شبكة ذي قار
عـاجـل










القائد المؤسس ميشيل عفلق أيقونة الوعي العربي

ثائر محمد حنني الشولي

 

ونحن في حضرة ذكرى أليمة وحزينة.. يوم ودعنا أباً ومعلماً وفيلسوفاً وقائداً أسطورة في 23/6/1989م، رجلاً عظيماً كان بمثابة الحد الفارق بين جهل الأمة وضعفها وبين بعثها ونهوضها، لكي تنسجم تماماً مع تاريخها الحضاري وماضيها المجيد والتليد.. وتشق طريق مستقبلها المفعم بالاقتدار والانتصار والنهوض والازدهار والتقدم، وإزاء هذه الحالة وحجم هذه الشخصية الفريدة المتميزة العنيدة الانقلابية لا بد من الغوص في بعض من تفاصيل حياتها، حيث ولد القائد المؤسس ميشيل عفلق في العاصمة العربية دمشق مركز بلاد الشام وقلب الوطن العربي في القرن الماضي وتحديداً في العام 1910م لأسرة امتازت بعمق ولائها وانتمائها للأمة العربية، والدفاع عن حياضها في مواجهة صولات الغزاة المستعمرين وسطوهم على بلادنا. 

درس القائد المؤسس في دمشق وأكمل تعليمه الجامعي في باريس، وكان منكباً على دراسة التاريخ العربي والتعمق في ثنايا صفحاته المشرقة، وهناك التقى رفيق دربه صلاح البيطار ليشكلا معاً ثنائياً مخلصاً وفياً للأمة العربية ومسألة نهوضها بعد كل الذي أصابها من ركود وضعف وتخلف ونكوص حضاري بفعل تبعيتها أربعمائة سنة للحكم الأجنبي التركي، ومن ثم تكالب القوى الغربية الاستعمارية وتحديداً بعد انهيار الحكم التركي التي أمعنت في تمزيق الأمة العربية وشرذمتها عبر سلسلة اتفاقات ومعاهدات، مثل ورقة كامبل وسايكس بيكو وسان ريمو ووعد بلفور الذي اقتطع الجزء الأصيل من أمتنا (فلسطين) وتم إهداءه لمن لا يستحق (الحركة الصهيونية العنصرية الاستعمارية المجرمة) بهدف إقامة الوطن القومي لليهود، ومن أجل أن يكون بمثابة القاعدة العسكرية المتقدمة في قلب الوطن العربي يحمي ويحافظ على المصالح الإمبريالية الاستعمارية، كما يساعد في تجذير وتمكين القوى العربية الرجعية التي تعمل جنباً إلى جنب مع الصهيونية والإمبريالية في شل حركة الأمة حضارياً وتعطيل وتأخير نهوضها والاستمرار في نهب ثرواتها ومقدراتها.

 

ومع عودة القائد المؤسس ورفيق دربه البيطار إلى أرض الوطن سورية دأب كليهما على إشعال وتفجير ثورة عربية تكون بمستوى التحديات الجسام التي تواجه أمتنا، فعملا معاً في نهاية الثلاثينات ومطلع الأربعينات على إطلاق مجلة البعث الثقافية بهدف نشر الوعي القومي العروبي الثوري بين صفوف الجماهير العربية الكادحة، ثم اجتهدوا في تأسيس حركة البعث بهدف تأطير الجماهير المناضلة وتوجيه نضالها في المسار الصحيح، وتطور الأمر بعد ذلك إلى فكرة الإعلان عن ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي في السابع من نيسان من العام 1947م ليكون بمثابة ثورة عربية شاملة ورد فاعل على كل أمراض الأمة وما يصيبها من وهن وضعف وتجزئة وشرذمة واحتلال واستعمار واستغلال طبقي وإقطاعي، حزب ينظم الجماهير المناضلة في وعاء حزبي يقود نضال الأمة في كفاحها المرير من أجل تحقيق أهدافها السامية في الوحدة والحرية والاشتراكية، الوصفة الحقيقية لخلاص أمتنا من أمراضها والولوج في مرحلة النهوض والتحرر والتقدم بما يضمن مستقبلاً زاهراً ويافعاً وآمناً لأجيالنا القادمة، وبما يضع أمتنا في مكانها الطبيعي كأمة رائدة بين الأمم.

انطلق المارد البعثي في السابع من نيسان، وكانت وجهته الأولى فلسطين القضية المركزية للحزب والأمة، وقاد الرفيق القائد المؤسس ميشيل عفلق بنفسه خلايا الحزب الفدائية التي زحفت إلى داخل الأراضي العربية الفلسطينية، وتمركزت في مدينة جنين لتكون قاعدة الحزب العسكرية في المعارك والقتال مع جنود الاحتلال الصهيوني، وخاض الحزب معارك الشرف في عدة جبهات على طريق تحقيق أهدافه النبيلة وتسنى له تحقيق انتصارات عظيمة على مستوى الوطن العربي حيث وحدة سورية ومصر التي كان مهندسها الرفيق القائد المؤسس، وثورة البعث على الحكومات الرجعية في كل من سورية والعراق، ورغم ردة تشرين وعديد المؤامرات بقي البعث نبراس النضال العربي وخيمة كل المناضلين والأحرار في أمتنا العربية وحاضنة الثورة الفلسطينية وكل الثورات العربية من خلال قاعدة البعث وقلعته العراق الأشم، وحيث أنعم الله على القائد المؤسس لقاء صدام حسين الذي اعتبره هدية السماء للبعث، وهدية البعث للأمة العربية لما يحمله من مواصفات الإيمان والرجولة والشجاعة جعلت قلب القائد المؤسس يطمئن على مسيرة البعث بقيادة أمينة تأخذ على عاتقها مواصلة نضال البعث إذا ما أصابه مكروه ولتقر عينه بعد مماته حيث وافته المنية في العام 1989م بعد عام تقريباً على الانتصار الكبير الذي حققه البعث على الفرس وأطماعهم التوسعية.

 

كان صدام حسين خير خلف لخير سلف، وحمل من بعده راية البعث بأمانة واقتدار، وقاد معارك البعث الكبرى في التصدي لكل المؤامرات الإمبريالية والمشاريع الاستعمارية ودك حصون الصهيونية في كل معاقلها حتى أظهر وهنها كبيت العنكبوت الذي تمزقت هيبته وقوة ردعه أمام الضربات العراقية في حرب أم المعرك الكبرى التي أضافت انتصاراً اّخراً لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهذه المرة ليس على الفرس وحسب وإنما على كل قوى الشر في العالم مجتمعة.






السبت ٣ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ثائر محمد حنني الشولي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة