شبكة ذي قار
عـاجـل










الهجرة النبوية الشريفة: الوعد اليقين بالنصر

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس/ أكاديمي عربي من العراق

 

حين وجد رسول الله محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه نفسه ودعوته التي ينشرها بأمر الله سبحانه وتعالى محاصراً بالموت بسيوف كفار مكة صار لزاماً عليه، وهو القائد العربي الأعظم في التاريخ، أن يتخذ قراراً مفصلياً في سفر الدعوة الإسلامية المباركة، ألا وهو قرار الهجرة إلى حيث يحمي الرسالة ويحمي حامل الرسالة وداعيتها صلى الله عليه وسلم ومن معه من صحب آمنوا بدعوة الله على لسان محمد للإيمان واعتناق الإسلام ديناً يفتدونه بالروح وبالمال وبالولد.

فالهجرة في أعظم معانيها أنها قرار ثوري قيادي ملهم، وهي السفينة التي حملت الإسلام من زوايا الاختناق إلى مرافئ الفوز والفلاح، وصنعت بدايات جديدة لانطلاقته العظيمة عدداً وعدة، ووفرت الأرض الآمنة والإنسان المستقبل فصار الأنصار جيوشاً تقاتل من أجل الله سبحانه لنصرة دينه ونبيه ورسالته السمحاء.

فالهجرة غيرت ميزان المواجهة المصيرية بين قلة مؤمنة وكثرة ظالمة ناكرة للدعوة كارهة لحاملها محمد الصادق الأمين عليه صلوات الله وسلامه.

اتخذ الرسول الكريم قرار الهجرة ومعه اتخذ قرار العودة، لكن، عودة بشروط تحقق نصر الإسلام. العودة إلى فضاء مفتوح وقوم يستقبلون الدعوة. قرار العودة مختمر في صدر الرسول ورفاقه الغر الميامين مثل استقرار الإيمان بالله وبالإسلام الحنيف.

اليقين، أن الهجرة قرار رباني، وهي فعل غير معزول عن الوحي والإلهام الذي خص الله سبحانه به القائد المعلم النبي الرسول الحبيب المصطفى. غير أن حضور شخصية الرسول في اتخاذ القرار ورسم طريقة التنفيذ وخطط صناعة العلاقة بين المهاجرين والأنصار وآفاق تحشيد عوامل العودة إلى مكة كانت كلها قرارات النبي ومهمته الثورية القيادية المقدسة.

لم نسمع عن مهاجر خاصم واختلف وتطلع إلى عنوان ولا مكان ولا مكسب غير فوز العقيدة ولذلك فازت العقيدة. ومن يريد أن يعتبر من الهجرة في قضية سياسية أو وطنية أو قومية أو إنسانية فعليه أن يتجرد من ذاته وأنانيتها، ويرتقي إلى درجات العفة المطلقة والاستعداد للتضحية من أجل القضية ولا شيء غير القضية.

ما أحوج العراقيين اليوم للاعتبار وأخذ الدروس من الهجرة، سواء من هاجر من وطنه مرغماً أو من هاجر داخل وطنه بل وحتى القاطنين في بيوتهم وهي ليست بيوتهم وفي وطنهم وهو ليس وطنهم. الشعب الذي يجب أن يقتدي بالهجرة وبعودة الفاتحين الأبرار أكثر من غيره هو شعب العراق.






الاربعاء ٥ محرم ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أب / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة