصف الفخور والسمعة الطاهرة الزكية والتضحيات الجسيمة جيش رجال الطريقة النقشبندية الأبطال.

الشجاعة والبسالة والإقدام :
لا قيادة بلا شجاعة، والبسالة والإقدام هما عنوان الشجاعة والمعبران عنها، ولا نبالغ إن قلنا إن الرفيق عزة إبراهيم لم يكن شجاعاً فقط بل كان بحراً من بحور الشجاعة، ينهل منها رفاقه وشعبه، ويتباهى بها تاريخ العراق والعروبة والبعث، فظروف قيادة الرفيق عزة إبراهيم للبعث والمقاومة العراقية البطلة هي ظروف لا نظن أن لها مقابل مشابه في كل تاريخ الشعوب.
فالقادة والشجعان المقاومون قاتلوا جيش دولة وقدرات دولة ظالمة معتدية واحدة في حين تحدى المجاهد عزة إبراهيم جيوش ثلاثين دولة وإعلام سبعين دولة، وقهر قدرات الملاحقة والتجسس التي هي الأقوى والأخطر في العالم بعون من الله سبحانه.
لا نستطيع إدراج الوصف المتداول عن الرفيق عزة إبراهيم بأن قلبه ميت، وهو وصف يتداوله العراقيون للإشارة للرجل الشجاع لأن قلب الرفيق عزة كان يطفح بالشجاعة والحب في آن معاً، كان قلبه عاشق لرفاقه ومولهاً بتراب وطنه، وهنا تأخذ الشجاعة نوطاً ووساماً ورداءً مضافاً وتتلون بصبغات طبيعية زاهية مبهرة متألقة.
وشجاعة قائدنا العزيز موجهة مصوبة، لا عشوائية ولا عدوانية، فهو الرجل الورع التقي المقدس للإنسان الذي لا يستهدف غير من أمر الله بقتله ومقاتلته، فلم تسجل على قائدنا الهمام ورفاقه قطرة دم بريئة واحدة.

الصبر والمطاولة :
ومن غيرَ المجاهد المناضل المفكر عزة إبراهيم يليق أن يوصف بقدرات صبر ومطاولة وصلت إلى حد أن سماه رفاقه ( شهيد الصبر والمطاولة ) ؟
نعم كان جبل صبر وذروة لا تطال من ذروات المطاولة في منازلة لا تدوم ولا تقوم إلا بالصبر والمطاولة لكثرة الأعداء وقلة المناصرين ولكبر حجم التحدي وبساطة امكانات المواجهة التي كان القائد عزة يخلقها ربما حتى من العدم.
لقد آمن الرفيق عزة أن الصبر يغير الأحوال، ويقلب الموازين، ومطاولة الجهاد كفيلة برفع شأن المجاهدين وتعزهم بالمدد العددي وبرحمة من رب العزة تهيئ لهم سبل النصر والفلاح.

الثقة بالبعث :
في أمتنا، نحتاج الإنسان المقتنع بقضايا الأمة، هموماً وتطلعات، ومن هذه القناعة تنبع حالة الجهاد والنضال والتي ترتقي إلى وصف الإنسان الرسالي.
ومن بين عوامل ومكونات الثقة التي تصل إلى درجات القناعة الرسالية هي الثقة بالحزب كأداة تغيير للوثوب بالأمة إلى حيث تطلعها الإنساني الحق، فبالحزب المؤمن بالأمة يتم ردم فجوات تخلف الأمة وتقلص مساحات الفقر والجهل وتُزال الخرافة وعبودية غير المنظور والسالف مما صارت عبوديته رجوعاً موجعاً إلى قعر التاريخ.
بالحزب القومي ترسم مسارات الارتقاء بخدمات الإنسان التربوية والتعليمية والصحية والبلدية، لكي تسْعَد حياته وترتقي سبله ووسائله.
بالحزب الثوري التقدمي تُصاغ قلائد العلاقات الاجتماعية الطيبة وتهذب سبل اللقاء الإنساني وأهداف الحياة.
والبعث أسس لهذه المهام، ومن صار بعثياً صار يثق بأن الحزب أداة حياة ونماء وقوة تغيير عظمى، وهذا ما آمن به الرفيق عزة إبراهيم ورفاقه الأبرار السابقين واللاحقين، ولذلك صار الحزب عكازتهم ومثابة الانطلاق وسلاحهم.
صار الحزب وسيلتهم وغايتهم في الاقتراب والوصول إلى غايات الأمة السامية النبيلة.
صار البعث جزءاً لا ينفصل من ظاهره وباطنه يخلص له ويثق به بل إن إخلاصه وثقته كسمات شخصية لا تتحقق إلا ببعثيته وباندماجه وانصهاره فيزياوياً وكيمياوياً بالبعث.
القائد عزة إبراهيم نقل صفة الجهاد وتكويناته الفكرية والنظرية والعملية من إطارها الديني الأصيل إلى إطارٍ تفاعلَ فيه واتحد الإطار السياسي الاجتماعي للحزب مع المضمون الديني.

الوفاء :
لم يبحث الرفيق عزة إبراهيم عن مكان صدام حسين ولا عن مكان أحمد حسن البكر ولا عن مكان صالح مهدي عماش ولا عن مكان أحمد ميشيل عفلق من بين الأماكن العالية التي ارتقاها رفاقه ليجلس عليه.
فهو رجل صنع مكانه إلى جانب رفاقه وبهم ومعهم عبر أعوام النضال والجهاد في حقبه السلبية وفي حقبه الإيجابية.
هو كاريزما قائمة لا تبحث عن عوامل اكتمال، بل هي مكتملة في عقل وضمير البعثيين والشعب على حد سواء.
لذلك كان الرفيق عزة إبراهيم وفياً لرفاقه لم تصدر منه إساءة واحدة لهم بل لم ينبس ببنت شفة لا سراً ولا علناً ضدهم.
ظل القائد عزة إبراهيم وفياً للتاريخ الذي عاصره وعاش أحداثه، وهذه لعمري طريق الرجال الشجعان الواثقين بأنفسهم المنزهين من الصغائر القاعدين على قمم ثراء الروح ورجاحة العقل وسمو الذات، فإذا انتقد حالة ما فإنه ينتقدها و ( الأنا ) مشمولة بالنقد، ولم يمتدح فعلاً ولا إنجازاً إلا ضمن توصيفات المدح الشمولي الجامع للحزب وقيادته وجيشه وشعبه.
ولعل من أبرز مسارات الوفاء للقائد عزة إبراهيم كانت لرفيق عمره صدام حسين، فرغم كثرة الاتهامات الظالمة للشهيد صدام حسين ورغم سعة الإعلام المعادي له ورغم ردود الأفعال والردات والانشقاقات واللغط والإشاعات والاقاويل ضد الرفيق القائد الشهيد صدام حسين غير أن الرفيق عزة لم يسمع ولم يكترث ولم يعزل الرفيق صدام حسين عن عظمة الإنجاز البعثي في الحرب وفي السلم ولم يسئ الظن به في أحلك الظروف والمواقف وأصعب الاحتمالات.
كان القائد عزة إبراهيم وفياً لوطنيته.
وفياً لحزبه ورفاقه.
وفياً لأمته ولدينه.
كان الوفاء يساوي في أعمق معانيه ودلالاته عزة إبراهيم.

الفكر المتقد :
يبدو أن عواصف التحدي وأزيز رصاص المعارك التي خاضها الرفيق عزة إبراهيم وهو يقود الجهاد والتحرير لإنقاذ وطنه الذي غزته جيوش الامبريالية والصهيونية وإيران الطائفية الكهنوتية قد عزز عصف الفكر عند الرفيق عزة إبراهيم.
لقد شهدت سنوات ما بعد الغزو وتبوء الرفيق عزة لصدارة قيادة الحزب والمقاومة ارتقاءً مشهوداً للفكر البعثي المناضل والمقاتل احتوته رسائل وخطب الرفيق عزة إبراهيم وتناولت محاور جددت رؤى الحزب في أهدافه المقدسة في وحدة الأمة وحريتها وتحررها وفي الاشتراكية العربية البعثية وفي بحار مضامين الرسالة الخالدة والقومية وعلاقة البعث بالقوى الوطنية والقومية والإسلامية.
ولعل من بين أبرز سمات فكر القائد عزة إبراهيم التطبيقية هو الديمقراطية التي مارسها مع رفاقه ومع شعبه بطريقة أعادت إلى الأذهان المسارات الحقيقية للروح البعثية السمحة المؤمنة بالإنسان وبحرية التعبير.
لقد استلم الرفيق عزة آلاف الرسائل من رفاقه ومن مواطنين وأجاب عليها بأريحية ومحبة، رغم ظروفه الأمنية العسيرة، وعالج آلاف المشاكل التنظيمية في قطر العراق وعلى ساحات الحزب الأخرى، وكأنه يجلس على كرسي من الجلد وفي مكتب فخم وتحت كشافات من إشعاعات فوق البنفسجية وتحت الحمراء وليس من واقعه الذي قد لا يجد فراشاً ينام عليه ولا شمعة تضيء له المكان.






الاربعاء ٢١ ربيع الاول ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الاول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة