شبكة ذي قار
عـاجـل










هل يمتلك الصدر المقومات الكافية لقيادة حركة الاصلاح ومحاربة الفساد في العراق؟


مقتدى الصدر لا يحمل سوى امكانيات دراسية ودينية بسيطة ، فتحصيله  الدراسي لا يتعدى شهادة الابتدائية وتعليمه الديني تم في مدينة قم بمدرسة دينيه  مغمورة ، لا يمكن مقارنتها بالمدارس الدينية المرموقة في النجف التي تخضع عادة إلى المنافسة والتقييم الفقهي .هذا ومن الناحية القانونية فان مقتدى مطلوب للقضاء العراقي بموجب المادة 4 ارهاب عن جريمة قتل منافسه في المذهب مجيد الخوئي عام 2003 وكذلك  تسببه في مقتل عدد من المتظاهرين في حركة تشرين  بمدينة كربلاء ، كما اعترف على ذلك بنفسه في الاعلام والتي أسماها في وقتها بجرة اذن.

 ويعد الصدر من الأثرياء العراقيين الذين يشار لهم بالبنان نظرا لما يملكه من ثروة طائلة تقدر بحوالي 150 مليار دولار حسب التقرير الذي أرسلته السفارة الأمريكية في بغداد إلى هيئة النزاهة العراقية وأكد هذه المعلومة النائب عن التحالف المدني الديمقراطي مثال الآلوسي. وهو ليس مستبعدا إذا كان أحد أعوانه من الصدريين الذي لمه من الشارع يمتلك الأن حوالي 16 مليار دولار. وتوجد دلائل عديدة على الثراء الفاحش للصدر، منها امتلاكه طائرة خاصة بالإضافة إلى أصول وأملاك وشركات موزعة على كل من العراق ولبنان وإيران وانكلترا. علما أن مقتدى كان يعاني قبل الغزو الأمريكي من ضائقة مالية كبيرة بعد وفاة أبيه أدت إلى فقدانه أهم مورد مالي من أموال الحقوق الشرعية (الخُمس والزكاة وغيرها) التي كانت تدفع لوالده في السابق كمرجع ديني، بسبب تحويلها إلى خليفته الحائري وهو رجل دين ايراني.

لقد كان مفتاح الثروة التي حصل عليها مقتدى هو المال الحرام الذي جمعه عن طريق دخوله إلى عالم السياسة من أقذر أبوابها، متحديا بذلك وصية والده التي حذر فيها أبناؤه من مغبة سلوك هذا المجال الشائك، كما ورد على لسان مقتدى نفسه الذي قال "الدراسة هي التي اوصانا بها السيد الوالد وقال يا شباب صيروا مجتهدين ولم يقل حبيبي يا شباب اوصلوا البرلمان أو الانتخابات بالعكس احنا طلبة السيد كان يوقعنا على عدم التدخل في السياسة". وهذا التمرد لمقتدى على أولياء النعمة عليه ليس بشيء غريب منه، فقد سبق وأن انقلب 180 درجة على نظام حزب البعث الذي كرم والده ورعاه بصفته مرجع ديني عربي وسارع في القبض غلى الأشخاص الذين اغتالوه وأشرك مقتدى نفسه في عملية التحقيق معهم. ولكن بعد مرحلة الغزو الأمريكي تنكر مقتدى لكل تلك الجهود الكريمة مدعيا أن البعث وراء اغتيال والده ولم يكتف بذلك بل اتخذ موقفا عدائيا لا مبرر له في وجه الحزب، من أجل ارضاء أسياده الايرانيين والمشي وراء أجندتهم. لقد فتحت هذه المواقف المتخاذلة لمقتدى أوسع أبواب الفساد السياسي بعد سنة 2003 فجعلت منه أحد أهم ايقونات النفوذ والمال والسطوة في البلاد. ويعود الفضل في ذلك النعيم إلى الايادي الايرانية التي احتضنته ووجدت في الارث الديني الذي ورثه عن والده مصدرا مهما لتسليط الضوء عليه كشخصية شيعية شعبية تستطيع أن تستقطب العديد من البسطاء والعاطلين عن العمل والمرفوضين من المجتمع ليجمعهم تحت لواء جيش المهدي الذي أنشأه مباشرة بعد الغزو الأمريكي للعراق.

وهذا الارتباط الوثيق لمقتدى مع إيران قد ترجمته حكومة الملالي على شكل مساعدات مالية تدفع له من قبل الحرس الثوري الايراني بانتظام والتي تراوحت ما بين 750 ألفا إلى مليون دولار شهريا. جزء بسيط منها فقط كان يصرف كدعم للعمليات التخريبية التي يقوم بها أنصاره من جيش المهدي داخل العراق والباقي يذهب إلى جيبه. وكان قيس الخزعلي مساعده السابق وزعيم عصائب أهل الحق حاليا قد أكد حقيقة هذا الدعم المالي لمقتدى من قبل إيران خلال الاعترافات التي أدلى بها إلى القوات الأمريكية ونشرتها النيويورك تايمز، بعد أن تم اعتقاله من قبل هذه القوات عام 2007 بتهمة قتل خمسة جنود أمريكان.

وفي عهد حكومة اياد علاوي استحوذ الصدر من هيئة النزاهة على 500 مليون دولار كتعويض للانتفاضة الصدرية كما استولى على 11مليار دولار العائدة لأموال مشاريع المناطق الشيعية في بغداد والمحافظات الجنوبية،

 واستطاع ابتزاز رئيس الوزراء المالكي على 160 مليون دولار مقابل الموافقة له على تمرير الولاية الثانية لرئاسة الوزراء.

 

 

ويقول الخزعلي في اعترافاته للأمريكان أن مقتدى اعتمد اسلوب عوائل المافيا لجمع المال من المصادر العديدة داخل العراق، فكان يحصل على قسم من تمويله عبر مكاتبه الاقتصادية التي تعتبر واجهة للفساد، مهمتها الأساسية استخدام نفوذ الصدر للحصول على مشاريع واستثمارات من الوزارات والمؤسسات الحكومية. ويتم في العادة إبرام صفقات كبيرة عبر الوزارات التي يسيطر عليها أعضاء من التيار الصدري حتى وان كانت تلك الصفقات غير مجدية للوزارة، لكن المهم أنها تدر أموالا لصالح التيار يكون نصيب مقتدى حصة الأسد منها. ولهذا السبب كان التيار الصدري دائما يهتم باختيار وزارات خدمية في أية تشكيلة وزارية جديدة لأنها في الغالب تمتلك كمية دسمة من الصفقات التي يتم ابرامها.  وقد عمد الصدر في الحصول على هذه الوزارات الخدمية في حكومة المالكي الثانية وكذلك في حكومة العبادي التي انتهت عقودها في جيوب التيار. وفي ظل حكومة عادل عبد المهدي تصاعد فساد التيار الصدري كثيرا بعد أن تربع على مناصب ثلاث وزارات حيوية هي النفط والصحة والكهرباء. وقد اتبع الصدر في هذه الحكومة سياسة جديدة للابتزاز والفساد، تم خلالها منح الوزارات إلى أشخاص معينين مقابل ملايين الدولارات تدفع له شهريا بشكل غير مباشر عبر بعض الوسطاء. بالإضافة إلى الموارد الكبيرة التي تصله من العقود التي تبرمها تلك الوزارات الثلاث. وفي هذا الصدد يقول الكاتب د. رياض الساري في مقالة تحت عنوان من يمول الحركة الصدرية نشرها بموقع نقاش، انه بالصدفةً حضر شخصيا عملية صفقة تمت ببساطة وبسهولة بين أحد التجار وشخص من الصدريين أتضح فيما بعد انه بمنصب كبير في وزارة الصحة للاتفاق حول تجهيزات للوزارة التي يتولاها أيضا وزير من التيار الصدري.

وعندما جفت مصادر التمويل الايرانية، لجأت مليشيا الصدر إلى اسلوب التمويل الذاتي التي تتخذ من ممارسة أعمال الابتزاز والبلطجة وسيلة للسيطرة على محطات توزيع الوقود وبيع المحروقات في السوق السوداء واخضاع بعض الأرصفة في ميناء البصرة لسيطرتها وفرض الضرائب الخاصة بالتيار على البضائع الصادرة والواردة. فضلا عن الحصول على مصادر مالية اخرى بطرق ملتوية. ولا تنسى هذه المليشيات في العادة حصة سيدهم مقتدى من هذه الغنائم التي يحصلون عليها عن طريق السخط الحرام.

 وفي مجال انتهاك حقوق الانسان، فقد شهدت محافظة صلاح الدين ومدينة سامراء بالذات ممارسات تعسفية من قبل مليشيا الصدر والتي تسببت في العديد من المغيبين الذين لا يعرف مصيرهم لحد الأن. ومن ناحية ثانية فان موضوع المغيبين الذي حصل في مناطق أخرى مثل جرف الصخر والصقلاوية والفلوجة والموصل والمسؤولة عنه بعض المليشيات الولائية لم يحظ يوماً باهتمام الصدر ولم يبذل جهدا لمتابعته رغم أهميته الكبيرة لآلاف العوائل العراقية الذين لا يعرفون مصير أبنائهم، لأنه لا يريد أن يغضب إيران الراعية لتلك المليشيات. علما أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن العراق يعتبر الدولة الأولى في العالم بعدد المغيبين فيها.

كذلك لم نلاحظ أن الصدر قد تطرق إلى أسباب توقف التنمية الاقتصادية في العراق بعد العام 2003 ودور إيران المعطل للنشاط الصناعي والزراعي كي يبقى البلد معتمدا على الصادرات الايرانية. ولم يتحدث أبدا عن سرقات النفط وتهريب المخدرات التي تقوم بها المليشيات عبر الحدود مع إيران. وهو يتجاهل أيضا حالات الفقر في العراق ووجود عوائل تأخذ قوتها من بقايا الأزبال في بلد يعتبر في طليعة المصدرين للنفط في الشرق الأوسط. لكن في نفس الوقت أبدى الصدر حماسة كبيرة للاطمئنان على توفر القوت والسكن المناسب لخمسة ملايين زائر ايراني في زيارة الأربعين دخلوا بالمجان إلى العراق، وبعضهم كانوا من أفراد الحرس الثوري الايراني.

يكفي الخداع باسم الاصلاح، فاذا كان مقتدى الصدر ينوي حقا الدعوة إلى الاصلاح ومحاربة الفساد في العراق بشكل جدي، عليه أن يستغفر الله تعإلى عن الجرائم التي ارتكبها بحق العراقيين ويبدأ أولا بإصلاح نفسه والتخلص من الفساد الذي يحيط به وبجماعته من الصدريين قبل أن يفكر بالتوجه إلى اصلاح الفاسدين الأخرين.

 (إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم).

أ.د. مؤيد المحمودي

19/9/2022






الاربعاء ٢٥ صفر ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أيلول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مؤيد المحمودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة