شبكة ذي قار
عـاجـل










الافتتاحية

لم تكن زَلَّةَ لِسَان لِلمجرِمِ بوش

 

   جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتسلط أضواءً غير مسبوقة على جريمة غزو العراق واحتلاله سنة ٢٠٠٣ م، ولتصدر تعليقات وتصريحات ومواقف لأول مرة من دول ورؤساء وقادة ومن وسائل إعلام، ما كان للناس أن تسمعها في كل مكان لولا الحرب الروسية الأوكرانية.

فبغض النظر عن الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية فإنها قد فرضت المواقف والتوجهات التالية قدر تعلق الأمر بغزو العراق:

الأول: إن شن الحروب على الدول الأخرى وتقويض أو تهديد سيادتها وتدميرها وترويع شعوبها هو جريمة. وإذا كانت روسيا مجرمة كما يقول الغرب فإن أميركا وحلفاءها مجرمون قبل أن تُجرم روسيا.

الثاني: إذا كانت أميركا وحلفها يرون بأن لهم حق غزو العراق لأسباب سوقوها فإن لروسيا أيضاً أسباباً ومبررات سوقتها. فلا يوجد إذن عامل واحد يجعل الحق أمريكياً والباطل روسياً.

الثالث: الحروب تقود إلى الدمار كما حصل في غزو العراق، ولا يوجد سبب واحد يجعل تدمير العراق فضيلة وتدمير أوكرانيا جريمة.

 

هذه النقاط لوحدها تضع ألف علامة استفهام عن كيل أميركا والغرب بمكيالين وتضعها في خانة المجرم المطلوب محاكمته وعقابه بأشد ما تصفه قوانين الأرض من عقوبات.

ولم تكن لحظة إقرار جورج بوش بجريمة أميركا في العراق شطحة ولا زلة لسان، بل كانت نتاجاً طبيعياً لما فرضته حرب روسيا في أوكرانيا من معطيات جديدة تدين غزو العراق وتدميره من قبل الولايات المتحدة وحلفها المجرم.

لقد كان بوش يعاني نفسياً من حضور صورة أميركا المعتدية الغاشمة المجرمة بعد ما فرضت الحروب الروسية الأوكرانية عالماً جديداً من المواقف وأعادت التقييم وجعلت من العدوان الأمريكي مداناً عالمياً لأول مرة، وكما لم يحصل من قبل، لأن الدول المؤيدة لروسيا، فضلاً عن روسيا نفسها، قد أعادت إلى المسرح بقوة عدوان أميركا على العراق إن لم يكن حباً بالعراق فلكي تبرر لروسيا حربها.

لم يخطئ بوش حين وضع العراق بدلاً عن أوكرانيا في خطابه قبل أن يستدرك بطريقة ميلودرامية بأن سبب (غلطته) هو عمره الواقع في الخامسة والسبعين، وهنا وقع في شطحة كبيرة هي أن رئيس أميركا بايدن يزيد عمره عن الخمسة والسبعين ويقال إنه في الثمانين. فإذا كان عمر الخمسة والسبعين عمرَ خَرف وزهايمر فهذا يعني أن أميركا الآن يحكمها خرف فاقد للذاكرة.

شطحة بوش التي حاول فيها تبرير إقراره بحقيقة جريمته هو ودولته في غزو العراق لم يتوقف سوؤها عند بايدن بل يتعداه إلى قادة ورؤساء يعدون بالمئات في مختلف بلدان العالم يقودون ويقررون ويبنون ويصنعون ويكتشفون ويخترعون وعلى ذلك فإن استدراك بوش لتبرير ذكره العراق ووضعه لاسم العراق بدل أوكرانيا يؤكد حقيقة أن بوش واقع تحت تأثيرات مهلكة بسبب عدوانه على العراق.

ثمة حقيقة كشفها خطاب بوش موضوع بحثنا هي أن المجرم بوش واقع تحت تأثير كوابيس غزو العراق وقتل الملايين من شعبه وتهجيرهم وتدمير حياتهم وبلدهم، وقد جاءت حرب روسيا وأوكرانيا لتعمق أزماته النفسية لأنها جعلت العالم كله يعترف أو يعيد النظر بجريمة بوش وأميركا في غزو بلدنا وتدميره.

وفي الوقت الذي تدفع فيه إرادة الحق الرباني بوش للاعتراف بجريمته الوحشية البشعة في العراق بعظمة لسانه، وهو يحاول أن يجرم بوتين وروسيا فإننا نثق أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا قد خلقت عالماً جديداً ليس لصالح بوش وأميركا المتوحشة المجرمة، وإن الأقدار الربانية العادلة لابد وأن تنتصر للعراق وشعبه وأن تعيد للعراق وشعبه حقوقه وتعوضهم نصراً مؤزراً إن شاء الله.

 

 

 






الثلاثاء ٢٣ شــوال ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / أيــار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الافتتاحية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة