شبكة ذي قار
عـاجـل










كيف تستغل إيران مفهوم وحدة أبناء المذهب لتحقيق مآربها في العراق

أ. د. مؤيد المحمودي

 

 

بالتواطؤ مع بعض المرجعيات، زرعت حكومة الملالي بطهران مفهوم " وحدة أبناء المذهب" بين الكتل والأحزاب الطائفية التابعة لها في العراق واعتبرته واجباً شرعياً يفرض عليها تغليب الهوية الطائفية المشتركة مع إيران على الاعتبارات الوطنية الأخرى. وبموجبه أصبحت الذيول تدين بالولاء المطلق للأوامر المركزية الإيرانية الخاضعة الى توجهات ولاية الفقيه فنزعت عن نفسها ثوب الخجل وتخلت عن الشعور بالعار من العمالة لحكومة الملالي. بل اعتبرت هذا الانبطاح واجبا دينيا وليس ممارسة الخيانة الكبرى لدولة أجنبية. وبالتالي سهلت على إيران مهمة التسلل الى أموال العراقيين وثرواتهم تحت غطاء رفع الحواجز بين أبناء المذهب الواحد. لقد أعمى هذا الموقف المتخاذل بصيرة الذيول، فحجب عنهم التساؤل لماذا يعمل مبدأ وحدة أبناء المذهب باتجاه واحد لصالح إيران فقط وليس لصالح العراقيين أيضا؟ وهل يحق لإيران أن تستغل هذا المبدأ لسرقة نفط العراق من موانئ البصرة وحقول النفط الحدودية وتستعمل مزاد العملة لسحب الدولارات من العراق. وهل يجوز لها أن تمتص الأموال من ميزانيات الوزارات والدوائر والبنوك العراقية والحشد الشعبي وتكسب أرباح طائلة من بيع الغاز الايراني والمنتجات الزراعية الى العراق بأسعار مضاعفة وتسهيل تجارة المخدرات عبر الحدود المشتركة مع العراق.

 ان هذه السرقات للأموال العراقية التي تدخل في جيوب إيران تعتبر جزء من مكاسب مالية كبيرة أخرى تجنيها حكومة الملالي من فرض سيطرتها على العتبات الدينية في العراق. اذ يتوافد على هذه العتبات حوالي 50 مليون زائر سنويا ضمن برنامج السياحة الدينية جالبين معهم النقود بشتى العملات والهدايا العينية الثمينة الى المراقد الدينية. ولو دخلت هذه الأموال الى خزينة الدولة العراقية لوفرت ثاني أكبر دخل مالي للعراق بعد النفط، لكن للأسف ذلك لم يحصل. ففي الوقت الحاضر تدار هذه المؤسسات الدينية من قبل ادارات مستقلة لا تخضع لرقابة الدولة وهي غير ملزمة بتقديم ما يردها من أموال الى خزينة الدولة.  وهذه الحالة تختلف عما كانت عليه الأمور في السابق، اذ كانت هذه المؤسسات الدينية تخضع الى اشراف ومراقبة دقيقة من وزارة الشؤون الدينية العراقية، التي تقوم بتعيين سدنة لها لا يمتلكون هيمنة أو نفوذا في مجال الحياة السياسية. لذا حافظت تلك العتبات على سمعتها النزيهة كمدارس للتوعية والاجتهاد الديني، ولم يعرف عنها امتلاك مؤسسات علمانية تأخذ على عاتقها ممارسة نشاطات أخرى في مجالات التجارة والزراعة والصناعة. ولكن بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 تغيرت الامور في ظل غياب وجود وزارة مركزية تشرف على العتبات الدينية فأصبحت تلك العتبات تخضع الى هيئات مستقلة تدعى الوقفين الشيعي والسني والتي شابها الكثير من الفساد أدت الى حصول سرقات كبيرة في مواردها المالية.

 إيران من جانبها وضعت نصب عينيها منذ البداية الاهتمام بشكل خاص في السيطرة على العتبتين الحسينية والعباسية في كربلاء باعتبارها من المراقد الدينية التي تستقطب أكبر عدد من الزوار في العراق. فكانت الخطوة الأولى لها بعد الاحتلال هو التمهيد لوضع تلك العتبتين رمزيا تحت اشراف المرجعية الدينية في النجف. أما الاشراف الفعلي فقد أنيط بمؤسسة دنيوية علمانية شبه مستقلة أنشأت على غرار تجربة مؤسسة العتبة الرضوية في مشهد بإيران والتي عرفت بامتلاكها لنشاطات تجارية واسعة أقرب إلى أن تكون شركة قابضة ذات نفوذا سياسيا وتجاريا يفوق قدرة محافظ مدينة مشهد بذاته. ويبدو أن حكومة طهران قد وجدت ضالتها في تكليف كل من الفاسدين عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي بإدارة مؤسسة العتبتين الحسينية والعباسية في 25/4/2003 واللذان أصبحا فيما بعد وكلاء للسيستاني يلقيان خطبة الجمعة بالنيابة عنه ويتحدثان باسمه اعلاميا حتى بعد أن أصبح مغيبا عن الناس. وسكان كربلاء يعرفون جيدا كيف كان الوضع المالي للكربلائي والصافي قبل الاحتلال وكيف تضخمت ثرواتهم في الوقت الحاضر. البعض يعزو خلو الدستور العراقي الجديد الذي كان السيستاني أحد المشرفين عليه، من وجود رقابة للدولة على نشاطات العتبات الدينية، بمثابة الثغرة المناسبة التي استغلتها إيران لتحويل العتبتين الحسينية والعباسية في كربلاء الى امبراطورية من الفساد التجاري تعمل لمصلحتها ومركزا استخباراتيا مهما لنشاطات الحرس الثوري الايراني.

فالأموال الممنوحة من الزوار الى العتبتين تقدر أسبوعيا بالمليارات من العملات الصعبة، بالإضافة الى العمل التجاري الذي تمارسه ادارة العتبتين وأدى الى تملك عدة مزارع وبحيرات أسماك ومعامل انتاج الدواجن واللحوم والألبان ومراعي لتربية الأبقار وشركات استيراد وشركات اتصال وجامعات أهلية ومدارس خاصة ومستشفيات. كما تمتلك العتبتين أساطيل من الآليات وسيارات نقل تنافس المواطنين في النقل العام وشركات سياحية تنقل الزائرين إلى المراقد الدينية وبيوت وفنادق لسكن الزوار. ولديها شركات مقاولات لن يستطيع أحد َ منافستها في الاستحواذ على العقود الحكومية، ومطبعة ضخمة تستقطب الكثير من تلك العقود بأسعار فاحشة. وهي تأخذ قطع الأراضي المخصصة عنوة من دائرة البلدية في محافظة كربلاء لإنشاء أبنيتها الخدمية عليها.  ولها رصيف استيراد خاص في ميناء البصرة ومشاريع تجارية في محافظات عراقية أخرى وتشرف على الانتهاء من اقامة مطار خاص بها في مدينة كربلاء، بالرغم من وجود مطار أخر في النجف لا يبعد عنه سوى عشرات الكيلومترات. وهي لا تدفع الى الدولة أية ضرائب باعتبارها مؤسسة دينية خيرية لكنها في الواقع تحولت الى دولة داخل دولة تمارس الفساد المالي وعمليات الابتزاز والتهديد والتجارة بالممنوعات وتهريب الأسلحة وغسيل الأموال والصفقات الفاسدة والتحكم في القضاء بالطريقة التي تراها مناسبة. ومن الأمثلة الكثيرة على الفساد المالي التي تتبعها هذه العتبات أنها استغلت عقدا فازت به من الحكومة لإنشاء محطات استراحة مجانية لملايين الزائرين الى المراقد الدينية في محافظة كربلاء. ولكن بعد أن وضعت يدها على أراضي الدولة الواسعة المخصصة لهذا الغرض حولت قسما منها الى منتجعاً سياحياً يبلغ سعر قضاء الليلة الواحدة فيه أكثر من 90 دولاراً، فيما أُسست على المساحات المتبقية جامعات خاصة تعود لها.

وقد اعتمدت ادارة العتبتين في بسط نفوذها بمدينة كربلاء على مجموعة من المليشيات العسكرية، على رأسها ميثم الزيدي قائد فرقة العباس القتالية الذي كان يعرف بعد الغزو كمجرم محترف في عمليات الاغتيالات. لكنه بعد أن تزوج من إحدى قريبات أحمد الصافي ولبس العمامة نال الحظوة عند الأخير فأصبح بارعا في جلب الحقائب المثقلة بملايين الدولارات، والذهب المهرّب والممنوعات وتكتيم كل من يجرأ على منافسة   نفوذ العتبتين التجاري أو معارضة سياستهم السلطوية في المدينة. ففي عام 2019 تجرأ رئيس مكتب النزاهة في كربلاء بتثبيت 217 حالة فساد في المدينة وعلى أثرها وجد مقتولا في حادث سير غريب. كذلك تسبب ظهور تقرير عن فساد العتبتين في تلفزيون قناة الحرة الى مقتل مصور تلك القناة بصورة مبهمة. وجميع هذه الحوادث المؤسفة التي تمت على طريقة المافيا كانت تحمل رسالة تحذيرية جعلت كل المنافسين للعتبتين يفضلون الخسارة المالية والحيف عوضا عن التفريط بحياتهم وأمنهم الشخصي.

أين تذهب الأموال الطائلة التي ترد الى العتبتين من السياحة الدينية والاستثمار التجاري

على الرغم من وجود قانون ادارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية رقم 19 لسنة 2005 الا ان هذا القانون لم يحدد عائديه الاموال للعتبات الدينية وكيفية انفاقها بل انه اكتفى في مادته الثالثة الفقرة الثانية بالقول "تصرف واردات العتبات والمزارات في مواردها وفق الضوابط الشرعية والقانونية " ولا أحد يعلم ما المقصود بالضوابط الشرعية ومن يحددها وهل ما صرف من اموال طيلة السنوات السابقة كان وفقا لقانونية تلك الضوابط الشرعية!!!! خاصة وان الكثير من اصابع الاتهام التي وجهت لفساد القائمين على المراكز الدينية قد عوملت برفض قاطع لكون هؤلاء الفاسدين يحملون حصانة خاصة منحتهم اياها المراجع الدينية لتي قامت بتعيينهم. وهو يفسر السبب الذي يجعل المحتجين العراقيين يرفعون شعار "باسم الدين باكونا الحرامية " كلما خرجوا ليعبروا عن سخطهم على تلك المجموعة من الفاسدين التي عبثت في البلاد.

. ان البسطاء والمحتاجين من أهالي مدينة كربلاء هم أولى بالاستفادة من المشاريع الخدمية التي تقوم بها العتبتين باعتبارها منشئات خيرية قامت على تبرعات الزائرين، لكن الواقع يشير الى عكس ذلك لأن هذه المشاريع تحولت الى منشئات استثماريه ربحية بحته. وخير مثال أن مستشفى الكفيل في كربلاء التي تعتبر من أبهظ المستشفيات في المدينة لا يدخلها الا الميسورين ماديا، أما الفقراء فهم غير قادرون على دفع تكاليفها الباهظة. وهذا ينسحب أيضا على الأجور العالية التي تتقاضاها الجامعات والمدارس التي تشرف عليها العتبتين.. 

لا شك ان إيران تحصل بصورة غير معلنة على حصة الأسد مما يرد الى العتبتين الحسينية والعباسية من أموال طائلة سواء كانت عن طريق السياحة الدينية أو الاستثمارات التجارية. وذلك تثمينا لدورها الحيوي في عملية انشاء المؤسسة الخاصة بتلك العتبتين وجعلها توأمة لمؤسسة العتبة الرضوية في مشهد بإيران، بل تحولت في مدينة كربلاء الى امبراطورية اقتصادية كبيرة مترامية الأطراف. ناهيك عن أن إيران تأخذ ضريبة عالية على توفير الحماية والأمان للفاسدين المشرفين على العتبات في العراق شأنهم شأن الفاسدين الأخرين، كي تؤمن لهم عدم التعرض الى المساءلة القانونية. وكل ذلك يحدث في ظل السبات العميق الذي تغط فيه الحكومات العراقية الحالية وعدم اكتراثها بالتحري عن كميات الأموال التي تدخل كواردات للعتبات الدينية ولا تهتم بإيجاد رقابة قانونية على مصير هذه الأموال. 

 بعد إيران، فان الجهة الرئيسية الأخرى المستفيدة من أموال العتبتين الحسينية والعباسية هي اللجنة المشرفة على شؤون المرجعية والتي تعمل جاهدة على تسويق اكذوبة وجود السيستاني بكامل نشاطه وحيويته ويمارس عمله الاعتيادي كأعلى مرجع ديني في النجف. ضاربة بذلك عرض الحائط حقيقة تغيب السيستاني الذي لم يشاهد شخصيا وجها لوجه منذ 17 عاما تقريبا بعد سفره الى لندن لتلقي العلاج من حالة عجز شديد في القلب. ويرجع سبب تغيبه طوال تلك الفترة اما الى وفاته وهو الاحتمال الأرجح أو أنه مقعد في الدار يعاني من حالة عجز تام. وقد استغلت هذه اللجنة حالة تغيب السيستاني لتمنح لنفسها صلاحية التحدث باسم المرجعية والافتاء بالقضايا الدينية والسياسية. ويقع على رأس هذه اللجنة التي نصبت نفسها ناطقة باسم المرجعية ابن السيستاني محمد رضا ويعاونه زوج أخته جواد الشهرستاني المقيم في مدينة قم الإيرانية وهو المسؤول المباشر عن تعيين الوكلاء والناطقين باسم المرجعية الدينية ثم يأتي بعد ذلك وكلاء السيستاني والمتحدثين الاعلاميين باسمها وهم عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي.

ولكون محمد رضا السيستاني يحمل الجنسية البريطانية فقد قام برحلة على متن طائرة خاصة الى بريطانيا عام 2020 تحتوي على صناديق من الألومنيوم محملة بالأموال التي جمعها من الخمس وواردات العتبتين في كربلاء. وصاحبه في هذه الرحلة أحمد الصافي حيث عمل الاثنان على ايداع تلك المبالغ الضخمة في أحد البنوك البريطانية. علما أن عائلة السيستاني تمتلك مجموعة قصور فخمة في شارع ودجر رود الشهير بلندن موزعة على كل من ابنه محمد رضا وبناته وأحفاده الذين يحملون الجنسية البريطانية.

وتشير عدة احصائيات للأمم المتحدة الى وجود ما يقارب الثمانية مليون مواطن عراقي حاليا يعيشون تحت خط الفقر وأعداد كبيرة من الأرامل واليتامى واللاجئين في الخيم الذين هم بأمس الحاجة الى المساعدات والخدمات الانسانية. مع ذلك فان لجنة المرجعية التي تنوب عن السيستاني تجاهلت هذه الحقيقة وفضلت التصدق بأموال العراقيين وخيراتهم لغرض بناء مجمعات ومدن عصرية ومستشفيات ومدارس وجامعات باسم السيستاني وتقديمها مجانا لأبناء بلاد فارس. ومن أهم هذه المشاريع التي أنشأت في إيران باسم السيستاني، ما تم انجازه:

في مدينة قم - مجمّع السيستاني السكني ويضم 320 وحدة سكنية ومجمع المهدية السكني ويضم 200 وحدة سكنية ومجمع الإمام الهادي السكني ويضم 180 وحدة سكنية ومجمّع الزهراء السكني ويضم 50 وحدة سكنية ومستشفى جواد الأئمة التخصصي للعيون ومستوصف الإمام الصادق الخيري ومستوصف ولي عصر الخيري

وفي مدينة ايلام- مستوصف الإمام الحسن المجتبى الخيري ومستوصف السيدة رُقية الخيري للولادة

وفي مدينة مشهد- مجمع ثامن الحجج السكني ويضم 200 وحدة سكنية

بالإضافة الى جميع ما تقدم فقد قام مكتب السيستاني في إيران ببناء بعض المساجد الضخمة وكذلك العديد من الساحات والتقاطعات المرورية المعروفة التي شملت بعض المدن الايرانية. وقد كشفت صحيفة عكاظ السعودية أن نجل السيستاني وجه خمس مرجعية العراق لإنقاذ اقتصاد نظام الملالي الإيراني كما طلب من ممثلي المرجعية في مختلف الدول حث الميسورين والتجار ورجال الأعمال على إيداع أموالهم في البنوك الإيرانية واستثمارها في مشاريع صناعية وتجارية في إيران لتخفيف أزمتها الاقتصادية. 

استغلال إيران للعتبتين في نشاطات مشبوهة

 بعد هروب عضو الهيئة الاستشارية في قيادة حماية المراقد المقدسة في كربلاء، والمستشار الأمني فيها فارا بنفسه خارج البلاد، كشف هذا الشخص معلومات مهمة عن مدى نفوذ نلك الفرقة التي أصبح البعض يطلق عليها اسم "دولة حرس الروضة الحسينية والعباسية المستقلة". وقال إن هؤلاء الحرس عبارة عن مليشيات بلغ العدد الكلي لهم في كربلاء لوحدها حوالي 3000 مقاتل وهم خليط يغلب عليهم الإيرانيون، والباقي من أهالي كربلاء المختارين بتزكية خاصة.  قائدهم الروحي والديني هو محمد رضا ابن علي السيستاني والذي ينوب عنه بقيادتهم وتوجيههم وكيل السيستاني في كربلاء عبد المهدي الكربلائي. وقد حصلت هذه القوة على تسليحا قويا زودت بها على شكل صناديق كبيرة تأتيها من إيران وكتب عليها عبارة (ممنوع الفتح أنها هدايا وأدوات ومواد بناء إلى مرقدي الإمام الحسين والعباس من أجل إعادة ترميمها) ثم اتضح أنها أسلحة تشحن من الحرس الثوري الإيراني الى هذه القوة الأمنية. فتحولت على أثرها الحضرتين الحسينية والعباسية في كربلاء إلى ترسانة رهيبة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر لا يجرؤ أحد على التقرب منها لأنها محمية بحصانة العتبات الدينية.  ومن جملة ممارسات القتل والابتزاز الخطيرة التي كانت تمارسها قوة حماية المراقد، تحدث هذا الرجل عن تفاصيل عملية واحدة تمت بإشراف من عبد المهدي الكربلائي وبأمر من محمد رضا السيستاني وتضمنت تصفية بعض الطيارين والضباط العراقيين ممن يحملون رتبة (الأركان) والذين شاركوا في الحرب العراقية -الايرانية، بعد أن تم توزيع هؤلاء الحرس على بعض المحافظات العراقية لتحقيق تلك المهمة الاجرامية.

أما مشروع توسعة العتبة الحسينية الذي يهدف إلى زيادة الطاقة الاستيعابية لها لتصبح أكبر موقع في العالم مخصص للزيارات الدينية السنوية ومتفوقا بذلك على أعداد الحجاج إلى مكة المكرمة في السعودية. فهو لا يمكن أن يكون من أولويات الحكومة العراقية خاصة وأنها تعاني من توفير الأموال المخصصة لمشاريع استراتيجية أهم مثل تكملة سدي مكحول وبادوش لتخفيف وطأة شحة المياه. ان هذا المشروع للتوسعة يتم العمل به الأن بتمويل عراقي وخبرة ايرانية، بالرغم من وجود كوادر هندسية عراقية متخصصة في العمارة الاسلامية ولها تجارب سابقة في تعمير المراقد الدينية العراقية. وقد حظي هذا المشروع باهتمام كبير من قبل الحكومة الايرانية تمثلت في الزيارات المتكررة التي يقوم بها المسؤولون الايرانيون للموقع. كان أولها الزيارة التي قام بها سليماني لتفقد المشروع عام 2018 قبل مقتله، بعدها تمت زيارات عديدة غير معلنة للمشروع من قبل ضباط في الحرس الثوري الايراني ومنها الزيارة التي قام بها حسن بلارك، أحد كبار الضباط في فيلق القدس والمقرب من خامنئي وأعقبها الزيارة الأخيرة لإسماعيل قاآني. يبدو ان هذا الاهتمام الكبير لإيران في مشروع التوسعة يخفي وراؤه تحقيق الأهداف السياسية والاستخباراتية والاقتصادية التالية:

1. سياسيا تسعى إيران من خلال التوسعة الى جعل مدينة كربلاء منافسا قويا لمكة المكرمة وبالتالي اتخاذ زيارتها بديلا لتوجه المسلمين الى السعودية وإداء مناسك الحج فيها. وهذا التوجه الطائفي الأغراض يمثل تحريفا لنهج الدين الاسلامي الذي يعتبر الحج الى مكة الكرمة وليس زيارة قبور الأئمة، هو أحد أركان الاسلام الخمسة.

2.استخباراتيا تستغل إيران هذه التوسعة لتوظيف شركات فيها تابعة الى الحرس الثوري الايراني مثل لجنة إعادة إعمار العتبات المقدّسة" وهي لجنة شكّلها خامنئي ويتولّى إدارتها ضباط معينون من الحرس الثوري الايراني. ".

 وقد فرضت واشنطن عقوبات على هذه اللجنة وأحد مسؤوليها البارزين حسن بلارك كما شملت العقوبات مؤسسة الكوثر، جناح الأعمال الهندسية التابع للجنة في العراق. اذ يتهم الأمريكان تلك اللجنة والمؤسسة بالتورط في تقديم مساعدات عسكرية لفصائل تعمل لحسابها في العراق وسوريا، اضافة الى قيامها بأنشطة استخباراتيّة وغسيل أموال.

 

3.اقتصادي ينطوي مشروع التوسعة الذي يمتد لعدة سنوات على منح فرص اقتصادية عديدة للشركات الايرانية، خاصة وأن جميع المواد الأولية المستخدمة في البناء تأتي من إيران. علما أن الحكومة العراقية تمنح المشاريع الدينيّة امتيازات خاصة منها إعفاءات جمركيّة على الإسمنت والصلب وغيرهما من المواد المستوردة من إيران.

وتقول مصادر عدّة إنّ الكثير من البضائع الايرانية يدخل العراق بكميات كبيرة مثل الصلب والإسمنت بدعوى تطوير العتبات ثم يباع عن طريق وسطاء في السوق العراقيّة حيث الأسعار تكون أعلى.

 

ومقابل جميع هذه الامتيازات التي تحصل عليها إيران من تمددها في العراق، فإنها تتعمد بكل وقاحة الى تعطيش الشعب العراقي عن طريق حرمانه من روافد نهري دجلة وديالى وتلويث مياه شط العرب برمي مياه البزل فيه.

يقول أحد الشعراء العراقيين في هذا الصدد:

"كيف السبيل لدفع الشر ما الطرق      حظ العراق جوار الفرس ملتصق"

 






الجمعة ٢٤ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ. د. مؤيد المحمودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة