شبكة ذي قار
عـاجـل










استراتيجية (الدومينو) تضع خيارين أمام طهران.. كيف؟

د. أبا الحكم


 

1-لم يعد الوضع يحتمل في إيران ولا في الأقطار العربية ولا في المنطقة والعالم بما يرتكبه النظام الايراني من جرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية والاعدامات بالجملة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى والتمدد الخارجي والعدوان على منافذ البحار والخلجان والمضائق الاقليمية والدولية  والاشتراك في الحروب ودعم الارهاب وتصديره منذ عام 1979 ولحد الآن .. انتهت هذه المرحلة وعمرها اربعة عقود من الجرائم الفارسية المنظمة.

2-النظام الايراني لم يعد قادرا على البقاء على قيد الحياة دولة إرهاب - ثيوقراطية ترفضها الشعوب الايرانية والشعب العربي وشعوب العالم كما وتدينها القوانين الدولية والوضعية ونواميس الإنسانية .

3-المعادلة الآن بلغت حد تغيير  النظام من الهمجية القسرية المذهبية الى نظام (ديمقراطي- ليبرالي- تعددي- غير نووي- في بيئة اقليمية تشترط الأمن والاستقرار والتنمية - خالية من الاسلحة النووية).

4-اساليب الهروب إلى الامام عن طريق خلق المشكلات في خارج الحدود من اجل تخفيف الضغط الداخلي، ولفت الانتباه الى موضوعات اخرى بعيدة وتشتيت الانتباه عما يحدث في داخل ايران من قمع واعدامات وجرائم  وكوارث، تعدُ اساليب فاضحة لا تستقيم مع الاوضاع بالغة الخطورة في الداخل الايراني.

5-التغيير لا بد منه والخيارات لا تتعدى اثنتان من الخيارات إما 1- تقسيم ايران، ولهذا الخيار حساباته وتداعياته الجيو- سياسية على المنطقة التي تحيط بايران كبيرة ، وذلك بسبب من فسيفساء الدولة الايرانية التي تتشكل من قوميات مختلفة – كرد وتركمان وعرب وأذريين وبلوش وآخرين فضلا عن اديان ومذاهب مختلفة ايضا – هذا الفسيفساء يمكن ان يتفجر بسهولة ويتحول الى كتل ملتهبة من الصراعات بالضد من النظام الايراني، ويمكن ان يدخل في دوامة صراعات متعددة حول حدود الجغرافيات الادارية وموارد البلاد المتنوعة، واحتمال انتقال موجات الافعال التقسيمية الى دول الجوار بفعل تشابك القبائل والانتماءات العرقية والدينية .. وهذا الوضع قد يمنع صانع القرار من تفجيره إلا في حالة تنفيذ مخطط (قوس الازمات) الذي جاء به بريجنسكي في رقعة الشطرنج الاورآسيا، الذي بموجبه يمنع الصين وروسيا من التمدد وحرمانهما من مجالهما (الحيوي).

6-أماالخيار الثاني الذي يضع الأمور في نصابها دون تداعيات ذات الطبيعة الاستراتيجية فيتمثل بخيار تغيير النظام في طهران بدون كلف إقليمية ومخاطر دولية، وهذا الخيار لا يسعى من أجل احتواء النظام حتى يغير سلوكه المشين مثلما كان ثابتاً في عهد أوباما إنما يضع النظام بين كماشتين، الشعوب الايرانية التي تقوض اركان النظام من الداخل، والعقوبات التي تقطع شرايينه وأودته الفاسدة، وإذا ما حاول ان يعبث بوسائل التدمير الشمشومية فأن الخيار الثالث يقوم على إسكات هذا النظام وركائزه إلى الأبد.

7-والنتيجة المؤكدة ان جدار النظام الايراني حين ينهد ستتفكك الاذرع وتفر عناصره أو تموت تحت احذية الشعب في العراق ولبنان وسوريا واليمن .. وهذه هي النهاية غير المأسوف عليها للحشد الشعبي ولجماعة حسن نصر الله وللمليشيات الفارسية في سوريا ولمليشيات الحوثي في اليمن .

8-فمن يريد الخلاص من هذه الخاتمة السوداء عليه ان يدرك جيداً ماذا سيفعل وكيف سيتخلص من هذا المأزق وان يدرك ان النظام الايراني ميت لا محالة ولا احد يحميه من مصيره المحتوم لا روسيا ولا الصين وحتى هاتان الدولتان تدركان مصلحتيهما جيدا ولا تراهنان على حصان خاسر.!!

حسابات تؤشر تداعيات الوضع في ايران :

1- العملة الايرانية بلغت اكثر من (480) ألف تومان للدولار الواحد . وهذا مؤشر كبير للوضع الاقتصادي المنهار 2- الاحتجاجات الجماهيرية قد اتسعت وشملت كل اطياف المجتمع الايراني بكل قومياته 3- الانقسامات التي اصابت بنية المؤسسات العسكرية والأمنية للنظام السياسي فضلا عن تصدعات حلت ببنية البرلمان ومجلس الشورى ومراكز المذهب التشيعي الفارسي وخاصة في (قم) 4- التصدعات التي اصابت بنية التعليم في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والكليات والمعاهد.. فقد كان للطلبة دورهم الرائد الذي يرفض (ولآية الفقيه) جملة وتفصيلاً ، فيما ينتشر التصدع إلى طبقة التدريسيين المعلمين والاساتذة الذين يرفضون قمع الطلبة وتجاوز الحرس على حرمات الجامعات واعتقال الطلبة 5- كما ضربت الاحتجاجات الثورية الصحفيين ومراكز الفكر والثقافة في المجتمع الايراني 6- واحتلت المرأة الايرانية قمة هذه الاحتجاجات وقدمت تضحيات جسيمة في الارواح ، فيما باتت الأسر الايرانية وبكل مكوناتها تعيش حالة من الثورة قل نظيرها في الحراك الشعبي الذي تتعرض له شعوب العالم وهي تحت القمع الدموي والبطش والتهديد بالإعدام والذل والإهانة 7- ارتفاع وتيرة اصرار النظام الايراني على إعدام كل من ينتقده شفاهًا ويحتج سلمياً من اجل مطالب مشروعه ، ويصر على تطبيق نهج العبودية في الفقه والسلوك 8- النظام الايراني في عزلة، والشركات العالمية تغلق مكاتبها وحساباتها وترحل، والمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان تدين النظام الايراني، فضلا عن مجلس الأمن.. فما الذي يستبقي هذا النظام على قيد الحياة؟ وما الذي يجعله يصر على جرائمه بوجه العالم؟ ما الذي ينتظره العالم من نتائج هذا الإصرار على الجرائم التي دخلت في تصنيف (جرائم حرب) و (جرائم ضد الانسانية) و (جرائم الابادة الجماعية).؟ 9- قد تكون للتحالفات الاقليمية سببا لإطالة عمر النظام، ولكن هذه التحالفات القائمة ليست استراتيجية، إنما تكتيكية (تخادمية) مؤقتة ومشروطة بظروفها الموضوعية.. فإذا كانت الشروط الذاتية قد أملت مثل هذه (الشراكات) البراغماتية النفعية، فأن الظروف الموضوعية تتغير والسياسات تتحول على وفق المعطيات الراهنة التي تضع النظام الايراني في دائرة التغيير الحتمي، على الرغم من القراءات السياسية التي تفسر الأوضاع على إنها إعادة انتشار وتموضع قوى ، إلا أن واقع الحال يشير إلى ابعد من ذلك وهو (التسوية) السياسية compromise التي قد تأخذ طابعاً استراتيجيا في سوريا مثلاً، وذلك لاعتبارات تتعلق بواقع الصراع في اوكرانيا من جهة، والاحتقان بين أرمينيا وأذربيجان من جهة اخرى. فيما يتصاعد صراع الحدود بين دول تحيط بإيران على تخوم (القوميات) التي تراقبها عن كثب تركيا والصين وروسيا في بطنها الرخو، فضلا عن مشكلات الحدود الناجمة عن الحروب القديمة التي من السهل تأجيجها 10- لا احد يعول او يتوقع حربا تقليدية ستواجه ايران، إنما عملا يكرس عزلة النظام السياسي في طهران اقليميا ودوليا، وعناصر العزل معروفة وقائمة ومستمرة حتى يتفكك النظام ويتلاشى، وهو الآن على طريق تؤدي إلى الهاوية 11- ولن يترك السقوط (فراغاً) في السياسة ولا (فراغاً) في القوة، إنما البديل جاهز تماماً، ويطمأن الجوار السياسي والإقليمي بأن واقع التحول في السياسة والقوة سيتولاهما الشعب الايراني على وفق مبدأ التعايش السلمي في المنطقة والعالم.12- فالمغالاة التي يمارسها اتباع النظام الفارسي في طهران هي مغالاة تسويقية محلية ضيقة لا تجدي نفعاً حتى وإن اقترنت بأفعال التهديد واستخدام القوة فهي مجرد زوبعة في فنجان، فيما تشير الرياح الى وجهتها صوب المزيد من التصدع والتفكك في جدران النظام وألياته الأيديولوجية والعسكرية التي وصلت الى مرحلة الهروب إلى الأمام، فيما ستتقافز جرذان سفن الإنقاذ في العراق ولبنان وسوريا واليمن هرباً من حتمية الغرق مهما قدم النظام من تنازلات مصحوبة بوسائل المراوغة والخداع والدجل فحتمية السقوط قد دخلت واقع التنفيذ.

متغيرات العالم .. إيران في قلب عاصفة التغيير:

اولاً- منذ هروب امريكا او انسحابها من أفغانستان، اعطى إشارات بأن امريكا عاجزة عن شن حرب في أي مكان في العالم ، فشنت روسيا الحرب على أوكرانيا .. الآن، لم تعد روسيا قادرة على استمرار الحرب ، كيف؟ لأنها عمدت على ضرب البنى التحتية الاوكرانية بدلاً من مراكز القوة، فيما استعاد الجيش الاوكراني مدن واراضي محتلة، ولم يصل الطرفان إلى نتيجة .. الجلوس الى طاولة المفاوضات لإحلال التعايش السلمي عن طريق التنازلات.. السيادة الكاملة لأوكرانيا بإيقاف الحرب عن طريق الهدنة الدائمة بين الطرفين.

ثانياً- الصين لا تتحمل خسارة روسيا، وامريكا لا تتحمل خسارة اوكرانيا.. والصين ليست في موقع التهور والرد المتسرع، فهي تمارس حكمة فيلسوفها " كونفوشيوس " التي تقول (لا تغامر، بل انتظر، على حافة النهر، سوف تمر جثة عدوك).. ولكن هل تغير الصين استراتيجيتها في عصر المتغيرات؟ ربما ، حين تعلن مؤشرات تايوان (المصيدة) ، كما كانت قبلها مصيدة (كييف).!!

 






السبت ١٥ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة