شبكة ذي قار
عـاجـل










أثر الصراع السوري والسلوك الطائفي العابر للحدود على الهوية الوطنية العراقية - الحلقة الأخيرة

 

زامل عبد

 

الهوية الوطنية القومية في العراق كانت تمثل التجسيد الأساسي للمجتمع السياسي العراقي قبل وقوع الغزو والاحتلاليين 2003 ،  فإذا ما أصبحت هوية طائفية بعينها مهيمنة وظاهرة داخل المؤسسات العامة، فسيكون من الصعوبة بمكان إحياء نمط ما من الدولة القومية لتبرير استمرار العراق كبلد واحد، ستكون نتائج الانتخابات العامة المقبلة ان اوفى السوداني والاطار التنسيقي بتعهداته حاسمة في تحديد المسار الذي سيتبنّاه العراق والتي  ستتجسد في  {{سلطوية خلافية أو اتفاق جامع يهدّئ المخاوف الطائفية فتركة قرابة عشرون سنوات من حكم المالكي ومن سبقه او خلفه  تجعل من الصعب تحقيق هدف بناء التوافق الوطني وإصلاح النظام السياسي}}  ويبذل المالكي قصارى جهده لضمان العودة للسلطة كولاية ثالثة ويعتقد العديد من منافسيه أن جهوده للحفاظ على الوضع القائم تحظى بدعم الولايات المتحدة وإيران في ان واحد  وعلى الرغم من خلافاتهما ، تتمسك واشنطن وطهران بفكرة أن العراق بلد يتكون من ثلاث مجموعات عرقية وطائفية وهي فكرة من شأنها أن تستمر في إضفاء الشرعية على توجهات المالكي طالما أنه يدّعي تمثيل الأغلبية الشيعية ويوفّر منظور - عراق الطوائف - الأدوات اللازمة للتعبئة الطائفية التي تثير العداء بين هذه الطوائف في ظل قلّة الحوافز المتوفّرة لإنشاء دائرة انتخابية وطنية  ، عادة ما يهمل خصوم المالكي حقيقة أن السلطوية المتزايدة لرئيس الوزراء هي أيضاً نتيجة لفشلهم في صياغة رؤية بديلة وجذّابة ربما يتعاونون لمنع المالكي من تأمين فترة ولاية ثالثة ، لكنهم يتصدّون هم الآخرون للديمقراطية وهم بعيدون كل البعد عن تقديم أي خطة استراتيجية للمستقبل وإذا ما تمكنوا من صياغة اتفاق آخر لتوزيع المناصب والموارد بين الأحزاب المرتبطة بأسماء عائلية بارزة ( بارزاني والصدر والحكيم والحلبوسي والخنجر وما شابه ذلك ) ، فستعيد هذه القوى خلق الظروف التي أدّت إلى الوضع الحالي وبالتالي يتعيّن على المالكي وائتلافه أن يكون جزءاً من الحل وأن يقتنع بأن هذا الحل سيأخذ بعين الاعتبار مخاوفهم بقدر ما يأخذ مخاوف الجماعات الأخرى ، فمن المرجّح أن يحاول المالكي وأنصاره الحفاظ على سيطرتهم على النظام الذي بنوه حتى الآن  وهذا واضح من خلال تصريحات المالكي  ومعارضته لقرارات السوداني الخاصة بالمحافظين وسعر الدولار في سوق مزاد العملة، ومن الأمور التي لابد من الإشارة اليها أن الجهود الدولية وخاصة تلك التي تبذلها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة والتعاون بين الولايات المتحدة وإيران ذات أهمية حاسمة لتأمين توافق من شأنه أن يؤدي إلى ميثاق جديد وقد أظهرت التجربة أن النخب العراقية لا تحبذ الترتيبات المؤسّسية طويلة الأجل ، وتبدو مرتاحة أكثر للسياسة الشخصية والمحسوبية والمحاباة ولكن في مجتمع تلعب فيه صلة القرابة والولاءات التقليدية دوراً مهيمناً في تشكيل المواقف ، لن يسهم هذا السلوك سوى في فرض هرمية جديدة وسياسة إقصائية ولذا فإن المساعدة الدولية  ان كانت جدية يمكن أن تساعد على كبح هذا التوجّه من خلال دعم إطار مؤسّسي يعالج مسألة تقاسم السلطة في البلاد ، من دون تعزيز صيغة المحاصصة العرقية  والمناطقية والطائفية كما يمكن للجهود الدولية أن تدفع باتجاه تبنّي خريطة طريق سياسية لمستقبل العراق تحدد الخطوط العريضة للتغييرات المنهجية  ،  وينبغي ألا تكون رغبة خصوم المالكي في تغيير وجه نظام فاسد وغير فعال هي الدافع المجرد من المحددات الوطنية  التي ترى في العراق العربي المستقل ذا السيادة الكاملة والميثاق جديد  ينبغي أن يكون ذلك الميثاق بداية لرؤية جديدة للبلد وهويته ومساره في المستقبل..

مهما حاول الولائيون يبقى العراق بإرادة أبنائه الأخيار عزيزاً كريماً فاعلاً في محيطه العربي والإقليمي والدولي.

 






الثلاثاء ٢ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة