شبكة ذي قار
عـاجـل










التيار الإسلامي وعدائه للقومية العربية شواهد وحقائق تظهر الدور البريطاني - الحلقة الثانية

 

زامل عبد

 

 لتوثيق ذلك سأتطرق الى ما كتبه جولي ما كجر وير من مكتب وزارة الخارجية لشئون العالم العربي (( وإسرائيل )) وشمال أفريقيا في كانون الأول 2006 لوزير الخارجية البريطاني  ((   بضرورة رفع معدلات الاتصالات الدورية مع أعضاء البرلمان المصري من الإخوان ، وان اتصالات جرت بعدد من أعضاء البرلمان من الإخوان ولكن هذه الاتصالات قطعت تحت ضغط من النظام المصري ،  ومنذ عام 2002 هناك اتصالات متقطعة مع أعضاء البرلمان من الإخوان  وفي أيار من نفس العام أكد - كيم هولز -  وزير الخارجية أمام البرلمان البريطاني أن المسئولين البريطانيين يتواصلون مع أعضاء الإخوان المسلمين منذ عام 2001 وأن مسئولين آخرين التقوا مع ممثلين للإخوان في الأردن والكويت -  ولبنان -  واتصلوا بشكل محدود مع الإخوان المسلمين في سوريا  )) ، هذا ايجاز مقتضب وعليه شهدت العلاقة بين الإسلاميين والعروبيين منذ نشأة هذين التيارين درجة من الحساسية تنزع نحو التصعيد من قبل الإسلاميين حينًا والمهادنة حينًا آخر وقد تناولت بعض المواقف من قبل هؤلاء باتجاهيهم الاخوانجية او الدعوجية بالمقالات التي نشرتها تحت عنوان {  ردا على ادعاء من يدعي  هذا هو البعث  } ، وذلك وفقًا لمسار الأحداث السياسية والمتغيرات الاجتماعية المواكبة لسيرورتيهما ، ويكاد كتاب ((  إيران والإخوان المسلمين  )) للباحث الإيراني عباس خامه يار أن يكون من الكتب النادرة التي تناولت بالتفصيل العلاقات بين إيران ، وجماعة الإخوان المسلمين ، قبل استثمار الخميني لثورة الشعوب الإيرانية عام 1979 وبعدها  ، ولعلّ موضوع الكتاب يكتسب أهميته كون الإخوان المسلمين من أكبر الجماعات السنيّة وكانت على صلات طيبة  ـ  خاصة مركز الجماعة في مصر ـ  بمراجع الشيعة ، وكان حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، أحد الناشطين في لجان التقريب بين السنة والشيعة ، ذلك التقريب الذي استغله المراجع لنشر عقائدهم في أوساط السنة ، دون أن يسعوا هم للسماح بعقائد أهل السنة والجماعة أن تنفذ إلى المجتمعات الشيعية  ،  كما أنه من اللافت أن الإخوان المسلمين ـ  برغم أنهم كانوا من أول المؤيدين للتغير في ايران  ـ  ضعفت علاقاتهم مع إيران بعد اندلاع الحرب الإيرانية العراقية وموقف الحركتين المشترك إزاء القومية العربية حيث يعتبر المؤلف هذه النقطة العامل الثاني الذي أحدث تقارباً بين الإخوان وإيران فبحسب المؤلف أن كلا الحركتين اتخذ موقفاً سلبياً من الاتجاهات القومية ،  فالإخوان اعتبروا أن القومية العربية هي سبب ضياع الخلافة الإسلامية ، وضياع فلسطين ، في حين أن الحركة الشيعية الإيرانية  ترى نفسها ضحية من نوع آخر للقومية التي تجلت تارة في 2500 عام من النظام الشاهنشاهي ، وتارة أخرى في الأحزاب الوطنية المعارضة للثورة والمرتبطة بالقوى الغربية ، والتي وقفت موقفاً عدائياً من الثورة الإسلامية بعد انتصارها  ص115 والمؤلف يعتبر أن منطلقات الإخوان وإيران إسلامية ، بعيدة عن اللوثات القومية ،  لكنه يشير إلى " مآخذ " سجلها كل من الطرفين إزاء الآخر فيما يتعلق بموضوع القومية ، فإيران انتقدت الإخوان لأنهم لم يقفوا موقفاً حاسماً في اعتبار العراق معتدياً في حربه مع إيران لعروبة العراق ، وبفعل تأثير إعلام القوميين المكثف في العالم العربي  أما الإخوان فإنهم  ،  يأخذون على إيران ما ورد في بعض مواد الدستور ، ومنها لزوم أن يكون رئيس الجمهورية ووالداه إيرانيين ، ويعتبرون ذلك من رواسب الحس القومي الإيراني ص119 ولعلّ خامه يار لم يشأ التوقف طويلاً إزاء الرواسب القومية الفارسية التي تحكم سياسات إيران الداخلية والخارجية ، فقد اكتفى بمثال واحد مستوحى من الدستور الإيراني  ثم أخذ يعدد بعض ما اعتبره (( الخطوات المهمة التي خطتها الحركة الإسلامية الإيرانية بعد الثورة على صعيد نبذ القومية الفارسية والجهود الشاقة التي بذلتها في سبيل تغيير المواد الدراسية ، وتنقيح تاريخ البلاد من الشوائب وتنقية ثقافته ، وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام والعرب بعد سنوات طويلة من الإعلام المغرض للنظام السابق ص 119، وبالرغم من أن المنطلقات القومية الفارسية الاستعلائية في عهد الثورة تبدو أقل حدّة لما كان الوضع عليه أيام الشاه ، بسبب أن البعد المذهبي احتل المرتبة الأولى في عهد الثورة ، إلاّ أننا نجد أنفسنا ، ونحن ندرس سياسات إيران الداخلية والخارجية ، أمام منطلقات قومية فارسية واضحة من قبيل تحكم القومية الفارسية التي لا يزيد عدد أفرادها عن 51% من مجموع سكان إيران بمقاليد الحكم والسلطة في البلاد ، في حين تعاني القوميات الأخرى مثل الأكراد والبلوش والعرب من تهميش واضح ، ومن قبيل إصرار إيران إطلاق اسم الخليج الفارسي على الخليج العربي ، ومن قبيل الاهتمام الرسمي والشيعي بعيد النيروز الفارسي مقابل إهمال عيدي الفطر الأضحى اللذين تحتفل بهما الأمة الإسلامية جمعاء  ))  ، وبالمقابل كان البعث الخالد بموقفه الثابت من الإسلام كثورة إنسانية مجتمعية حمل رايتها العرب  ،  ولئن كان هذا الخلاف من طرف واحد  قد تأسس على ( السياسة ) قبل أي شيء آخر ، أي نمتْ إرهاصاته الأولى على خلفية موقف كلا الطرفين من السلطنة العثمانية في أواخر عمرها  وكذلك موقفهما معا من التعاطي من الدول الغربية  فان المنحى العام لتصاعد الخلاف بات يكتسب طابعا أيديولوجيا ، شيئا فشيئا ، وبخاصة في مرحلة تبلور أفكار كلا التيارين في مرحلة منتصف عشرينات القرن المنصرم ، وكان من الممكن للتباينات السياسية بين الطرفين أن تبقى محصورة في حقل السياسة ، دون أن تمتد إلى القناعات الفكرية وذلك بحكم ارتباط السياسة بالمصالح والمتغيرات 

 

يتبع بالحلقة الثالثة






الجمعة ١٦ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة