شبكة ذي قار
عـاجـل










نحن بعث الأمة يستحيل حجرنا

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس/ أكاديمي عربي من العراق

 

لم يعد هناك من يتساءل عن أسباب غزو أميركا وحلفها الإجرامي للعراق، فلقد تبين للعالم كله شعوباً وأنظمة أن الغزو قد حصل لتحقيق أمن الكيان الصهيوني ومصالح إيران وأميركا، والتي كان يهددها النظام الوطني في العراق بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي. ومحصلة الغزو بمجمل أهدافها هي اغتيال النظام الوطني والقضاء التام على حزب البعث العربي الاشتراكي كهدفين متداخلين يكملان بعضهما.

كان على أميركا، إذن، أن تزيل النظام وبعدها تباشر بإنهاء البعث، لأن إزالة النظام هدف منظور وسهل بحكم الاختلال المطلق لميزان القوى المتقابلة في الصراع بين بلد محاصر بالغذاء والدواء والعلم والتكنولوجيا والتقنيات والسلاح لأربعة عشر سنة وبين حلف يضم أعظم وأقوى ترسانات السلاح والجيوش والاقتصاديات والإعلام تمثله ٣٣ دولة بزعامة أميركا وبريطانيا وأستراليا وكندا، ومعهم أنظمة عربية قدمت الأرض والأجواء والبحار والقواعد فضلاً عن المال للغزاة، ومعهم إيران بتشكيلات جاءت من الداخل الإيراني وأخرى غاطسة ونائمة في الداخل العراقي بعضها يحمل صفات (مقدسة) لدى البعض .

الهدف الأصعب كان هدف إنهاء البعث كحزب شعبي جماهيري وطني قومي، قاد العراق خمسة وثلاثين عاماً دخل فيها فكرياً وتنظيمياً إلى كل بيت عراقي في كل أرجاء العراق، وأنجز للعراق وللعراقيين ما لا ينكره إلا جاحد عميل خائن أغوته الشياطين وغلبه هوى نفس أمارة بالسوء، فصار البعث أيقونة عراقية يستحيل الغاءها من عقل وضمير وبنى العراق التحتية والفوقية بل يستحيل الغاءها من الحضور الإنساني لشعب العراق.

وقد كان لفشل المسارات (الدستورية والقانونية) التي اشتملت على حظر الحزب دستورياً وإصدار قوانين اجتثاث البعث سيئة الصيت وإقامة تشكيلات إدارية للاجتثاث في كل مركز محافظة وقضاء وناحية من تقسيمات العراق الإدارية كان لها وقع محبط ومحير للغزاة ولمن جلبوهم معهم للتسلط على العراق وشعبه، من المجرمين والمرتزقة وعديمي الضمير وبائعي أعراضهم وشرفهم مما اضطرهم إلى اللجوء لوسائل أخرى لإنهاء البعث فكراً وتنظيماً منها:

  ١- عمليات التصفية الجسدية بالاغتيالات التي طالت قرابة ربع مليون مواطن عراقي. وقد بدأت عمليات الاغتيال مع أسابيع الغزو الأولى على يد مخابرات إيران وفيلق بدر ومسلحي حزب الدعوة والمجلس الحكيمي ومنظمة العمل الإسلامي وغيرها وبعض تشكيلاتهم التي كانت نائمة في الداخل العراقي.

 ٢- الاعتقالات والنزوح داخل العراق والتهجير خارج العراق والتي طالت ملايين من البعثيين وعموم شعب العراق.

 ٣- الإقصاء التام وقطع الأرزاق.

  ٤- الحرب الإعلامية الشعواء لتجريم البعثيين وتكفيرهم وتشويه سمعتهم بواسطة مكائن إعلامية ضخمة متعددة وببرامج وبمنهجية مدروسة وعشوائية في آن معاً. لم ولن يشهد التاريخ حرباً إعلامية قذرة مجرمة بغيضة سافلة كالتي جرت ولا زالت تجري على الحزب.

   ولعل من بين أبرز ما نتج عن الغزو وقوانينه البشعة الوحشية ضد البعث وممارساته الفاشية النازية القمعية على الحزب قيادة وكوادر وقواعد وأنصار ومؤيدين هو الوصول إلى نتائج تؤكد استحالة القضاء على الحزب بهذه الوسائل المباشرة مما يقتضي واقتضى فعلاً اللجوء إلى وسائل متممة ومكملة من بينها:

 أولاً: محاصرة البعث في أقطار الوطن العربي الأخرى لتقليص أو منع تقديم الاسناد من قبل البعثيين في مختلف أرجاء الأمة وفي المهاجر للبعثيين ولمقاومتهم الباسلة التي دمرت خطط الغزاة وأغرقت عمليتهم السياسية في مستنقعات وحل معروفة للقاصي وللداني ومن أهمها الفشل والفساد.

 ثانياً: محاولة حجر البعثيين العراقيين داخل العراق وخارجه في قوالب خانقه تحاصر حراكهم الإعلامي والفكري والتعبوي، ومن بين أخطر مظاهر الحجر هو محاولات تقييد نشاط البعثيين على حكومات العالم المختلفة وأحزابه ومنظماته واعتبار أي نشاط بعثي يظهر في أي مكان في الوطن العربي أو العالم على أنه (نشاط إرهابي). ومن بين ذلك أيضاً محاولة تصوير أي حراك بعثي داخل وخارج العراق على أنه محاولة لاستعادة السلطة وليس لتحرير العراق، حيث جعل الحزب ومناضليه ومجاهديه من التحرير هدفاً مقدساً سامياً يعلو على أي هدف آخر.

 ثالثاً: محاولات اختراق الحزب من الداخل ومعاونة ودعم وتشجيع وتمويل الردة والانشقاق على قيادة الحزب القومية والقطرية. هذه آخر الأوراق التآمرية التي تتوزع على أكثر من محور وأكثر من جهة، وتناط مهامها بأسماء مختلفة  .

 إذا كان هذا هو مشهد الحرب على البعث غزواً واحتلالاً واجتثاثاً وتبشيعاً وشيطنةً وتكفيراً وتمزيقاً فإن رد البعثيين الأحرار الثابتين الصابرين المحتسبين هو مزيد من النضال والجهاد والثبات، وبناء التنظيم وتقويته والعمل على اتساعه عمودياً وأفقياً لأنه قدر العراق وكل العرب في كل أقطارهم: هو سلاح الأمة لتحقيق وحدتها وحريتها وانقاذها من البؤس والفقر والتخلف وهو نموذج البطولة الذي به تحققت إرادات الأمم والشعوب، فالبعث هو بطل العروبة في عصر النضال والجهاد والثبات على الفكر القومي التحرري الوحدوي وفكر الإيمان بكل معانيه وأسسه ومنطلقاته الروحية والمادية.






الثلاثاء ٩ شــوال ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيــار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة