شبكة ذي قار
عـاجـل










يا لقومي وما قومي سوى عَـرَبٌ

فمتى ينهض ويستفيق العرب!!

نبيل الزعبي.


أُثيرت في الآونة الأخيرة على وسائل الإعلام العربي ومواقع التواصل الاجتماعي مسألة الاهتمام الزائد الذي أولته دول الاتحاد الأوروبي للّاجئين والنازحين الأوكرانيين الذين جاوزوا المليونين ومئتي ألف في الأسبوعين الأولين للحرب فقط، وتم الترحيب بهم في دول الاتحاد وفُتِحت لهم مراكز الإيواء والبيوت تحت شعارٍ مميّز رأت فيه تلك الوسائل من العنصرية، ما يكفي لمهاجمته مقارنةً هذه المعاملة للاجئي أوكرانيا التي تجري تحت شعار: إنهم يشبهوننا، بمعاملة تلك الدول للّاجئين العرب الهاربين من الموت في بلادهم عندما لاقوا الهوان والعذاب والغرق في قوارب الموت على شطآن اوروبا،

فيما وُضِعَت الاسلاك الشائكة امامهم في بعض دول الاتحاد الاوروبي وتُرِك لحرس الحدود ان يستعمل الهراوات الغليظة والاسلحة البيضاء منعاً لهم من تجاوزها فتركتهم وعيالهم من نساء واطفال تحت رحمة الصقيع والجوع والعطش امام اعين العالم "المتحضّر" والدول التي نزح منها هؤلاء بشكلٍ خاص وكأن ما يحصل ، شيئاً لم يكن ، او ان الدم العربي صار ارخص من الكرامة العربية التي هُدِرَت بدورها على مذبح مصالح الدول ومشاريعها الاقليمية والدولية التي لم تجدفي المزيد من احكام قبضتها على العرب ، سوى الامعان في هدر كرامتهم واسترخاص دمائهم بتركها تسيل بين سكاكين وخناجر وبنادق بعضهم البعض كمقدمة لإنهاء وجودهم كأمة حية ومشروع حضاري متكامل .

لم يعش العرب زماناً من المهانة مثلما هم عليه في هذا الزمن الذي لا يُكتَفَى بوصفهم أمة النكبات وحسب، وإنما يسلبونهم حق الوقوف على ثوابتهم أمام باقي الأمم بعدما منعوا عليهم وحدتهم وأعاقوا مشاريع توحيدهم وكمنوا لكل صوتٍ ينادي بحريتهم أو حرية أي قطرٍ عربي يحلم بالتمرُد على أغلال التبعية والاستلاب المفروضة عليه.

متى يقول العرب لأشقائهم العرب: أنتم تشبهوننا، وحدودنا مفتوحة لكم فادخلوا بلادنا آمنين، لا تمييز بين عربي وآخر ودماؤكم عزيزة علينا مثلما دماء الاوروبيين عزيزة على بعضهم البعض ، وان ما يجمعنا واياكم كعرب، انبل واقدس مما يجمع " الغرب" الذي لم يرَ من قاسم مشترك بين دوله سوى المصلحة المشتركة ونظراتهم الفوقية لكم ،بينما نحن وراءنا آلاف السنين من المعاناة والحضور الحي في بناء حضارةٍ ادهشت العالم، ورسالات روحية عصمت الانسانية من التخلي عن فضيلة الرحمة والحب والعطاء فجعلت من كل عربي وعربية حملة رسالة ، أعداء مفترضين ودائمين لكل عدو للإنسانية والحضارة وحب الانسان لأخيه الانسان ، ولسان الحكماء فيكم تنطق بالقول :

"تنبهوا واستفيقوا ايها العرب،

فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب "،كما جاء في مطلع قصيدة لأشهر وأعظم ما قاله عربي من أمتنا هو ناصيف اليازجي منذ ما يزيد عن المائة عام وكأنه يحاكي واقعنا اليوم مدركاً أن لا خلاص لهذه الامة سوى في ادراك ما هي عليه من مصائب و" وخطوب" لا منجاة منها سوى في تجاوزها والتغلب عليها ،حيث أن ما ينتظر الأمة من معارك وجودية للبقاء على قيد الحضارة الإنسانية، يُملي عليها ان تخرج من غيبوبتها والوفاء لماضيها وتاريخها المحافظ على حاضرها، المواكب لمسيرة سائر الأمم في معارك الوجود والبناء ورسم المستقبل الأجمل للأبناء والأحفاد إلى يوم الدين .

وليعلم القاصي والداني أن ليس من أية مساحة اليوم للرومانسية والحنين إلى الماضي التليد ، كما يتهم البعض معنى الانتماء للعروبة ، إنما الدافع المُلّح هو حال الأمة وحاضرها البائس والنظرة الواقعية المرّة عندما نجد أمة العرب تتحول ساحةً واحدةً لأطماع الخارج وتصدير مشاريعه التوسعية وولوغه بالدم العربي دون ارتواء، وكيف للخارج أن يتوقف، والعرب اليوم أقطارٌ ممزقة مُستَلَبَة لا يجمع بينها سوى تغييب إرادة شعوبها في تقرير المصير ، فيما الغرب الاوروبي ، بأممه ودوله وثقافاته وحضاراته وعداواته ، هو اليوم وحدة متراصة يقودهم اتحاد وسياسة خارجية واحدة إلى جانب اقتصاد مشترك وعملة موحدة ،

فما الذي ينقص العرب على أن لا يتحدوا وهم الذين يجمع بينهم اللغة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والمصير والحدود المشتركة، وعلى أرضهم أنزِلَت الرسالات ليكونوا خير أمة ٍ اُخرِجت للناس ونراهم اليوم غائبين عن كل ذلك...

فَــيــا لِقَــومـي وَمـا قَـومـي سِـوى عَـرَبٌ

وَلَن يُــضَــيَّع َفــيــهُــم ذَلِكَ النَــسَبُ.....

.....واعروبتاه.

١١/٣/٢٠٢٢






الخميس ٧ شعبــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أذار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة