شبكة ذي قار
عـاجـل










في استعادة الذكرى إفادة:

الأمة حين تقرّر تستطيع

 

نبيل الزعبي

 

إذا كان من الخطأ الاعتقاد أن العراق، دون العرب، هو المنتصر الوحيد في يوم الأيام ٨/٨/١٩٨٨، فإن من الخطأ الاعتقاد أيضاً أن نظام الملالي في طهران هو الخاسر الأوحد، وقد كان في اندحار مشروعه في العراق، اندحاراً لغيره من أصحاب المشاريع المعادية للعرب، في ذلك اليوم الذي أعلن فيه الخميني أنه كان ليفضل شرب السم على إعلان وقف إطلاق النار وإنهاء حربه مع العراق.

من هذا المنطلق وبعد أربعة وثلاثين عاماً على انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية، لا بد من التوقف أمام جملة من الحقائق التي لا يمكن تجاوزها في الصراعات الإقليمية والدولية الدائرة اليوم على قدمٍ وساق على حساب الأمة العربية ومشروعها الحضاري والطمع في مقدراتها وثرواتها ومصادرة قرارها الحر المستقل:

إن استعادة ذكرى يوم  ٨/٨/١٩٨٨، تعيدنا بشكلٍ أو بآخر إلى رمزية البوابة الشرقية للوطن العربي، التي كُتِبَ على العراق أن يحمل المهمة المقدسة في الدفاع عنها بالنيابة عن كل العرب،  منذ وُجِدَت الأطماع الفارسية في الوطن العربي، قبل وبعد رسالة الإسلام، وهي أطماع تاريخية لم تتوقف طالما حملت  نزعة التوسع والهيمنة والاحتلال، وكان على الأمة مواجهتها، أيّاً كان مسمى النظام الذي يحكم بلاد فارس ومشروعها الإمبراطوري الإيراني،  أو كان نظام البعث هو الذي يحكم العراق أم سواه، وبالتالي، فإن الأمة العربية هي المهددة أساساً، وما العراق سوى أحد بواباتها الأمامية المعرضة للتهديدات الإيرانية دوماً، وكان على شعب العراق مواجهتها بكل إرادة وتصميم عندما استشرست على الوطن العربي، وحمل شرف إيقاف رياحها الصفراء لثماني سنوات متتالية، تبين للعالم أجمع بعد كل ما يجري من وضع لليد الإيرانية على أقطار عربية بكاملها اليوم.

إن النظام الوطني التقدمي في العراق كان يدافع عن العرب وكرامة العرب، بقدر قيامه برد الأذى عن أراضيه وشعبه، وما كان للنظام الإيراني أن يتجرأ في تطاوله واستهانته بالأمة العربية في ظل وجود هذا النظام وقيادته التاريخية، ولتتأكد مقولة القائد الشهيد صدام حسين: "الطاعون سيدخل الخليج إذا ما كُسِرَت بوابة العراق".

 وها هو الطاعون يتمدد ويتوسع إلى أبعد من الخليج، مستغلاً انهيار ذلك الجدار الذي كان يحمي العراق وأقطار الأمة، ويعلن على الملأ أهدافه التوسعية في أكثر من قطر من أقطار الوطن العربي، تحقيقاً لمشروعه الإمبراطوري التوسعي الذي يفاخر به اليوم وجعل درّة تاجه في بغداد.

إنه، سواء كان البعث هو الحاكم للعراق أم غيره، فإن الأجيال القادمة هي التي سترث هذا الصراع وتتحمل مسؤولية وقف هذا المد الشعوبي العنصري، طال الزمن أم قَصر، ولا يُعرَف عن الشعب العراقي سوى أنه "جمجمة العرب" التي لا تنام على ضيم، وشوكة النصر التي تأبى الانكسار.

كما إنه، وفي ظل توازنات القوى والمصالح الدولية الكبرى، وعلى مرور عقود التاريخ ومراحله المتلاحقة، يتبين أنه من المستحيل على القوي أن يبقى قوياً، كما أن الضعيف لن يستمر على ضعفه الذي ستُحَفِزُه الأيام لينقلب على نفسه يوماً ما، ويستعيد ما هُدِر منه، من كرامة وطنية وإباء قومي، وتلك أيامٌ "نداولها بين الناس" كما جاء في مُحكَم التنزيل.

 

على النظام الإيراني أن يدرك أن الإمبراطوريات كلما توسعت، كلما نمت بداخلها وتمددت بذور التفكك وعوامل الانهيار الذاتي، وأن لا مصلحة للشعوب الإيرانية سوى في ترسيخ أفضل علاقات حسن الجوار مع العرب، فالأحقاد العنصرية التوسعية لم تُبقِ الإمبراطوريات يوماً وإنما سارعت إلى انهيارها وزوالها إلى الأبد.

يستحيل على" خير أمةٍ أُخرِجَت للناس"، كما بشّر الرسول العربي، أن تمضي في حال الهوان والانكسار دون أن تستجمع من تاريخها وتراثها وماضيها، ما يدعوها إلى الانقلاب على ذاتها وحاضرها البائس، وتحقق ثامناً من آبٍ آخر كما جرى في العام ١٩٨٨، وهي الأمة التي لم تعرف الانتصار يوماً سوى في الشهادة أو تحت سنابك الخيل.

ستنتصر الأمة لا محالة، ولن يفرح أعداؤها وأعداء العراق إلى الأبد.






الاربعاء ١٢ محرم ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أب / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة