شبكة ذي قار
عـاجـل










ما هو المطلوب من شباب تشرين الأبطال

علي العتيبي

 

منذ أول انطلاقة لثورة الشباب في العراق في تشرين 2019 والتي استنبطت من اعتصامات شباب وثوار المحافظات المنتفضة ضد حكم المالكي في 2013 ومن أول يوم فرح الشعب بهمة الشباب وروحهم الثورية، وكان الأمل يحدوا في الأفق لإنهاء العملية السياسية، وكانت الثورة بقوتها، وأصبح كل الشعب يؤازرها ويدعمها وهم فرحون بهذه الانطلاقة التي قادها شباب كسروا حاجز الخوف ثم أسقطوا الطائفية المدمرة التي زرعها المحتل وأذنابه، إلا أن ذلك لا يروق للمحتل الأمريكي وحلفائه، ولا لإيران جارة الشر، وأيضا لا يروق للأحزاب التي حكمت في ظل قوة المحتل وشكلت ميليشياتها الإجرامية فقاموا بالقنص والخطف والقتل والتغييب وممارسة أبشع أنواع الإرهاب والاضطهاد ضد الثوار، ورغم كل ذلك فإن عزيمتهم لم تفتر ولم تستكين، رغم أنهم قدموا أكثر من 800 شهيد  وأكثر من 25 ألف جريح ومعاق خلال الشهر الأول من انطلاقتها، وقد ركبت بعض الأحزاب والتيارات المشاركة في العملية السياسية موجة التظاهرات، وكانت بثلاث اتجاهات ، الأول اتجاه تشويه سمعة الثورة والثوار بأن دسوا  في الخيم من العواهر العاملات في مراقص عمار الحكيم وبعض ساقطي الأخلاق ليمارسوا ممارسات لا أخلاقية ونسبها إلى الثوار، فانكشفت اللعبة وفضح التيار العريض  بهذه اللعبة، وصارت وصمة عار عليه، أما الاتجاه الثاني والذي أطلقوا عليه الطرف الثالث، وهم ميليشيات تلك الأحزاب التي ارتكبت أبشع الجرائم، وكانت مجزرة السنك  التي انكشف فاعلوها من خلال كتابتهم على الجدران كلمة (الخال) والتي يطلقونها على زعيم عصابة حزب الله، وبهذا وصم هذا الحزب بالجريمة ومعه من يسانده من الحشد الولائي، أما الاتجاه الثالث وهو زج جهاز المخابرات عناصره بخيم مع المتظاهرين، وصاروا يدخلون وكلاءهم للتحرك على بعض قيادات الحراك وتجنيدهم على أساس أنهم تشرينيون، وهذا ما تم،  وانكشفوا لاحقاً حينما سقطت حكومة عادل عبد المهدي، وجاء الكاظمي، وصاروا مستشاريه، والبعض شكل كتلاً  لغرض المشاركة بالانتخابات، وهذا ما حصل، وكلهم بنهج واحد هو تخريب ثورة الشباب، أما الاتجاه الرابع وهو الأخطر والذي مارسه التيار الصدري  من خلال زج مقاتليه، الذين يعتمرون القبعات الزرقاء، تحت حجة حماية المتظاهرين، ولكن بعد أن يئست الحكومة ومعها إيران وميليشياتها الولائية من فض الاعتصامات والتي اتخذت من المطعم التركي مركزاً لها فقد أسندت مهمة إنهائها إلى التيار الصدري، فأصبح حماة الأمس مجرمي اليوم، لأنهم منخرطون مع المتظاهرين، فمارسوا أبشع الجرائم من خلال رمي بعض المتظاهرين من بناية المطعم التركي، وضرب المتظاهرين بالسكاكين خلسة، وأحدثوا فوضى، وراح ضحايا كثر من الشباب نتيجة هذا الغدر. وكل الأساليب لم تلوِ ذراع الشباب، فأجبر البرلمان على تغيير قانون الانتخابات واستقالة الحكومة، وهذه ليست مطالب أساسية، ولكنها تخدم بعض المشاركين بالعملية السياسية التي ضربت الثوار، ولكن بقي الثوار على نهجهم الثوري.

أفرزت الانتخابات نتائج جعلت المشاركين بالعملية السياسية يتصارعون فيما بينهم، حيث أثبتت فشل جميع الأحزاب والميليشيات الولائية بالانتخابات أمام الكتل الأخرى، ومنها التيار الصدري الذي كسب أعلى المقاعد رغم أن نسبة المشاركة الحقيقية لا تتجاوز الـ 12 بالمئة، وهذا التيار الذي حصل على 73 مقعد أراد أن يفرض إرادة قائده وأن يحكم البلد، وبدأت اللعبة بين أطراف العملية، ففشل الجميع في تشكيل الحكومة، فسحب مقتدى قطيعه من مجلس النواب وحل محلهم الولائيون وانخرط معهم بعض ممن يدعون أنهم تشرينيون، فأوعز مقتدى إلى أتباعه باقتحام المنطقة الخضراء، لكنه كان اقتحاماً أهوجاً دون تخطيط، لأنه يحب الفوضى، ولا يريد إنهاء اللعبة بل يمارس من خلال أتباعه الضغط والتحكم بأكبر عدد من مفاصل الدولة، لأن من يريد الاقتحام لا بد أن تكون له خطة مرسومة تخدم الشعب، لكنه أراد بلعبته أن ينخرط معه الثوار الحقيقيون ليتخلص منهم بحيث يدعهم في الواجهة مع الحكومة والميليشيات الولائية ثم ينسحب، ولأن الثوار ليس لديهم ثقة فيه فقد عزفوا عن مشاركته، وبعد أن سيطر على مجلس النواب والمنطقة الخضراء خرج بخطاب هزيل مرتجف وأعطى الأمر إلى الرعاع بالانسحاب خلال 60 دقيقة، بعد أن أعطوا ضحايا عشرات القتلى ومئات الجرحى، وقال قولته المضحكة المبكية: (القاتل والمقتول في النار)، وكأنه نزل عليه الوحي بها، وبعدها تناخى الشباب للخروج بمظاهرة بنية الاعتصام يوم 1/10 وهو خروج ليس احتفالاً بذكرى تشرين، بل هو تجديدٌ للثورة واستمرارها، ولكن أيضاً زج التيار ببعض عناصره، والغاية معروفة هي الغدر، وجاء الغدر الثاني من بعض ممن يطلق عليهم ناشطي وقادة الحراك ممن باعوا أنفسهم للأحزاب الولائية وخدعوا الثوار، فأعلنوا الانسحاب، وبقي الشباب بين نارين فقد تمت مطاردتهم من قبل الميليشيات والقوات الأمنية، فاعتقل من اعتقل، وقتل من قتل، وجرح من جرح، وكل هذا غايته زرع اليأس في صفوف الثوار  واحباط نفسية الشعب بأنه لا فائدة من الثورة وعليكم الرضوخ للأمر الواقع، ونبقى نحكمكم وفق هوى الولي الفقيه.

وبعد هذا، فإن الشباب لم تنثنِ عزيمتهم، ويجب أن يتعلموا من هذه الأخطاء، وقد عرفوا أن كل من ساهم بالعملية السياسية هم أعداء للشعب، فيجب أن يتم تنظيم الصفوف بشكل منسق، وتعيين قيادات حقيقية منها من يكون خارج الساحات ومنها من يكون مع الشباب، وفي كل محافظة بتنسيق عالي، وسرية الاتصال وتشكيل فصائل ذات حس استخباري لتحديد وتحييد المندسين، يرافق هذا كله يجب أن يكون هناك تنظيم عسكري مسلح لحمايتهم والدفاع عنهم، لأن أي حراك سلمي لن ينفع في تغيير العملية السياسية .

نقول من المؤسف أن نعطي شباباً بعمر الورود دون تحقيق الهدف، وما قدمته تشرين من شهداء يستحق أن تتحقق أحلامهم وهم في قبورهم، وهو التغيير الشامل وتحرير العراق وطرد المحتل الأجنبي وجار السوء وكافة الذيول والعملاء.

أيها الثوار رصوا صفوفكم ونظموا أوضاعكم، وشكلوا قياداتكم الميدانية، وضعوا الخطة ثم انطلقوا على بركة الله، فلا تحرير للوطن دون الكفاح المسلح مع العقل السياسي.






الاربعاء ١٦ ربيع الاول ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي العتيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة