شبكة ذي قار
عـاجـل










من يتحمل مسؤولية الانهيار المالي، وماذا لو تحدث حاكم مصرف لبنان، وكشف المستور!

 

نبيل الزعبي

 

ماذا لو قُدِّرَ لحاكم مصرف لبنان، أن يتقاعد في إحدى الجزر أو الدول التي تحميه من أية مساءلة قانونية، وانكب على كتابة تجربته في لبنان، وأي عنوان سيتخذ؟

هذا الحاكم الذي استطاع أن يبقى على عرش مصرف لبنان طوال العقود الثلاث الماضية من السنين ، أخلّ بالدور المناط به كما ينص قانون النقد والتسليف الذي كلفه بالسهر على قيمة العملة اللبنانية والدفاع عنها، قطعاً سيذكر الحاكم كيف أوتي به على رأس الحاكمية المالية مع بدء العمل باتفاق الطائف في بلدٍ يعيش على الريعية التي كان مطلوباً تكريسها على أيدي من أرادوا للبلد أن يكون المركز الأمثل للخدمات ، مصرفياً على الأقل ، مع المراهنة على صلحٍ مستدام مع العدو الصهيوني ، فكانت كل " فلسفة "الخدمات تقوم على حساب الانماء اللامركزي وتحقيق الاكتفاء الزراعي والصناعي ، لتبدأ بضرب كل المشاريع التي تؤول لذلك بوضع الفوائد العالية على ايداعات البنوك وسندات الخزينة التي وصلت يوماً ، إلى الأربعين بالمئة من المبالغ المودعة ، ما ترك لرأس المال أن يتوجه إلى هذا التوظيف السهل والمريح ، ويستنكف عن المغامرة في أي مشروع انتاجي لا يمكن أن يحقق له ما يستفيده من أرباح أمام هذه الفوائد العالية التي يجنيها ، ولتبدأ أولى الطعنات النجلاء للاقتصاد اللبناني أمام أعين هذا الحاكم والمنظومة السياسية التي جاءت به وتوسعت دائرة المستفيدين منه، ثم بقيت تحميه إلى يومنا هذا ، ما يؤكد تواطؤها أيضاً ومسؤوليتها الكبيرة إلى جانبه في طعن الاقتصاد اللبناني وشلّه بخناجرهم المسمومة وتوزيع المسؤولية على الجميع كي تضيع الحقيقة وتتلاشى .

هذا الحاكم (بأمره) عرف كيف يخدع الشعب اللبناني و بقي حتى الأمس القريب يشيِّع أن الليرة اللبنانية بخير ، أو بالمنظومة السياسية التي غطَّت على جرائمه، ولم تزَل، بعد تنفيعها بواسطة الهندسات المالية التي رفعت من رأسمال المصارف بمليارات الدولارات ، ويُزَال العجب ، عندما نعلم أن غالبية أعضاء مجالس إدارة هذه المصارف هم من تلك المنظومة الفاسدة ، التي جاء منها من ادّعى العِفّة يوماً، لإنشاء مصرفٍ جديد، كي تشمله أيضاً تلك الهندسات ، وليت الحاكم يخرج إلى الرأي العام اليوم ليصارحه بِكَم استفادت المنظومة من أموال ، وكم هرّبت منها إلى الخارج ، وهو العالم بكل الحركة اليومية للمصارف يوماً بيوم ، وما هي المسؤوليات التي تتحملها، وبالتدرج، كل من المنظومة السياسية ولوبي المصارف.

وماذا يقول عن الذين يهاجمونه في العلن، ويلعبون معه تحت الطاولة في أقذر عملية تبادل للأدوار، لا تهدف سوى لتضليل اللبنانيين والهروب السريع إلى الأمام، هذا الهروب يتمثل اليوم بالكميات الهائلة من الليرات اللبنانية المطبوعة في الخارج حيث رفعت حجم الكتلة النقدية من سبع تريليونات ليرة عام ٢٠١٩(التريليون يساوي ألف مليار والمليار يساوي ألف مليون)، إلى سبعة وأربعين تريليوناً عام ٢٠٢١، في أخبث أعمال الإستغباء للشعب اللبناني قوامها:

نطبع ليرات ونشتري بها الدولار ، وليتفاقم التضخم بعدها إلى أعلى الحدود ، وليتخدّر اللبنانيون ويغطُون في سباتٍ عميق ، ويتعاطون مع لعبة التقلُب في سعر الدولار ، كمن يلحس المبرد بلسانه دون أن يدري أن الدماء التي تنزف هي دماءه ، وأن المقامرة بسعر صرف الليرة اللبنانية تتم على حساب ودائعه التي سطت عليها البنوك ، وأن ما تبقى من احتياطات للعملة الصعبة في مصرف لبنان ، ليست سوى القليل القليل المتبقي من أموال المودعين ، وأن خدعة صعود وهبوط سعر الصرف على الدولار ، هي الخرطوشة الأخيرة التي تتم المقامرة بها عبر "منصة صيرفة ".

وآخرها قبل الانتخابات النيابية عندما جرى تثبيت سعر صرف محدد للدولار ، ثم تلكأ العمل بسعر المنصة ليُترَك للدولار أن يحلّق ويصل إلى أقصى ارتفاع غير مسبوق بسعر ال٣٨٠٠٠ ليرة للدولار الواحد كما حصل عصر يوم السابع والعشرين من أيار المنصرم ، ليعود الحاكم ويصدر فرماناً جديداً يطرح فيه توفير الدولار للجميع وفق سعر المنصة لينخفض خلال ساعات قليلة إلى ما دون ال٢٧٠٠٠ ليرة بنسبة ال٢٥ بالمئة تخفيضاً ، أكثر من استفاد منها التجار الكبار ، لتستمر على يديه لعبة التحكُم بمعيشة اللبنانيين و"عصر" ما في جيوبهم ، وما هو مخبّأ في بيوتهم ، أو ما يردهم من أبنائهم من أموال ، تقيهم ، على الأقل ، الاستجداء من الآخرين ، ليس إلا.

حتماً، سيأتي يوم على الحاكم، يجد نفسه مضطراً للبوح بكل شيء وكشف المستور، وإنما أمام القضاء اللبناني النزيه المستقل، واصرار اللبنانيين على ألا يخرج من تحت قبضة العدالة أي فاسد بعد اليوم وعلى رأسهم المنظومة الفاسدة ولوبي المصارف وكل من يتحمل المسؤولية، وبالتسلسل مع الحاكم، وكشف الأوراق المستورة التي تطال هذه الأطراف مجتمعةً.

 






الاربعاء ١ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة