شبكة ذي قار
عـاجـل










حول انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وجدلية مغادرته القصر أم البقاء فيه

 حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي

نبيل الزعبي

 

ونحن على أبواب انتخابات رئاسية جديدة بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي، في الواحد والثلاثين من شهر تشرين أول القادم، ومع الدخول دستورياً في مرحلة الشهرين التي تسبق هذا الاستحقاق، تجتاح وسائل الإعلام اللبنانية ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، "معزوفة " تقول:

هل يغادر الرئيس ميشال عون القصر الجمهوري، أم لا!

وما هي الأسباب التي تمنعه من البقاء في القصر وقد انتهت ولايته، وأن هناك من ينكب على تقديم فتوى ً دستورية تسمح له بذلك، وكأن الدستور اللبناني تحوّل مادةً مطاطية رخوةً يتم تبسيطها وتدويرها حسب الرغبات الشخصية والمصالح الخاصة، أو كأننا أصبحنا في بلدٍ خارج الكرة الأرضية، قد وُضِعَت أيدي المستكشفين عليه فحوّلوه إلى مستعمرةٍ جديدة لهم وضعوا لها من القوانين ما يخدم سيطرتهم واعتبارها ملكية حصرية بهم.

تتزامن هذه التساؤلات مع اقتراب نهاية أسوأ عهدٍ مرّ على لبنان منذ استقلاله حتى اليوم ، ويذهب البعض إلى أن الضائقة المعيشية غير المسبوقة التي يعيشها اللبنانيون ، تُعيد إلى الذاكرة ، ضائقة سفر برلك التي جسدّها الرحابنة في فيلم سينمائي يوثّق تلك المرحلة التي، إن تمايزت عن واقعنا الراهن ، فهو أن مجاعة سفر برلك ، كان وراءها " العثملّي" ، أما مجاعة العصر فيتحمل مسؤوليتها لبنانيون من كل الطوائف اللبنانية ، جوّعوا شعبهم وتراهم يتنصّلون مما جنت سياساتهم الجهنمية ، بتقاذف الاتهامات على بعضهم البعض وهم يغسلون أياديهم من دم هذا الشعب المهدور ، متصوّرين أن الشعب فقد ذاكرته ، أو أن بصيرته قد عُمِيَت عن كل السنوات الست العجاف من الفقر والإملاق التي لا يتحملها لوحده من كان شعاره: يا شعب لبنان العظيم ، فلم يُترَك للشعب عظَمَةً إلا وصودرت وكان الكفر بسنوات هذا العهد أقل ما هو على لسان كل لبناني ولبنانية هذه الأيام .

إنه، وبغض النظر عن المواد الدستورية اللبنانية التي تمنع الرئيس الحالي من البقاء دقيقةً واحدة في القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته، نسأل ويخالجنا الفضول لنتفهم الأسباب التي تدفع إلى الهاء الشعب اللبناني بهذه المعزوفة المشبوهة، ومن هي الجهة التي لم تتعب من تروّيجها حتى الساعة، مستفيدةً من المواقف الخلّبية الصادرة عن المقرّبين من قصر بعبدا على طريقة: لا نية بالبقاء، ولكن!

فلا ندري إلى أي منعطفٍ ستقودنا هذه الـ (لكن) عندما يتوعّد صهر العهد بـ "المشكل الكبير" ويطالب بكيفية تنظيم الفراغ ويهدد "بوجود خيارات كثيرة، بينها ما لا نريده كبقاء الرئيس بعد انتهاء ولايته، وبينها أيضاً سحب التكليف المعطى للرئيس المكلف أو تشكيل حكومة أخرى"، (الأخبار ٣٠/٨/٢٠٢٢)

ذلك، في ظل التأجيج الطائفي الذي تعدّى الاستهلاك السياسي المحلي لينذر بأوخم العواقب من ردود الفعل الطائفية الأخرى التي تفعل فعلها للأسف، في مصادرة العقل والتفكير المنطقي لمصلحة الشحن الغرائزي الذي لا تقوم منظومة الفساد سوى به على حساب الدستور والقوانين والمؤسسة الوطنية.

ليخرج القصر الجمهوري بموقفٍ واضح غير ملتبس يعلن التزامه الدستور، وأن دقيقةً واحدة لن تُبقي الرئيس في القصر بعد انتهاء ولايته، وأن كل ما يشاع عن نوايا تصعيدية تعيد اللبنانيين إلى أيام "قصر الشعب" في أواخر تسعينات القرن الماضي، ما هي إلا محض هراء تسئ إلى ساكن القصر أكثر مما تخدمه وهو الذي سيخرج من ولايته مثقلاً بكل أوزار وسلبيات عهده التي نجزم أن ليس هو وحده من يجب أن يتحمّلها وسط دبابير المنظومة السياسية مجتمعة التي لكل منها دوره في التخريب وتعبيد الطرق نحو "جهنم ". إنها الطريقة الأسلم والأسهل على الرئيس ميشال عون في لجم كل ما يعتبره افتراءات وكيدية تطاله هو وتياره السياسي، فليُرِح نفسه ويُرِح الشعب الذي يكفيه ما هو فيه من هموم ترزح تحتها الجبال، ولتخرس بعدها الألسن وأبواق الفتنة التي تضلل اللبنانيين وملاحقتها كما تقتضي القوانين وإلا، علينا أن نتهيّأ لتقبُل العيش في غابةٍ كبيرة يأكلُ فيها القويُ الضعيف، ولا شريعة تحكمها سوى شريعة الغاب، لكلّ شارعٍ فيه شريعته ورموزه لتحيا معها الفتنة في بلدٍ يُحْتَضَرْ، ما عاد وطناً لجميع أبنائه.






الخميس ١٢ صفر ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / أيلول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة