شبكة ذي قار
عـاجـل










المفهوم الإستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي.. كيف نفهمه ؟

إ

ن لحلف شمالي الأطلسي (الناتو) سياسته، كما أن له إستراتيجيته المعروفة التي تقوم على مفهوم جيو- سياسي يقضي بعدم خروج الحلف من واقع الجغرافيا السياسية للقارة الأوربية .

وكما هو معروف في عالم السياسة الدولية ان استراتيجية الحلف القارية تركز على الأمن الأوربي وسياسة القوة الاوربية، حيث تتبنى فرنسا مفهوم الجيش الاوربي بعيداً عن المظلة الأمريكية على وفق دواعي الإستقلالية، التي ركزت عليها عقيدة الجنرال ديغول وما تزال تأثيراتها سارية في اركان السياسة الخارجية الفرنسية ومنها على وجه الخصوص سياسة إمانوئيل ماكون في مساعيها الحثيثة والمضطربة نحو تأسيس (قوة أوربية مستقلة) .. فاعضاء الحلف الاطلسي + اثنتان هما السويد وفنلندا قد انضمتا حديثاً للحلف بعد التهديد الروسي للشرق الأوربي، يؤكدون على مخاطر تطورات وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا من جهة، والمحافظة على وحدة دول الناتو وتوفير الضمانات الأمنية للدول الاعضاء في اطار معاهدة الحلف وخاصة المادة الخمسة من المعاهدة الاطلسية لحماية العضويين الجديدين وباقي اعضاء الحلف .

وازاء استراتيجية الاختراق الروسية للشرق الاوربي واحتدام الحرب في اوكرانيا وامتداداتها المحتملة، ظهرت في افق قيادة الاطلسي افكار تبلورت على شكل (مفهوم استراتيجي) جديد للحلف، وهو يُعَدُ تطوراً او تحولاً مهم منذ تأسيسه قبل سبعين عاما حيث بدأت قيادة الحلف بتبنيه رسمياً والعمل به نتيجة للتحديات، كما يراها الحلف، التي يواجهها وخاصة الشرق الاوربي ممثلاً بأوكرانيا والحرب المحتدمة فيها وإن تبني المفهوم الجديد يؤكد في رؤاه على إعادة النظر بالمفهوم القديم على النحو الآتي :

اولاً- ان روسيا الاتحادية قد انتهكت المبادئ التي تم التوافق عليها بعد انتهاء الحرب البارده .

ثانياً- يتعين على الحلف ، كما يراه خبرائه ،  توفير مستلومات الدعم وتعزيز الجناح الشرقي للحلف .

ثالثاً- ضرورة توفير الأمن الجمعي لأعضاء الحلف والأخذ بنظر الأعتبار التغيرات الجيو- سياسية التي شهدتها منطقة الأورو- أطلسية منذ سنوات وقبل ان يتم الأختراق الروسي لأوكرانيا والحرب عليها.

إن إعادة النظر التي اجراها حلف شمال الاطلسي قد حددت : 1- اهداف الحلف ووظائفه الرئيسة في الدفاع والأمن 2- مجابهة بناء (استراتيجية القوة) التي تتبناها عدد من الدول 3- مجابهة الحرب السيبرانية الموجهة بالضد من اعضاء الحلف 4- تكريس التكامل بين الحلف الاطلسي والاتحاد الاوربي 5- معالجة ملف الارهاب وتهديداته من الجنوب وشمال القارة الافريقية 6- الأخذ بنظر الأعتبار اهمية وضع ما يتناسب وتأثير الإختراق الصيني للقارة الاوربية تجاريا وتقنياً وسياسياً .

واللآفت هنا ، أن حلف شمال الأطلسي ومحيط الأتحاد الأوربي يتنازعانه فريقان رئيسان اولهما :  فريق يسعى لأن يكون للحلف دور يأخذ بنظر الاعتبار الرؤى الاستراتيجية في خارج الجغرافيا- السياسية الاوربية، ويعتقد هذا الفريق ان هذا الدور يشتمل على منطقة المحيط الهندي والهادي، فضلاً عن التطلعات الصينية وثانيهما : فريق يؤكد على منطقة (الأورو- اطلسية) ، مع الاعتبار للطموحات الصينية .. وهذا الفريق يقوده الرئيس الفرنسي "إمانؤيل ماكرون" في سعيه نحو القيادة الاوربية واعلانه مفهوم (الإستقلالية) الاوربية والسيادة الاستراتيجية .. ومن كل ذلك يعمل الاتحاد الاوربي على صياغة ما يسمى (البوصلة الإستراتيجية) للتعامل مع الخطر القادم من جهة الشرق واهمية صنع القدرة والقوة على ايقاف الخرق الروسي، فضلاً عن اهمية الانتشار الاطلسي الرادع للتمدد الروسي وامتصاص زخمه وإبقاءه في دائرة الاستنزاف.!!

د.أبا الحكم

12/07/2022  

 






الجمعة ١٦ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة