شبكة ذي قار
عـاجـل










فاو البطولة والحناء والجمال

فوزي عبد الجليل

 

منذ طفولتنا يطرق سمعنا عن العراق أنه من زاخو حتى الفاو، ولطالما تعلق قلبي بهاتين المدينتين اللتين تمثلان طرفي الوطن من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه.

وقد تشرفت بزيارة هاتين المدينتين الجميلتين العبقتين بعراقيتهما وأصالتهما، زرت الفاو مطلع العام ١٩٨١ خلال تدريب صحفي في أول سنة لي في دراستي الجامعية، وأول ما جذبني لها جوها وطقسها الربيعي الرائع في عز الشتاء، وناسها الطيبون الكرماء بلا حدود، وكانوا يتعرضون يومياً للقصف الإيراني الحاقد واللئيم.

هذه المدينة التي استضافتني بأجمل أسبوع في حياتي ما زلت أتذكر تلك التفاصيل، وأشم من خلالها رائحة الفاو المميزة بعطر أشجار الحناء المتواجدة في كل زاوية من زواياها.

تلك المدينة المسالمة بشعبها الطيب البسيط، قدمت من التضحيات الكثير، فاضطروا للهجرة وترك أجمل بقعة في قلوبهم نتيجة القصف الإيراني المعادي والمكثف، واعتبارها منطقة عمليات عسكرية، أدت بالتالي إلى احتلالها مدة سنتين من قبل القوات الإيرانية المعادية في عملية تمويهية سبقتها في القاطع الجنوبي.

ولم تغب الفاو عن بال القيادة والجيش والشعب العراقي لأنها كالغصة في البلعوم، وبدأ وضع الخطط لتحريرها منذ الأيام الأولى لاحتلالها، وتأخر التحرير سنتين لعدة أسباب منها التواجد العسكري الإيراني الكبير فيها، مع رخاوة أرضها المنبسطة وتعذر السير عليها من قبل آليات الجيش العراقي، ومحاذير الجيش والقيادة العراقية من الابتعاد عن الخسائر البشرية.

وما أن هَلَّ أول يوم في رمضان في السابع عشر من نيسان عام ١٩٨٨، حتى توالت البشائر بتقدم الجيش العراقي من ثلاث جبهات لتحرير الفاو، في معركة وصفت أنها الأكثر حرفية في التاريخ العسكري العراقي والعربي، والتي تمكنت من تحريرها من رجس العدو الإيراني في أول تحرير عسكري رسمي لمدينة عربية في تاريخ العرب.

وكان لتحرير الفاو الأثر الأكبر في سقوط هيبة الجيش الإيراني الذي توالت بعدها هزائمه في القواطع الأخرى واندحر هارباً بهزائمه المتتالية، والتي أدت في النهاية إلى تجرع الخميني الدجال السم، ليعلن موافقته على وقف إطلاق النار بعد ثمان سنوات من التعنت والعناد والحقد الدفين.

وفي الذكرى الرابعة والثلاثين لتحرير مدينة الفاو مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم، لا بد أن نترحم على الشهداء من القادة والضباط والجنود الذين نالوا شرف المشاركة بتحريرها والذي سيذكرها التاريخ بأحرف من نور وفخر للعراقيين جميعاً ولشجاعة قادتنا وجيشنا، وعلى رأسهم المخطط والمنفذ وقائد التحرير شهيد الأضحى القائد صدام حسين رحمه الله..






الاثنين ١٦ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب فوزي عبد الجليل نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة