شبكة ذي قار
عـاجـل










القدس العربية تبقى أبداً عصية على التهويد

ثائر محمد حنني الشولي

 

لقد شكلت القدس العربية وأسوارها الشاهقة عبر مراحل التاريخ كافة مفتاح العبور للشرق الأوسط كله وصمام الأمان للعرب جميعاً من المحيط إلى الخليج، وعبر كل الأزمنة كانت القدس على الدوام محور العالم ومحط أنظار الغزاة من كل حدب وصوب، بسبب صلتها الخاصة مع السماء، وكونها مهبط الرسل ومهد الديانات جميعاً. وقد حباها الله إذ جعل منها قبلة المسلمين الأولى ومسرى الرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم  ، إضافة لخاصيتها الاستراتيجية وتأثيرها بشكل عام على المنطقة العربية بمجملها والشرق الأوسط، مما جعلها على الدوام عرضةً لهجمات الغزاة الاستعماريين بهدف توسيع امبراطورياتهم وممالكهم وإشباع غرائزهم المادية الجشعة  .

وبالعودة للماضي القريب وتحديداً منذ تحرير القدس على أيدي صلاح الدين الأيوبي وجيش المسلمين الذي قاده، وتوالي حكم الخلافة الإسلامية فيها حتى نهاية حكم من تمت تسميتهم في اّخر عهدهم بالرجل المريض في إشارة واضحة لنهاية حقبة الخلافة العثمانية... في هذه المراحل كلها بقيت القدس والسيطرة عليها حلم يراود عتاة الاستعمار الغربي الذين ظلوا ينتظرون الفرصة السانحة للانقضاض عليها حتى تسنى لهم ذلك عبر أفكارهم الجهنمية الخبيثة حين تلاقت مصالحهم بمصالح الحركة الصهيونية في استهداف فلسطين وإقامة (الوطن القومي اليهودي) عليها تحقيقاً لوعد بلفور المشؤوم،  ونهب وسرقة ثروات الوطن العربي وإبقائه تابعاً وخاضعاً لسطوة الاستعمار الرأسمالي الإمبريالي الغربي.

وبالتزامن مع إعلان ما يسمى (دولة إسرائيل) على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني وتحديداً في يوم نكبته الكبرى بتاريخ 15/5/1948م،  والتي كلفته مئات الاّلاف بين قتيل وجريح وأسير ومشرد في خيام اللجوء،  جلهم ضحايا جرائم الحرب والإبادة الجماعية وسياسة التغيير العرقي الممنهج الذي مارسته العصابات الصهيونية التي كانت تتطلع منذ اليوم الأول لإعلان كيانهم الاستعماري البغيض في فلسطين للسيطرة على القدس وترحيل سكانها وتدمير تراثها الإسلامي وملامحها الحضارية العربية الأصيلة، ووضع الخطط والمشاريع الاستيطانية الكفيلة بدفع سكانها نحو الهجرة بل وقتلهم وحرقهم وهم أحياء إن أمكن بهدف تسريع الخطى نحو تهويدها وصبغها بحبر هلوساتهم التلمودية اليهودية العبرية التي قوامها الأساس هدم الأقصى وبناء هيكلهم الخرافي المزعوم . 

وبرغم كل المجازر وأشكال القتل والقمع والترهيب والتسويف والتجويع والحصار والهدم والتضييق والتهجير القسري وإحاطتها بحزام استيطاني ابتلع معظم أراضي المحافظة.. بقيت القدس عربية إسلامية تذود عن أصالة هويتها العربية الإسلامية وتدفع خلف أسوارها كل رياح التهويد، وتسجل النصر تلو النصر بسواعد أهلها الصامدين والمرابطين فيها الذين بفضل صمودهم الأسطوري أفشلوا كل مؤامرات اقتلاعهم وكل مشاريع التهويد والاستيطان والبوابات الإلكترونية التي أريد لها أن تكون مدخلاً نحو تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً تماماً كما السيناريو الذي قسم بموجبه الحرم الإبراهيمي في مدينة خليل الرحمن.

ومع فشل كل مخططاتهم وأساليبهم الخبيثة التي اصطدمت بجدار صمود أهل القدس.. راح العدو الصهيوني يحشد بتاريخ 29/5/2022م كل إمكانياته العسكرية وغلاة مستوطنيه ومعهم حشد اليمين العنصري السادي كله في ما أسموه مسيرة الاعلام الإسرائيلية التي هدفت إلى  اختراق أسوار القدس والسير في أزقتها وشوارعها ورفع أعلامهم وأداء صلواتهم وطقوسهم التلمودية داخل حرم الأقصى وتدنيس باحاته للإيحاء بأن السيادة في القدس للاحتلال والتي تصدى لها شباب القدس ذكوراً وإناثاً والمرابطين والمرابطات في الأقصى المبارك ،  وكان بحمد الله النصر معهم وعلا علم فلسطين خفاقاً فوق أعلامهم محطمين بذلك أحلام الصهيونية المريضة ،  وأفشلوا كل مؤامراتهم وخططهم الخبيثة بما يشي ويؤكد أن القدس عربية إسلامية وتبقى أبد الدهر عصيةً على التهويد   .






الاربعاء ٨ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ثائر محمد حنني الشولي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة