شبكة ذي قار
عـاجـل










قراءة في بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

الصادر في 26 تشرين الثاني 2022  - الحلقة الثانية

 

زامل عبد

 

ما يحصل في إيران الآن  من احتجاجات غير مسبوقة وتمرد داخل أسر الملالي ومنها ابنة شقيقة خامنئي وفائزة رفسنجاني وما يصرح به أحمد نجاد بين حين وآخر مما أدى إلى حرمانه من الترشح لرئاسة إيران في الانتخابات الأخيرة دلالة على وعي الشارع الإيراني لما يحصل وما يريده الملالي، وبدأ الشباب الإيراني ونساء إيران النظر إلى الواقع بعد أن رفعت الغشاوة عن بصيرتهم وتأثراً بالمحيط أو المتغيرات الإقليمية والدولية، وكانت القيادة الوطنية القومية في ثمانينات القرن المنصرم حددت رؤيتها من خلال التقرير السياسي للمؤتمر القطري التاسع للحزب -  مناقشة ومعالجة المسألة الدينية - كونها المنفذ الذي تستخدمه النظام الصفوي الجديد في إيران لتحقيق أهدافه وغاياته، والعدوان الصفوي المبيت على العراق في 4 أيلول 1980 وما قبله ولا بدّ من العودة إلى دراسة التاريخ ، فإنه ينبئنا بأن كلًا من إيران وتركيا قد احتفظت بطموحات إمبراطورية تجاه العراق، ويروي التاريخ أن ملك الفرس سيروس قد تحيّن فرصة وفاة الملك نبوخذ نصر عام 562 ق.م مستغلًا الضعف الذي أصاب بابل ليحاصرها ويسقطها بجيشه عام 583 ق.م هذا في الماضي البعيد أما الحاضر فإن مراسل مجلة الإيكونيميست البريطانية وصف الحرب الإيرانية  المفروضة على العراق   ( 1980 -  1988 ) بقوله (( هذا واحد من أقدم الخلافات في العالم ، وهو يدور على طرفي هوة عرقية من حيث الأساس ، يمكن تتبّع جذور مشاعر العداء الحالية إلى معركة القادسية التي دارت رحاها في جنوب العراق في عام 637 للميلاد حيث قضى فيها جيش من العرب المسلمين على جيش أكبر حجمًا من الفرس الزراد شتيين وعلى الإمبراطورية الساسانية الهرمة  )) ، ووصف جيفري غادسن من صحيفة كريستشان ساينس مونيتور الأميركية الحدود الفاصلة بين العراق وإيران بأنها من  (( أكبر الهواة الأمنية والثقافية على سطح الأرض  ))  ،  وكانت علاقات إيران مع العراق سيئة قبل وقوع المتغير السياسي عام 1979  وسرقة الخميني لثورة الشعوب الإيرانية  بل صادر حقوقها  بدستوره الذي اعطا الأفضلية للفرس في إدارة الدولة  في كافة مناحي الحياة ،  وكان شاه إيران يساعد على نقل الأسلحة (( الإسرائيلية  )) والأميركية إلى الأكراد في شمال العراق لكن لم يسهم سقوط محمد رضا بهلوي لم يسهم مطلقًا في تحسين العلاقات بين البلدين  فإن نظام الملالي قد دعمت حزب الدعوة العميل من أجل معارضة النظام الوطني  بأفق طائفي ، كما دأبت إذاعة طهران على حث أبناء جنوب العراق على مقاومة النظام الوطني العراقي واللجوء إلى العنف عند الحاجة ،  وتسلل عملاء إيرانيون إلى المدن الجنوبية  -  كالبصرة وميسان وذي قار وواسط والكوفة والنجف وكربلاء وبابل لحث الناس على التظاهر والعصيان ورفع صور الخميني ، كما جهد عملاء إيرانيون لتنفيذ عمليات اعتداء على بعض القياديين البعثيين ومن بينها قنبلة ألقيت من عميل إيراني على الرفيق المغفور له طارق عزيز وطالبين في نيسان 1990 عندما حضر تجمع طلابي في جامعة المستنصرية  ، كما وحث الخميني شخصيًا الجيش العراقي على رفض الأوامر ، ودعا الشعب للثورة لإسقاط النظام الوطني  فكان التحدي بالبيعة الشعبية للقائد الشهيد الحي صدام حسين  ، لم يتحقق في هذه الحرب أي شيء سوى تمهيد الطريق ثانية عام 1991، وفرض نظام عقوبات (لقتل الأطفال العراقيين) طيلة 13 سنة متواصلة، ولشن حرب عدوانية كبيرة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها عام 2003، ودفع العراق من جرائها إلى حرب أهلية  ،  ومن الأمور التي لابد من الإشارة اليها بان المحللين الاستراتيجيين بينوا لم تنته الحرب بين إيران والعراق بمعاهدة سلام بين الدولتين، بل حصل ذلك عن طريق قبول الطرفين لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 598، والذي أدّى إلى وقف لإطلاق النار في تموز عام 1988 ، بل انتهت الحرب دون نتائج حاسمة بالنسبة لأي طرف من طرفيها لقد فشلت إيران في قلب نظام صدام حسين ، كما فشلت في التوصّل إلى اتفاقية جديدة ( معاهدة ) تحقّق أمن الحدود بين الدولتين ، كما قبلت بإنهاء الحرب دون الحصول على أي حق بالمطالبة بتعويضات عن خسائر الحرب  ،  من تدخل بالشأن الداخلي العراقي بتحريك عملائهم  وادواتهم  في حزب الدعوة العميل وما خرج منه او الرتل الخامس الذي تنكر لخيرات العراق التي انعم فيها  واعني من هم من أصول فارسيه متواجدين في مدن ومحافظات العراقية كمتجنسين او أقامه  ،  وقد تناولت القيادة القومية ببيانها في 26 تشرين الثاني 2022 ذلك  {{  إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي  ترى في هذا الذي يجري في إيران حالياً ، إنما يعبر عن حجم الاحتقان الشعبي المتراكم على مدى عقود من الزمن تعطلت فيه الحياة السياسية ، إلا ما يخدم النظام القائم على القمع في الداخل الإيراني ، والاندفاع إلى الخارج الإقليمي وخاصة المدى العربي منه ، في تنفيذ لاستراتيجية تهدف إلى تفكيك بنى الدولة الوطنية العربية ، وتغيير التركيب الديموغرافي لبنى المجتمع العربي وحيث وصل التغول الإيراني في العمق القومي العربي  ، إن هذا الذي تعيشه إيران حالياً ، أماط اللثام عن حقيقة الوضع الذي حاول النظام إخفاء معطياته فترة طويلة ، متستراً  برفع شعارات ضد الكيان الصهيوني وما يسميه نظام الاستكبار العالمي في الوقت الذي يجري فيه الصفقات السرية مع هذين الطرفين خدمة للمصالح المشتركة التي تجمعهم على حساب الأمة العربية ومصالحها الحيوية ، وكان آخرها صفقة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة التي أديرت برعاية أميركية في استجابة مكشوفة للمطالب الأمنية والاقتصادية الصهيونية، وإعادة تعويم الدور الإيراني في العراق والإفراج عن ٧ مليار دولار أميركي محتجزة في البنوك الغربية وغض النظر عن تصدير النفط والغاز الإيرانيين لتلبية حاجة السوق الأوروبي كبديل عن الغاز الروسي  ، إن القيادة القومية التي تؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها وتحديد خياراتها السياسية انطلاقاً من الموقف المبدئي القائم على عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،ترى في هذا الذي  تشهده الساحة الإيرانية من انتفاضة شعبية شاملة لم يستطع النظام احتواء تداعيتها حتى الآن رغم القمع المفرط الذي تمارسه الأجهزة السلطوية ، هو بداية تحول إيجابي في الرأي العام لدى الشعوب الإيرانية ضد سلوك نظام الملالي  في سياساته القمعية الداخلية  ، كما هو دليل على أن السياسة العدوانية التي ينتهجها هذا النظام مباشرة أو عبر أذرعه الأمنية المليشياوية في العديد من الأقطار العربية ، إنما بدأت ترتد عليه في الداخل من خلال الانتفاضة الشعبية التي تدعو قواها  للتغيير واسقاط النظام   ....    كما بلجوء النظام الإيراني إلى تصدير التفاعلات للأزمة الداخلية المتفاقمة ، برفع مستوى تدخلاته في دول الجوار من خلال الاعتداءات المتصاعدة  على شمال العراق والتهديد باجتياح بري ، في استحضار لمواقفه التي سبقت تحضيراته للعدوان على العراق في الرابع من أيلول ١٩٨٠، والتي توازيها  الاعتداءات  العسكرية التركية على الشمال العراقي والتهديد باجتياح عسكري للشمال السوري  ومثلها الاعتداءات الصهيونية على سوريا بحجة ضرب المواقع الإيرانية ، في نفس الوقت الذي تدار فيه اتصالات سرية بين الكيان الصهيوني والنظام الإيراني ، وعلنية مع تركيا لرسم خطوط تقاسم  المصالح بين  القوى الإقليمية على حساب الأمن القومي العربي   }}

 

يتبع بالحلقة الثالثة






الخميس ١٤ جمادي الاولى ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / كانون الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة