شبكة ذي قار
عـاجـل










أزمة المياه في فلسطين المحتلة: حقائق وحلول

 نبيل مرتضى

 

تبلغ مساحة الوطن العربي حوالي 14 مليون كم مربع، ويقع بمعظمه في منطقة صحراوية جافة تتلقى معظمها كميات قليلة من الأمطار بسبب سيطرة ضغط جوي لفترة طويلة في السنة، ما يمنع تساقط الأمطار باستثناء السواحل الشرقية للبحر المتوسط، لاسيما لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة وأجزائها الساحلية والجبلية المواجهة للرياح الغربية الرطبة.

 

ويشهد الوطن العربي، بالإضافة إلى الجفاف، هدراً كبيراً في المياه المتساقطة عليه، وتلوث الثروة المائية، وسوء توزيع الثروة المائية بين السكان، وعدم وجود شبكة لتوزيع المياه، أو قدمها، في حال وجودها، وعدم الصيانة مما يؤدي إلى ضياع يقدر ب 38% من المياه المارة في الشبكة، وبحسب إحصاءات سنة 2011، فقد بلغت حصة الفرد الواحد من المياه العذبة حوالي 500 متر مكعب، بعد أن كانت بحدود 2000 متر مكعب سنه 1960، وستستمر هذه الحصة في التراجع إلى أن تصل إلى 250 متر مكعب للفرد في عام 2050.

وتسمى المنطقة العربية بمثلث العطش، حيث تحتوى على أقل من 7% من مخزون المياه العالمي وعلى أقل من 1% من نسبة المياه.

 

في هذا المقال، نسلط الضوء على أزمة المياه في فلسطين المحتلة والحلول اذا أمكن، إن وجدت.

 

1. تعاني فلسطين من شح في مصادر المياه الطبيعية كالأنهار والبحيرات.

2. يضع الكيان الغاصب قيودا كثيرة على استغلال الفلسطينيين للمياه، منها تقييد استخدام الآبار الارتوازية الزراعية وعدم إعطاء رخص لحفر الآبار الجديدة، وفي حال الموافقة يجب ألا يزيد عمق البئر عن 140 متر، كما تمنع الفلسطينيين من استخدام نهر الأردن نهائياً، ومنع إمدادات المياه إلى البلديات الفلسطينية.

3. انعدام التوازن بين كمية الأمطار المتساقطة والبالغة 80 مليون متر مكعب بينما تبلغ كمية المياه المستهلكة 130متر مكعب، أي إن معدل النقص السنوي 2.5% من مخزون المياه.

4. يقوم الكيان الصهيوني بتدمير جميع المنشآت المائية من برك وأحواض وآبار بحجة عدم الترخيص، خاصة الواقعة في المناطق المصنفة C. ، وفي السنوات الخمس الأخيرة، نفذ الكيان الصهيوني أكثر من 100 عملية هدم في الضفة الغربية من ضمنها 44 خزاناً، و5 ينابيع، و28 بئر.

5. انتهاك ما تم الاتفاق عليه في أوسلو، حيث يبلغ حجم الخزان المائي 734 مليون متر مكعب، ونصيب الجانب الفلسطيني منه حسب الاتفاقية 235 متر مكعب أي 32% من كمية المياه. ولا يتجاوز ما يأخذه الفلسطينيون 130 مليون متر مكعب، ولم يلتزم العدو بتعهداته كإعادة حصة للفلسطينيين عبر كمية المياه من الحوض الشرقي والذي يقدر محتواه بحوالي 80 مليون متر مكعب.

6.التوزيع غير العادل في استهلاك المياه، حيث بلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني 60~100 متر مقابل 350 لتر للفرد الصهيوني وأضعاف الحصة بالنسبة للمستوطنين. 

7.يحجب الكيان الصهيوني أي معلومات عن الحوض الغربي الذي يضم مخزوناً للمياه العذبة بكميات كبيرة وعالية الجودة، قادر على ضخ 400 مليون متر مكعب سنوياً.

8. تقوم شركة المياه الصهيونية بسحب المياه الواقعة ضمن المخزون الجوفي للضفة الغربية وتعود لتبيعه لبلديات الضفة.

9. تعاني شبكات المياه في الضفة والقطاع من الاهتراء نتيجة قدمها وعدم إجراء عمليات الصيانة بالشكل المطلوب، وهذا يؤدي إلى فقدان 38% من المياه المارة بها.

10. أدى بناء جدار الفصل العنصري إلى حجز الكثير من الآبار، وحرمان الفلسطينيين من مصدر مهم من المياه الجوفية، حيث يخسر الفلسطيني 15 مليون متر مكعب خلف الجدار وهذا يؤدي، على المدى البعيد، إلى فصل الفلسطيني عن مناطق إنتاجهم المستقبلي وعلى طول الأراضي الذي ابتلعها جدار الفصل العنصري، وهي مناطق أساسية لحوض المياه الجوفية للسلطة الفلسطينية وإنها تحوي على ما يقارب من 95 مليون متر مكعب.

 

ويمكن أن نستنتج خلاصة ما توصل إليه العالم الجيولوجي الألماني مسوشميد أن أزمة المياه في فلسطين بالمفتعلة ويذكر أنها سياسية بامتياز، مؤكداً أن فلسطين من البلدان التي تضم مصادر مياه متجددة جيدة في المنطقة، حيث تشير بيانات الأرصاد الجوية أن مخزونها من المياه الجوفية مرتفع نسبياً لأن معدل سقوط الأمطار مثلاً 564 ملم في السنة، وهذا الرقم يعتبر كاف.

 

ومن الضروري الدعوة لإعادة التوزيع العادل للمياه بين الكيان الصهيوني والأراضي المحتلة سنة 1967، من حيث ضمان القانون الدولي لحق الفلسطينيين في حصة عادلة من الموارد المائية، حيث أن الكميات الدقيقة تحسم خلال المفاوضات بحيث يمكن التعامل مع كمية إضافية سنوية أي ما يقارب 400 مليون متر مكعب من الأحواض المائية الجبلية، بما يعادل 200 مليون متر مكعب من الحوض الساحلي لغزة و250 مليون متر مكعب أخرى من حوض نهر الأردن.

 

التأكيد على أن الحل المستدام هو حفر آبار تصل للمياه الجوفية العميقة، في الأحواض الجبلية المشتركة المتنازع عليها مع الكيان الصهيوني، وهذا هو الحل الأرخص والأفضل والأكثر اعتماداً على الذات، والأكثر ديمومة؛ حيث أنه بموجب القانون فإن للفلسطينيين الحق في تطوير موارد المياه في الأحواض المائية الخاصة بهم.

 

التأكيد على أن مشروع قناة البحر الميت-الأحمر ليس سوى فخ سيجعل الفلسطينيين يتوهمون إمكانية الحصول على مياه إضافية، بدلاً من نصيبهم العادل في موارد المياه القائمة، وهذا سيضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني الذي يطالب بحقوقه من المياه الجوفية. كما سيؤدي إلى فقدان حصة وحق الفلسطينيين في نهر الأردن وإلى الأبد، وعوضاً عن ذلك سيكون عليهم شراء المياه المحلاة من قرب البحر الميت بثمن باهظ.

 

تحلية مياه البحر في غزة من الحلول الجزئية المطروحة، لكنه ليس الحل الوحيد لإنقاذ غزة، فالتحلية ليست حلاً مستداماً؛ حيث تستخدم الموارد غير المتجددة وهو حل مكلف للغاية وغير فعال، ويعني مزيداً من الاعتماد على الدول المانحة، حيث تبلغ تكلفة المياه المحلاة أعلى عشرة إلى عشرين ضعفاً من سعر المياه الجوفية، وهذا الحل تروج له (إسرائيل) بدلاً من منح الفلسطينيين حقهم من المياه الجوفية للحوض الساحلي المشترك.

 

تزويد قطاع غزة بحصتها المائية كحق لها من الحوض الساحلي أو كتعويض لها من نهر الأردن، بمعدل 200 مليون متر مكعب سنوياً كحد أدنى، سيؤدي إلى حل أزمة المياه في غزة.

 

وأخيراً، التأكيد على أن المياه قد تكون (اليوم أو في المستقبل) سبباً قوياً لنشوب الحرب وإدامة الصراع بين شعوب المنطقة، لأنها قضية لا تحتمل التأجيل، وفي المقابل من الممكن أن تكون المياه، إذا ما تم الاتفاق بشأنها بالتراضي والتفاهم مدخلاً للتعاون وبناء الثقة، وبالتالي أحد أقوى العوامل في نجاح عملية السلام وإنهاء الصراع. بمعنى أنه لا بد من التعامل مع قضية المياه من بُعدها الإنساني والإنمائي لا من بُعدها السياسي، أي أن على الكيان الصهيوني أن يتوقف عن استخدام المياه كوسيلة للابتزاز والقهر والعقاب الجماعي، أو أداة للضغط والتهديد.. لأن الماء ليس ضرورياً للحياة وحسب، بل هو الحياة نفسها. وهناك ما يكفي من المياه لتتقاسمها شعوب المنطقة بأمن وسلام.




الثلاثاء ١٨ محرم ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أب / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل مرتضى نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة