شبكة ذي قار
عـاجـل










الشعوبية هدفها تفتيت المجتمع العربي وقتل الإسلام المحمدي  - الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

الأمم والشعوب تمر خلال عمرها في مراحل مختلفة من الانتصارات والانكسارات، والعرب كأمة من الأمم التي شرفها الله وأعزها بدينه الإسلام يمر عليهم ما يمر على غيرها من صعود وانحدار وفيما تلا فترة ثورات الربيع العربي وما تخللها من انكسارات ومؤامرات على الشعب العربي ظهرت موجة من اليأس والعجز عند الشباب العربي ، ونتيجة لهذا الإحساس بالعجز واليأس ظهرت بعض الأفكار والمقالات والكتابات السلبية وهذا أمر طبيعي ولكنه ومع ازدياد كمية ما يكتب او ينشر وما يروج له من تحقيق ما يثبط الناس وقتل الثقة بالنفس وما يتخللها من طعن بالعرب وبالقيم الإسلامية التي يحملونها ، ولا يراود اي ذا بصيرة الشك في مصدر هذه الرسائل وتلك المقالات الطويلة المنمقة التي لا تكف عن مقارنة العرب بالغرب وتدعو إلى الانسلاخ عن الإسلام بحجة أنه المسؤول عن كل ما أصابنا من مصائب  وخاصة ما بعد ظهور التكفيريين الذين ادعو الايمان والعمل من اجل انبعاث الامة الإسلامية وفق السنة النبوية الشريفة  ، إن هذه الهجمة المنظمة على العرب وعلى ما يحملونه من ثقافة إسلامية أو يقدسونه من أوامر ربانية تعيد ذاكرتنا إلى تاريخ الحركات المتطرفة التي تبنت القيام بهجمات فكرية خبيثة على الإسلام وحملته من العرب عبر التاريخ الإسلامي الطويل حيث عرفت تلك الحركات باسم الشعوبية  ، وإن ما شاهدناه في القرن العشرين والى اليوم من هجوم على المسلمين عامة وعلى العنصر العربي خاصة هو مظهر من مظاهر عودة الحركة الشعوبية والتي تهدف إلى الطعن بالإسلام والعنصر العربي باعتباره أصل عناصر الإسلام المحمدي وكما قال الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق رحمه الله ((  لولا الإسلام لما عرف العرب ولولا العرب لما انتشر الإسلام  )) ، وبِلغتهم جاء القرآن الكريم ودونت السنة النبوية وألفت علوم الحضارة العربية الإسلامية ، ومن أساليب ووسائل الشعوبية المعاصرة تحميل العرب خاصة مسؤولية سقوط الخلافة الإسلامية من خلال تصويرهم العنصر الخائن ،والتاريخ يوثق أن سقوطها كان نتيجة لانهيار في الأمة كلها بكل أعراقها ومن مظاهر الشعوبية المعاصرة أيضا" محاولة الغرب إنكار أي مساهمات للعرب في الحضارة ، ومحاولتهم النيل من العرب بإشاعتهم في مسارحهم أن العرب قوم يخبئون ذيولهم تحت عباءاتهم الطويلة ، وكذلك نشوء تيارات من المثقفين والأدباء العرب يحتقرون قومهم وينسبون كل خير فيهم إلى اليونان والأمم السابقة وفيما تلا  ذلك المتغير المعد مخابراتيا تحت عنوان ثورة الخميني في إيران وما تبعها من محاولة للتسلط على العرب وزيادة حجم الكراهية للعرب تحت ذرائع مختلفة مما جعلهم موضوعا لكثير من الهزليات الشعبية في إيران  ومن اجل تحقيق الغاية من اختيار العنوان والكتابة فيه سأعرض موجزًا عن الإسلام وتكليف الله للعرب بحمل رسالته  والتبشير بها من اجل تحقيق القيم الانسانية في التحرر من العبودية  وامتلاك مقومات الحياة الحرة الكريمة ، وهذا ما تناوله الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق رحمه الله في خطبته ذكرى الرسول العربي من على مدرجات جامعة دمشق  عام 1943  ، وما تناوله الرفيق القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله في الدين والتراث ،  مما أدى إلى ظهور حملات منظمة للقضاء على العرب ومهاجمتهم من قبل الأمم التي رفضت الإسلام أو التي خلطته بعصبتيها القومية واستخدمت الدين في خدمة مصالحها الفئوية كما فعله ويفعلونه الصفيون وما سبقهم الفرس المجوس ، وقد خبت هذه الحركة في فترة وعادت للظهور بأشرس صورها في عصرنا الحديث وزادت من هجومها المنظم لقتل الأمل في نفوس العرب ومنعهم من التحرك والقيام من جديد ولغرض إعطاء الموضوع بعده لابد من الإشارة الى قانون الاصطفاء الإلهي ، إن الله سبحانه خلق الخلق ونوعه بحكمته وكما نوع أصناف الخلق فقد نوع خلقة البشر فمنهم الأحمر والأبيض والأصفر والأسود وجعلهم شعوبا وقبائل مختلفة  ،  قال الله تعالى*  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ* ( سورة الحجرات : آية 13 ) وكان من حكمة الله أن يصطفي من خلقه ما يشاء فقد اصطفى آدم وذريته وأخلفهم في الأرض وجعل المخلوقات مسخرة لهم ، ثم اصطفى من بني آدم ما يشاء فقال تعالى *  إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ *( سورة آل عمران : الآية 33 ) وقال تعالى * وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ *  ( سورة البقرة : آية 130  )  وكل ذلك لحكمة إلهية فقد يصطفي الله أفرادا وقد يصطفي أقواما ، وليس اصطفاؤه أقواما دليل على أن كل من فيهم هو أفضل ممن لم يصطفيهم  إذ مرجع الأفضلية إلى التقوى كما قال ربنا جل علاه  *  إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ  * ( سورة الحجرات : آية 13 )  ،  ولقد فضل الله بعض الأقوام على آخرين ببعض النعم والعطايا ، كما فضل بني إسرائيل بكثرة الأنبياء والمرسلين  قال تعالى*  يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * ( سورة البقرة: آية 47) ، وقد ذكّر موسى عليه السلام قومه بنعم الله عليهم فجاء في محكم الكتاب  *  وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ *  ( سورة المائدة : الآية 20 ) ، وعندما عصوا بدل الله حالهم وجازاهم من البلاء بمقدار ما كفروا من النعمة فقال الله تعالى  *  وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ *  ( سورة البقرة : آية 61 ) ، واصطفى الله سبحانه من مختلف أعراق بني آدم أناسا صالحين أوحى إليهم بالنبوة أو الرسالة ليبلغوا دينه إلى الناس ، وانقطعت النبوة فترة في انتظار النبي الخاتم الذي شاع نبؤه ونبأ قومه في الكتب السماوية السابقة وقبيل مبعثه كان علماء الأديان يترقبون ظهوره ، وكان اليهود لا يشكون في أنه مبعوث فيهم إذ يعتقدون أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وكان النصارى مثلهم في ذلك  ، فأقول انقطعت الرسالة فترة من الزمن  ثم شاء الله سبحانه أن يرسل نبيه الخاتم إلى عباده  فنزل أمره على نبي عربي هو سيد الكائنات محمد بن عبد الله الهاشمي المكي القرشي العدناني المضري صل الله عليه واله خير البرية  ، وكان ذلك اصطفاء من الله ونعمة منه على العرب ، جاء في صحيح مسلم عن واثلة بن الأسقع قال  {{  سمعت رسول الله صل الله علية واله وسلم  يقول (( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم  )) }} أي إن اصطفاء الله للعرب لحمل الرسالة لم يكن اعتباطًا إنما يرجع إلى أن العرب على استعداد لقبول الرسالة وحملها والدفاع عنها إذ كانوا قوما أصفياء النفوس لم تتكدر عقولهم بفلسفات الحضارات وجدليتها ويبدو أن هذا الاختيار قد أحدث ردة فعل لدى الشعوب غير العربية فأخذت تبث شكوكها و تكشف عن استيائها ، وإن قول الله تعالى * اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ * ( الأنعام  أية 12 ) ،  وهذا الرد صريح وقاطع على كل من يعترض حكمة الله في اصطفائه لمن شاء من عباده

 

يتبع بالحلقة الثانية

 






الثلاثاء ٢ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة