شبكة ذي قار
عـاجـل










 القيادة الهرمية دور وفعل نضالي

د. حسن طوالبة

 

لم يعد خافياً على أحد أهمية وجود القيادة في المنظمات الحزبية أو الشعبية أو الثقافية أو الرياضية. فوجود القيادات في هذه التنظيمات أمر حيويّ، ولازم للمتابعة وتسيير الأعمال وتنفيذ المهمات الراهنة، والاعداد للمهمات المستقبلية، وقيادة تلك المنظمات هي التي تخطط للمسار العملي في معظم الأحيان.

إنَّ قيادة تلك المنظمات تتبوّأ مهامها وموقعها، من خلال دورها وحيويتها في إدارة أعمال تلك المنظمات خلال المسيرة، وخاصة في الحزب العقائدي، فالقائد يتسم بسمات خُلُقية وعقلية وحسية وسلوكية يكتسبها من خلال العمل النضالي التراكمي، وسلامة قراراته ودورها في رفع مكانة الحزب في العمل الجماهيري. فالقائد الحزبي هو الأكثر التصاقاً بالجماهير، وأكثر تحسساً لمعاناتهم، وهو الذي يستبق الأحداث ويضع حلولاً لما سيحدث لاحقاً. وهو الذي يتفاعل مع رفاقه في المنظمة الحزبية، ويعيش معاناتهم، ويحترم آراءهم، ويخضع لرأي الأغلبية، ولا يتعنت بمواقفه ويفرضها عليها. والقائد الحزبي الناجح هو الذي يُفعِّل دور المنظمة الحزبية في الميدان، سواءً كان المدني أو العسكري.

وأثناء تنفيذ المهمات الموكلة للمناضلين، لا بد من الانتباه للفعل الذي يقوم به المناضل البعثي، والوقوف عند السلوك أو الفعل الخاطئ الذي يرتكبه لأول مرة، أو يتكرر بعفوية أو بجهل أو عن قصد، وعليه لابد من القيام بالمحاسبة واتخاذ العقاب الموجب والمناسب ان استوجب الامر، وبما ينسجم ومبادئ الدستور وما ينصّ عليه النظام الداخلي للحزب.

 ومن الممارسات الخاطئة في الحياة الحزبية هي عدم الالتزام بالسرية والكتمان و التفريط بالمعلومات التي تخص أمن الرفاق، وخطط تحرك ونشاط الحزب، وتفاصيل اجتماعاته، ووثائقه وأسراره ونشرها، اما بالتسريب الفردي بالحديث المتعمد او الغير مسؤول، أو عبر وسائل الاتصال، وبالذات وسائل التواصل المعروفة في أيامنا هذه، الأمر الذي ينطوي على مخاطر تهدد أمن المنظمة الحزبية وتهدد فرص نجاح العمل النضالي وبالذات في ظروف العمل الحزبي السريّ، وفي ظل أنظمة شرسة قمعية معادية للحزب ولأفكاره. وقد تم التأكيد على ذلك في الباب الثاني (عضوية الحزب) وفي الفصل الثاني منه، المادة13في واجبات العضو وحقوقه حول : (الالتزام بسياسة الحزب وتنفيذها.....والمحافظة على أسراره بدقة تامة) .

ومن أجل الحفاظ على أمن المنظمات الحزبية، وضمان بيئة حاضنة للعمل النضالي، على أفراد المنظمة الحزبية الحفاظ على روحية الاصطفاف القائم على الثقة والحب بين الرفاق. ونحن هنا نؤكد على روحية الثقة بين الأدنى والأعلى، ولا ندعو الى الصنمية في التعامل بين المستويين الأدنى والأعلى، بل على الثقة بينهما، ومن هذا المنطلق يتم تنفيذ المهمات النضالية، أو بالمفهوم الدارج تنفيذ التوجيهات والأوامر.

وإذا ما أدركنا ما ورد في الفقرة أعلاه، نرى في ظل غياب تلك البيئة الرفاقية ، ظهور مرض التكتّل والشليلية في بعض الاحيان، والذي عانت منه العديد من الأحزاب والمنظمات، ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي في بعض الفترات عبر العقود السبعة الماضية. فالتكتّل حالة مرضية خطيرة في الحزب الثوري، تنمّ عن سلوك فرد أو أفراد (معدودين) متشابهين في هذه الرغبة وهذا النمط من العلاقات، والذي ينجم في الغالب عن فقدان القدرة على المواجهة.  وقد حرّم الحزب هذا السلوك التكتلي تحريماً تاماً يعيه كل رفيق في الحزب بدءاً بأصغر المواقع الحزبية صعوداً، لأن هذا السلوك قاد الى التمرّد والى الانشقاق، وضياع فرص أمام الحزب لإنجاز مهمّاته النضالية في هذا القطر أو ذاك.

ومن هنا فإنَّ ظروف النضال التي يعيشها الحزب دائماً ، وخاصة في هذه المرحلة التاريخية التي تزداد فيها الهجمة الشرسة على الامة العربية، ويزداد فيها استهداف فكر الحزب القومي الوحدوي، واستهداف مناضليه بالاغتيال والاعتقال والاجتثاث والنفي والتهجير، تستلزم الوقوف بشجاعة لممارسة النقد البنَّاء في كل المنظمات الحزبية من الأدنى حتى مستوى القيادات، ولابدَّ من تشخيص نقاط القوة، ومواطن الضعف او الممارسات والظواهر السلبية بموضوعية بهدف معالجتها.

وذلك لان مسيرة الحزب الكبيرة قد اظهرت بشكلٍ جليٍّ أنَّ الممارسات والظواهر السلبية في العلاقات الحزبية ان تُرِكت دون معالجة فإنها ستتطور الى مرض خطير سبق وان أضرَّ بالحزب ولكنَّه لم يعطِّل مسيرته النضالية، رغم ما يتسبَّب به من ارباكٍ، وضياعٍ لكثير من الجهد المطلوب لانضاج تجربة الحزب، واشغاله عن مهمَّاته النضالية المُناطة به.

وبعد ذلك فالتسلسل في التنظيم، وهو سمة اساسية في طبيعة بنية الحزب وحياته، يتطلب الاحترام، وعدم التَّشكيك او إلصاق التُّهم جزافاً، ومحاولة اقتناص الفرص غير المشروعة للتسلل بغرض الوصول الى المراتب الاعلى بدون استحقاق، كما نص عليه النظام الداخلي للحزب. 

إنَّ احترام القيادات الأعلى في السلَّم الهرمي لتنظيمات الحزب هو واجبٌ وسلوكٌ مرتبط بالأخلاق والقيم السامية اولاً، وهو حاجة أساسية ومحورية لضمان فعالية بنية الحزب في تحقيق اهدافه النضالية.

 

فبدون هذا الالتزام لا تنجح الاحزاب الثورية وحزبنا في طليعتها، من تحقيق مهامه التي تأملها منه أمتنا العربية وهي تتعرض لأكثر موجات العدوان قوة وشراسة والتي تستهدف وجودها وهويتها بالصميم. 






الاحد ٥ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة