شبكة ذي قار
عـاجـل










التيار الإسلامي وعدائه للقومية العربية، شواهد وحقائق تظهر الدور البريطاني – الحلقة الثالثة

 

زامل عبد

 

طبيعة المرحلة الممتدة منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى أواسط الأربعينيات من القرن العشرين كانت غنية بالأحداث العاصفة والمصيرية بالنسبة إلى العرب والمسلمين معا الأمر الذي جعل كلا الجانبين يمعن في تخندق ليقينه بأن ما استجد من أحداث - آنذاك -  يؤكد صحة وسلامة موقفه ولعل من أبرز تلك الأحداث التي أسهمت في تبلور التيارين الإسلامي والعروبي معا {{  خسارة الإمبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى وتفككها وسقوط الولايات العربية في يد الاحتلال الغربي  { البريطاني  والفرنسي  والإيطالي }  وتعرض الوطن العربي للتجزئة بفعل معاهدة سايكس بيكو ، وصدور وعد بالفور المشؤوم والاحتلال الصهيوني لفلسطين ، ونجاح الثورة البلشفية في روسيا وكذلك قيام الثورات الاشتراكية في بعض بلدان العالم الثالث كالصين  1949 ،  وكوبا 1959  وحيال ما مر ذكره من أحداث ،  ووجد القوميون أن الذات القومية يداهمها خطران هما  ((  الخوف من الامحاء والتلاشي ، والوقوع تحت نير الاستعمار الغربي ))  وراح يورقهم هاجس مزدوج كيف يمكن الحفاظ على الذات القومية من الاختراق الاستعماري   مزامنةً مع ضرورة الانفتاح على الآخر - الغربي - ثقافيا وحضاريا  ؟ ،  في حين وجد الإسلاميون أنفسهم  {  من خلال بياناتهم او مقالاتهم  }  ملزمين بالدفاع عن الإسلام في وجه عدوان غربي لم يروا فيه سوى عودة  للصليبية من جديد وكذلك في وجه غزو لا يطال الكيان المادي للأمة الإسلامية فحسب بل يطال عمقها الحضاري والتاريخي معا  أضف إلى ذلك أن المد الاستعماري الغربي حيال الوطن العربي عزز في أذهان كثير من الإسلاميين موقفهم الرافض للنهج الإصلاحي الديني الذي دشنه إصلاحيو عصر النهضة ومنهم  (  محمد عبده ، رشيد رضا ، وغيرهم )  بل إن التدفق الاستعماري الغربي ما هو -  وفقًا لبعض الإسلاميين - إلا نتيجة للموقف المهادن الذي أبداه أسلافهم الإصلاحيون  وهكذا شهدت تلك المرحلة تبلور تيار إسلامي أكثر تشدد بل تطرف كان سيد قطب هو أول من أسس منطلقاته الفكرية  لقد وجد كلا التيارين - القومي والإسلامي -  في مرحلة الأربعينيات  كل عوامل التعبئة لنموه واستمراره ، إذ تزامن تبلور الفكر القومي مع صعود حركات التحرر في أكثر من قطر عربي ، الأمر الذي أظهر فكرة القومية العربية على أنها حركة مقاومة للاستعمار ، فضلا عن كونها إطارا جامعا يهدف إلى مواجهة التجزئة التي أقامها الاستعمار داخل كيان الأمة الواحد ، وكذلك يسعى إلى بعث أمجاد الأمة العربية والحيلولة دون تلاشي الذات القومية ، الأمر الذي أكسب القوميين رصيدا شعبيا ظل في حالة صعود {{  منذ أن دخلت الأمة العربية في القرن العشرين وهو عصر بناء الدولة الحديثة ، نص دستور حزب البعث العربي الاشتراكي على قيام الدولة القومية ، على أن تكون قواعدها مبنية على توفر شرطين أساسيين هما الفكرة ( إن القومية حقيقة حية خالدة ، والشعور القومي الواعي الذي -  يربط الفرد بأمته ربطاً وثيقاً هو شعور مقدس ) ، والرابطة القومية ( هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل - تحقيق وحدة الهوية والشعور والانسجام بين المواطنين ، وانصهارهم في بوتقة واحدة ، وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية ) وانسجاماً مع ثوابت في الفكر القومي  فقد وقف حزب البعث العربي الاشتراكي ضد أية دعوات تنطوي على تقسيم الأمة سواء أكانت قطرية أم أممية ، دينية أو وضعية ،  ولأن المشاريع السياسية الأممية وقفت حائلاً دون توحيد الأمة العربية ، لأن تفتيتها يُعتبر ممراً إلزامياً للهيمنة عليها وسرقة ثرواتها من جهة ، ولأنها مشاريع لا تحوز شروط نجاح التنفيذ ، فقد تم تحليلها في هذا المقال لإثبات استحالة تنفيذها  }}  ،  بعد فترة من بدء  الحرب التي فرضها الشاه المعمم  زمرة الدجل والشعوذة بزعامة خميني عام 1980 على العراق  تم رفع شعارات  تصدير الثورة الإسلامية  وتحرير القدس يمر عبر العراق  ، فبدلا من أن  يكون النظام الإيراني ما بعد التغيير ووفق شعاراته الشيطان الأكبر ونصرة المستضعفين حليفا للعراق المتصدي الفعلي للأطماع الامبريالية الصهيونية والانبطاح امام  السياسات الامريكية البريطانية  ويمثل حقيقة لجبهة صمود (  تحالف جبهوي عريض يليق بمستوى الأهداف التاريخية جبهة حقيقية للامة وفقا لمنطق العقل والضمير نتاج عذابات المناضلين راح نظام الملالي يشن الحرب على العراق العمق الاستراتيجي للامة العربية )  ، صدر التقرير السياسي للمؤتمر القطري التاسع لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق بعد ثلاثة أعوام  تقريبا من استحواذ زمرة الدجل والشعوذة على مقاليد السلطة  في ايران عام 1979 بعد انجاز  عملية  سرقة المضامين الحقيقية للثورة الإيرانية  ، وورد في الفصل السادس من التقرير ما نصه {{  أصبحت المسالة الدينية التي كانت تثار بين الحين والآخر في الحياة السياسية العربية وفي بعض الأوساط الدولية ، أصبحت في السنوات الاخيرة مسألة بارزة  ومع قيام الثورة الإيرانية  ونجاحها في الإطاحة بنظام الشاه باتت مسالة ساخنة وتصاعد حولها الاهتمام والبحث والخلاف في المنطقة وعلى الصعيد الدولي  وفي داخل القطر العراقي اتسعت بصورة متسارعة في السنوات الاخيرة نشاطات بعض الجماعات التي اتخذت من الدين غطاء لأهدافها ومآربها السياسية ، وبخاصة حزب الدعوة العميل، واتخذت طابعا إرهابيا وتخريبيا معاديا للشعب والحزب  والثورة  }}

 

يتبع بالحلقة الرابعة






الثلاثاء ٢٠ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة