شبكة ذي قار
عـاجـل










تشكيل حكومة الاحتلال بين القرار الإيراني المتحكم

وبين صراع مصالح أتباع إيران

 

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس/ أكاديمي عربي من العراق

 



تحاول أطراف العملية السياسية الاحتلالية إيهام العراقيين بأن تأخر تشكيل الحكومة سببه خلافات بينهم تتعلق بما يسمونه إصلاح العملية السياسية وتقليص نسب الفساد المالي والإداري والأخلاقي التي يعد العراق تحت سلطتهم من سنة ٢٠٠٣ م وإلى يومنا هذا هو الأول أو الثاني عالمياً فيها. غير أن حقيقة الأمر في الإخفاق بتشكيل الحكومة رغم مرور ما يقرب من نصف سنة على الانتخابات الأخيرة التي جرت في أكتوبر، تشرين أول، من العام الماضي ٢٠٢١ م مرده عاملين أساسيين:

 


 الأول: إن قرار تشكيل الحكومة الذي يصدر من طهران وينفذ في بغداد لم يصدر من طهران إلى الآن لأسباب تتعلق بمتعلقات المفاوضات على برنامج إيران النووي وحالة الشد والجذب التي شهدتها المفاوضات، حيث تستخدم إيران احتلالها ونفوذ أحزابها وميليشيات في العراق كورقة ضغط وابتزاز على الحكومة الأمريكية.

 

الثاني: هو الصراع بين أطراف العملية السياسية، وبالذات الخانعين للاحتلال الفارسي للعراق مما يسمى جزافاً بالأحزاب الشيعية وميليشياتهم (الصحيح هي أحزاب وميليشيات وأجندات إيرانية طائفية احتلالية للعراق) على توزيع الحقائب الوزارية والوظائف الخاصة بينها، حيث يحاول مقتدى الصدر وجماعته الاستحواذ على معظمها، الأمر الذي يعني استحواذه على المنافع المالية التي تترتب على تسلم تلك الوزارات وما تدره من منافذ الفساد عبر العقود والعقود الوهمية وبيع المناصب والرشاوي والاختلاس وتبيض الأموال وتهريب النفط والمخدرات  وواردات المنافذ الحدودية وغيرها من طرق برع فيها الصدريون، في الوقت الذي يقاتل نوري المالكي (حزب الدعوة) وهادي العامري (فيلق بدر الإيراني) وعمار الحكيم وتياره وما يسمى بالحشد الشعبي وزعاماته وباقي شلة الولائيين من أجل زيادة الحقائب الوزارية التي تضمن لهم ذات المنافع الحرام فضلاً عن ضمان فرص الإجرام ضد الشعب العراقي التي عرفت هذه الأطراف بممارستها إرهاباً واغتيالات وتعذيب في السجون والمعتقلات.

 

إيران تلعب على كلا العاملين وتستثمر فيهما لتكريس احتلالها للعراق وديمومة المنافع الاقتصادية والسياسية التي حققتها في العراق، حيث صار العراق سوقاً مفتوحة للبضائع والمنتجات الإيرانية على حساب إيقاف الصناعة والزراعة العراقية، وبالتالي على حساب معيشة عموم العراقيين.

 

هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحاول إيران الاستفادة من الوضع الهلامي الناتج عن صراع أعوانها على مصالحهم ومنافعهم الشخصية والفئوية والحزبية والسياسية لكسب الزمن للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وتحقيق أكبر ما يمكنها تحقيقه من مكاسب في مفاوضات برنامجها النووي.

 

ليس أمام شعب العراق للخلاص وإنقاذ وطنه من هذا الكابوس والطاغوت غير أن يوسع ثورة تشرين ويعمق مساراتها التحررية الوطنية، ويغذي ديمومتها ومشاركة الشعب كله فيها وتقوية وتعزيز وسائل المقاومة الأخرى المدنية والمسلحة لإسقاط العملية السياسية التي يعني بقاؤها بقاء التدهور والتشرذم والفساد وفشل الدولة وتحكم الدول العميقة، ويعني بقاء وزيادة مظاهر الفقر والتخلف وانعدام الخدمات واتساع فجوة الفوارق بين طبقة النخب الحاكمة وأعوانها وبين عموم شعب العراق.






الخميس ١٨ شــوال ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أيــار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة