تسريب أسئلة الاختبارات

جزء من فساد العملية التعليمية في العراق المحتل

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس/ أكاديمي عربي من العراق

إذا كان تسريب أسئلة بعض مواد الاختبارات الوزارية قد انفضح هذه السنة لأسباب نجهلها قد يكون بعضها مرتبط بالخلافات بين الأحزاب والمليشيات ولأغراض كيدية، فالمؤكد أن الأسئلة تتسرب كل سنة، منذ سنة ٢٠٠٣ م ولجميع المقررات الدراسية.

تسريب الأسئلة تقوم به مافيات تابعة للأحزاب والمليشيات تمارس الفساد المالي والأخلاقي والسياسي في جميع مرافق الدولة وتحقق به أغراض متعددة منها منح درجات عالية لمن تشاء، تمنح التفوق لمن تشاء، وترسب من تشاء، وتسرق درجات طلاب لتعطيها لغيرهم من الفاشلين، وتدر هذه العمليات أموالاً طائلة من الرشاوي والمتاجرة بالأسئلة والابتزاز وغير ذلك من منافع يترتب عليها انحدار مستوى التعليم وتدني مستوى المعرفة عند الطلاب وخسائر مادية ومعنوية هائلة يتعرض لها العراق والعراقيون حاضراً ومستقبلاً.

تسرب الأسئلة مظهر من مظاهر تدهور التعليم في العراق في جميع مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية الأولية والعليا بعد غزو العراق واحتلاله، وهناك عوامل تدهور أخرى معروفة تتعلق بالبنى التحتية للتعليم التي دمرها الاحتلال ولم تعمرها أحزاب العملية السياسية، من بينها النخر في بنية العملية التعليمية الذي سببه اجتثاث آلاف من كوادر التعليم من المعلمين والمدرسين والكوادر الإدارية. والتدهور قائم أيضاً مع تغيير المناهج التي كانت قبل الاحتلال هي من بين الأفضل في العالم باعتراف اليونسكو ومنظمات دولية ومنظمات دولية أخرى غير رسمية متخصصة، وإدخال مناهج وممارسات طائفية مثيرة للشفقة وتخدم الاحتلال الإيراني للعراق. والتدهور يتجسد في شواهد كثيرة جداً في تداعي مباني المدارس وقلة البناء الجديد في هذا الميدان في المدن وانعدامه في القرى والأرياف والمناطق النائية. والفساد في قطاع التعليم يتجسد شاخصاً أيضاً في التجهيزات الضرورية ككراسي الجلوس وباقي التجهيزات التي كان النظام الوطني يضخها في طول البلاد وعرضها مجاناً بينما انشغل زعماء العملية السياسية الاحتلالية بالقتل والنهب والسلب.

إن تسريب الأسئلة هو واجهة لفشل الأحزاب وميليشياتها في تحقيق أبسط معالم ومقومات النظام واحترام القوانين وسياقات العمل السليمة.

إن استهداف التعليم بالعراق هو جزء لا يتجزأ من خطط تهديم قوة العراق وتدمير شعبه عبر اغراقه بالجهل والأمية.