شبكة ذي قار
عـاجـل










واجبات المواطن لصيانة الامن  القومي والوطني      -  الحلقة الثانية  

زامل عبد



من أهم واجبات المواطن وأوجبها المحبة للوطن والانتماء للأمة  ، وان ذلك أمر فطري غريزي وطبيعة طبع الله النفوس عليها وخاصة من هم مؤمنون صادقون بإيمانهم وانتهاجهم ،  حين يولد الانسان في أرض وينشأ فيها ويشرب ماءها ويتنفس هواءها ويحيا بين أهلها فان فطرته تربطه بها فيحبها ويواليها ويضحي من اجلها بكل شيء  ويكفي لجرح مشاعر انسان أن تشير بأنه لا وطن له ، وقد أصاب ثوار تشرين عند رفعهم شعار نريد وطن لانهم تيقنوا بان وطنهم العراق تولى عليه من لا يؤمن به وباع ولائه للأجنبي وحمل السلاح ليقاتل الوطن والشعب في ان واحد تنفيذا وتلبية لمنهج وافعال  ما يسمى بولي الفقيه الذي هو يدعو لانبعاث الإمبراطورية الفارسية من خلال رفعه شعار ((  تصدير الثورة الإسلامية  )) والذي نص عليه دستور ايران بصفويتها الجديدة  ،  وقد اقترن حب الأرض بحب النفس في القرآن الكريم قال الله جل علاه   * وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ اِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ  * ( النساء  66 ) لما كان الخروج من الوطن قاسيا على النفس فقد كان من فضائل المهاجرين أنهم فارقوا أوطانهم هجرة في سبيل الله ، في سنن الترمذي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عدي بن حراء قال  رأيت رسول الله صل الله عليه واله واقفا جبال مكة فقال  ((  انكِ لخيرُ أرض الله وأحب أرض الله الى الله ولولا أني أُخرِجت منك ما خرجت ))  البشر يألفون أرضهم على ما بها حتى ولو كان قبرا مستوحشا ، وحب الأوطان غريزة متأصلة في النفوس تجعل الانسان يستريح للبقاء فيه ويحن اليه اذا غاب عنه ويدفع عنه اذا هوجم ويغضب له اذا انتقص والوطنية بهذا المفهوم الطبيعي أمر غير مستغرب ، وذلك الولاء له مشاعر إنسانية لا غبار عليها ولا اعتراض ، ولا يجوز أن تكون مفهوما مشوها يعارض به الولاء للدين فالإسلام لا يغير انتماء الناس الى أرضهم ولا شعوبهم ولا قبائلهم فقد بقي بلال حبشيا وصهيب روميا وسلمان فارسيا ولم يتضارب ذلك مع انتمائهم العظيم للإسلام وعندما يفكر الانسان في طبيعته فسيجد أن له محبةً وولاء وانتماء لأسرته وعشيرته وأهل قريته -  ورد في دعاء الامام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام (( واعزني في عشيرتي وقومي )) -  ،  كما يحس بانتمائه الكبير للأمة وانه لا تعارض بين هذه الانتماءات ولا مساومة عليها ، بل هي دوائر يحوي بعضها بعضا وان من المغالطة والايهام بالتعارض بين الوطنية بمفهومها الطبيعي وبين الإسلام كما يدعيه المتأسلمين ان كانوا اخوان مسلمين او الأحزاب الولائية الذين جذورهم اخوانية وقد كتبت اكثر من مقال في هذا الموضوع  ،  ان تصوير هذا التعارض ليس الا حيلةً المستعمر الخبيث وأذنابه للنيل من الإسلام واستغلالا للمحبة الغريزية للوطن لإيهام الناس بأن التمسك بتفاصيل الشريعة يعطل بعض مصالح الوطن ، وذلك عبر مصادمة أحكام الشريعة بمطالب الوطنية من مقتضيات الانتماء للوطن محبته والافتخار به وصيانته والدفاع عنه والنصيحة له والحرص على سلامته واحترام أفراده وقد تناول ذلك الامر بوضوح وبدقة عالية من قبل المرحوم الرفيق القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق فيقول ((   نرى في العروبة جسماً روحه الإسلام  ))  ويقول  (( ارتباط العروبة بالإسلام ظل لمئات السنين خلال التاريخ عبارة عن الحياة التي يحيياها العرب ويتنفسونها كالهواء )) وقد رأى في تجربة الإسلام وحياة الرسول صل الله عليه واله وسلم استعداداً دائماً للنهضة العربية ، ((  إذا فهم الإسلام على حقيقته ... تتكرر ملحمته البطولية بكل فصولها في واقعنا ، إلى أن تختم بالظفر النهائي للحق والإيمان ))  ،  والقائد الشهيد الحي المغفور له صدام حسين  - نظرة في الدين والتراث -  (( عندما نتحدث عن الدين والتراث باعتزاز يجب أن نفهم ان فلسفتنا ليست التراث ولا الدين بحد ذاتيهما. ان فلسفتنا هي : ما تعبر عنها منطلقاتنا الفكرية وسياستنا المتصلة بها، وان الأمور المركزية في مجتمعنا والمؤثرة في خلقنا وتراثنا وتقالدينا هو الماضي بكل ما يحمل من عوامل الحياة وتقاليدها وقوانينها، وكذلك الدين ... ولكن عقيدتنا ليست حصيلة جمع كل ما يحمله الماضي والدين، وانما هي نظرة شمولية متطورة للحياة وحل شمولي لاختناقاتها وعقدها لدفعها الى أمام على طريق التطور الثوري ، وعندما وجدت عقيدتنا جرت صياغتها بالشكل الذي تكون فيه مترشحة عن واقع أمتنا ومتقدمة عليه في نفس الوقت  ،  وعندما يشكل التراث والدين رافدين أساسين وحيويين في هذا الواقع، فأن تأثيرهما سيكون حيويا على عقيدتنا وهنا أسأل   : هل كانت الشهامة والصدق والشرف موجودة عند العرب قبل الأسلام أم لا ؟ وكيف كانت وماذا أصبحت بعد الإسلام وهل هي نفسها قبل الإسلام وبعده ؟  ،  ولابد أن يكون الجواب .. إن مقاييس للشهامة وللشرف وللصدق وللتعامل في شتى ميادين الحياة ، كانت موجودة قبل الإسلام ولكنها ليست هي ذاتها بعد الإسلام ، فقد تحولت وتغيرت مقاييسها بتغير المجتمع وعقيدته وتغير موضوعاته المتداولة ، اذن  فان مقاييس الشرف والشهامة وعموم التقاليد والقيم الاجتماعية الأخرى هي مقاييس موضوعية متطورة ، وهي عندما تبدو مطلقة ضمن صيغ التطور في كل مرحلة من المراحل المتعاقبة فإنها نسبية في حسابات النظرة الشمولية للحياة في حركتها العامة المجردة عن خصوصيات المراحل الزمنية والحالات المحددة الأخرى  ، إن الأفكار والمنطلقات الأساسية حول هذه الأمور قيلت من قبل حزبنا منذ وقت طويل ، أما الان فاذا ما حصل خلل ما فإنه يكمن في السياسات وفي عدم قدرتها أو قصورها في أن تعكس بشكل صائب المنطلقات الفكرية للحزب في معالجتها لهذه الأمور ... وليس في منطلقات الحزب الفكرية  ، أؤكد مرة ثانية تعبيرا عن موقف حزبنا وقناعتي الصميمية بهذا الموضوع أيضا ، أن حزبنا ليس حياديا بين الالحاد وبين الايمان ، وانما هو مع الايمان دائما ولكنه ليس حزبا دينيا ولا ينبغي أن يكون كذلك  ))  ، ألم يكن هذا الوضوح والتوكيد على الربط الجدلي فيما بين العروبة والإسلام المحمدي النقي من كل البدع والتضليل والدجل هو المنهج الصادق المؤدي الى انبعاث الامة العربية بإنسانيتها وقيمها الإيجابية ويظهر حجم التزوير والتخريب الفكري الذي انتهجه المتأسلمين ليحققوا اجندة اسيادهم ومن يوالون

يتبع بالحلقة الثالثة 




الثلاثاء ٢١ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة