شبكة ذي قار
عـاجـل










الافتتاحية

مسارات البعث لتحرير العراق

 

لابد من التذكير بحقيقة، نرجو أن لا تصدم أحداً، نعيد ذكرها إحقاقاً لحق العراق وللتاريخ، هي أن من كانوا داخل العراق يوم وصلت دبابات الغزو إلى بغداد هم الأكثر دراية وخبرة والأعلم والأوثق معرفة بما حل بحزب البعث العربي الاشتراكي وما جرى لأعضائه وتنظيماته وقيادته، لا الذين كانوا خارج الوطن لأي سبب كان، ولا الذين غادروا في نيسان والأسابيع القليلة التي تلت نيسان ٢٠٠٣ يعرفون حقيقة ما جرى للبعث وللبعثيين. ومن سمع ليس كمن رأى وعاش وعانى وواجه.

من عاش الأحداث هو من شرب وأكل حنظلها، من هجر بيته وحارته ومدينته هو الأخبر، ومن تعرضت بيوتهم لغارات بدر والدعوة والصدر ومنظمة العمل الإسلامي والمجلس الأعلى وفرق موت أحمد الجلبي هم الذين سجلوا التاريخ بدمائهم ورعب عيالهم، من استشهد آباؤهم وأخوتهم وأولاد عمهم بعمليات التصفية الجسدية لأحزاب إيران الإرهابية المجرمة هم من يحملون الخبر اليقين عن حقائق ما جرى للبعث والبعثيين.

نقول هذا الكلام وقد قلناه سابقاً لأن لقوله ولتحديث القول أسباب وأسباب، أولها هو لتذكير من يعتاشون على النسيان وتقادم الأحداث ويقدمون أنفسهم اليوم على أنهم المنقذون وهم الأطهار وهم النبلاء وهم الشجعان، في الوقت الذي نعرف نحن البعثيون ونحن شعب العراق أن من غادر العراق قبيل وأثناء وفي أسابيع الغزو الأولى هم أخوتنا وأهلنا ورفاقنا ولا تعزير عليهم غير أن معلوماتهم عن ما جرى للبعث وللبعثيين ليست موازية بل ولا مقاربة لمن كانوا داخل العراق وكانوا شهوداً على عمليات إبادة البعثيين وتعريض البعثيين وعوائلهم إلى ممارسات إرهاب يندى لها جبين الإنسانية وتعاف وحشيتها وحوش الغاب.

ومن بين أهم  ما لم يعايشه ولا يعرف  تفاصيله رفاقنا الذين غادروا هو كيف مات الحزب؟ وكيف ومن الذي أعاده للحياة؟  وما هي ظروف الذين أعادوا وكيف تحولوا إلى جيش محمد وجبهة الجهاد والتحرير، وكيف تحالفوا مع رفاقهم في   فصائل مجاهدة أخرى، وكيف تمكنوا وهم يواجهون إرهاب أميركا وإيران وبريطانيا وثلاثين دولة بجيوشها واقتصادياتها وإعلامها المجرم الظالم من ارغام جيوش الغزو على الهرب من مدن وشوارع العراق سنة ٢٠١١ بعد أن خاضوا معارك أعظم مقاومة وطنية وأسرع رد فعل بشري على الغزو وعمليته السياسية التي صممت لتدمير العراق وتمزيقه وطناً وشعباً.

عاد البعث إلى الحياة بعد أن قتلوه ولم يدفنوا مئات الآلاف من شهدائه بل تركوها في العراء في أغلب مدن العراق، وخاصة الفرات الأوسط والجنوب وبغداد. عاد أولاً بعض أعضاء الفروع وبعض أعضاء الشعب في بغداد وعدد من المحافظات وأعيد تنظيم بعض الفروع ابتداء من مايس وصعوداً إلى سنة ٢٠٠٤. وأعيدت الفرق الحزبية تدريجياً وبعمل سري تام تصدى له عدد لا يساوي واحد من ألف من أصل أعداد البعثيين في العراق قبل الغزو وبعضهم كانوا من المتقاعدين حزبياً وبعضهم كان معاقباً وآخرون كانوا في خانات تقييم متواضع.

ولا نبوح بسر إذا قلنا إن الذين واجهوا الموت والإرهاب والنزوح والتهجير والاعتقال في الداخل قد كانت مشاعرهم ليست طيبة تجاه من تمكنوا من عبور الحدود.

وبغض النظر عن الأدوار الوطنية التي تصدى لها المهاجرون ومع الإقرار بأهميتها سابقاً ولاحقاً والآن إلا أن من ظل في داخل العراق هم من يعرفون كيف تم إخراج البعث من حفر وسراديب ومقابر الموت، وبالتالي فهم يتعاملون مع الوقائع وليس مع النظريات ومع الأحداث وليس مع التنظير الصحفي، ومع الحياة المنبثقة من أسرار الموت، وليس أبطال الفيس بوك والانترنيت وتويتر.

وبعد هذا التذكير الذي أملته ظروف ما يجري الآن من اصطفافات وما يضعه البعض من مطالب ديمقراطية وواجبات تحرير وهم لا يعرفون على وجه الدقة ما قد حصل للحزب ولا يعرفون كيف عاد إلى الحياة بقلة قليلة ليس انكاراً لشخوصهم ولا لأدوارهم وهم خارج الوطن المسجى نازفاً، بل لأن الذي يده في النار ليس كمن يده في الماء، رجال الداخل كانت أياديهم مكبلة بالحديد والموت يراودهم والرعب يعيش في عيون نسائهم وأطفالهم، والواجب أن نستثني من الموصوفين بالمهاجرين من كانوا يرزحون في سجون الاحتلال وأيضاً الذين قاتلوا في صفوف المقاومة وساهموا في واجبات احياء التنظيم ثم أجبرتهم الظروف على المغادرة لاحقاً وبعضهم غادروا بأمر من الحزب لضرورات قصوى.

الآن:

بعد كل الذي جرى فإن الأمانة تقتضي أن نقول إن البعث قاوم الغزاة والاحتلال في جزء فقط من رجاله وماجداته ومؤيديه وأنصاره في عمل تواصل دونما انقطاع مع مقاومة الوطن لجيوش الغزاة ولم يسقط سلاحه قط رغم أنه نزع ثياب العسكر وارتدى ثياب شعب العراق.

البعثيون في داخل العراق هم الذين يقاتلون العملية السياسية بشتى سبل القتال، ويقاومونها بكل سبل المقاومة، ويبلون بلاء حسناً في نخرها وتعميق أزماتها وفشلها ويفضحون فسادها ومعهم كل أحرار العراق، والبعثيون في الخارج يقدمون الإسناد الإعلامي وبعض الدعم المادي.

إن من يصنعون مسالك التحرير كل يوم هم رفاق البعث في الداخل الذين يوعون الناس ويذكرونهم بعظمة العراق وتاريخ إنجازاته العملاقة ويديمون شعلة عطاء الأمس متقدة تخترق بعض ظلمات ما أنتجه الغزاة والكلاب التي جاء بها الاحتلال لتأكل لحم العراقيين وتدنس تاريخهم وتصنع الظلام في نهارات وطنهم، ورفاق البعث في الخارج يساندون ويدعمون، والفعل لمن على الساحة يتقدم حقاً وحقيقة على المساند من بعيد.

دعونا نتذكر صرخات في وديان خاصة كان يطلقها الرفيق المجاهد عزة إبراهيم عليه رحمة الله على بعض العراقيين في الخارج، ويقول لهم ببساطة متناهية لا نريد منكم شيئاً، فقط أبعدوا عنا مشاكلكم، ونحن نعرف من كانوا يتعبون الرجل الثابت الصابر بأسمائهم الرباعية وألقابهم، وكنا نعرف أن هؤلاء سيتحولون إلى خوارج بعد أن يمضي القائد عزة إبراهيم إلى لقاء ربه سعيداً.

البعثيون في داخل العراق مع أحرار العراق ومع شعبهم يقاتلون ضباع وأفاعي وسلاحف وضفادع العملية السياسية دون أن يرفعوا لافتات غير لافتات الثورة والتحرير وحقوق الوطن.

إنهم لا يعرفون من هو السائل ولا المسؤول، بل يعرفون أن الوطن محتل، والمسؤول هو من يسكن الساحات مع شعبه في التحرير ببغداد ، والحبوبي بالناصرية وساحة ثورة العشرين في النجف ، وكل ساحات مدن العراق . هم الذين يتحدون الضباع والأفاعي والعقارب ويهتفون لوطن كان ... كان يفرض كينونته وحقوقه على الجميع، في الداخل وفي الخارج.

 






الاثنين ٢٠ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الافتتاحية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة